قال الكاتب عودة بشارات -في مقال نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية- إن العالم بدأ يتنبه اليوم إلى أن رواية إسرائيل عن نشأتها كانت خدعة كبيرة، فخلف صورة الدولة الحديثة والنهضة الحضارية يوجد شعب فلسطيني مُهجَّر وقُرى مدمَّرة وحقيقة طُمست طويلا.
وأوضح بشارات أن إسرائيل روّجت لنفسها باعتبارها ملاذا لليهود المضطهدين في الغرب، وبلدا يعمل فيها السكان المسالمون على إحياء الأرض وزراعتها، بينما يتغنون بأحلام المستقبل.
واستطرد: ولكن خلف هذه الرواية المثالية، جرى إخفاء مأساة الفلسطينيين المهجّرين، ومُسحت أكثر من 500 قرية فلسطينية عن الخريطة.
ومع كل هذا الظلم -وفق المقال- وُصم الفلسطينيون بدمغة "محاولة إبادة اليهود" رغم أنهم كانوا الضحايا الفعليين لسياسات الطرد والقتل والتهجير، وبهذا حمل الغرب فلسطين مسؤولية أخطائه التاريخية تجاه اليهود.
ولفت بشارات إلى أن أي احتجاجات أو تصريحات غاضبة من الفلسطينيين -والتي تعتبر ردة فعل طبيعية من أي شخص يواجه الدمار والطرد والموت- جرى استغلالها لتشويه صورتهم، بل وطُلب منهم تقبّل اليهود الذين طردوهم من منازلهم والاحتفال بقدومهم.
تضليل تاريخي
وبعد أن أتم الإسرائيليون صياغة خدعتهم الأولى عن نشأة إسرائيل -يتابع الكاتب- روجوا لكذبة أن 5 دول عربية غزت بلادهم في حرب 1948 (النكبة).
وبيّن المقال أن هذه الدول العربية كانت حتى وقت قصير -حينها- خاضعة للاستعمار الفرنسي والبريطاني، وهو الذي مهد لإقامة إسرائيل.
ومع ذلك، خرجت الرواية السائدة لتصوّر إسرائيل الضحية التي صمدت أمام قوى عظمى وظالمة في الشرق الأوسط، ووسعت أراضيها بعد ذلك بنسبة 22%.
وأكد بشارات أن ما حدث ذلك الوقت يطرح تساؤلات عديدة، فكيف لدولة وُصفت بأنها على شفا الإبادة أن تطرد 750 ألف فلسطيني وتحتل أراضي تفوق ما خُصص لها وفق اتفاق الأمم المتحدة؟ وكيف كان لدولة ضعيفة ومضطهدة أن تسيطر على سيناء المصرية لولا تدخل السلاح الجوي البريطاني؟
إعلان
وردّ بأن هناك إجابتين: الأولى ضعف الجيوش العربية التي اكتفت بالشعارات الفارغة لتهدئة غضب شعوبها إزاء احتلال فلسطين، والثاني أن إسرائيل كانت مدعومة من القوى الاستعمارية، وكلا الاحتمالين صحيح إلى حد ما، برأي الكاتب.
وقد تكررت نفس الإستراتيجية في حرب 1967 -حسب المقال- حين ضاعفت إسرائيل مساحتها 3 مرات بعد 6 أيام من حرب وصفت بأنها وجودية.
وأكد المقال أن الغضب الدولي اليوم لا يقتصر على الجرائم في غزة، بل على اكتشاف أن العالم كان مخدوعا طوال 80 عاما، إذ كشفت سياسات الحكومة الإسرائيلية، وممثليها المثيرين للجدل -مثل وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش– زيف الرواية الإسرائيلية وتبين للعالم أن الفلسطينيين هم الضحايا الحقيقيون.
وأشار إلى أن شعوب الدول الديمقراطية الغربية باتت غاضبة من ازدواجية معايير حكوماتها، التي عاقبت دولا مثل كوريا الشمالية والسودان وروسيا، في وقت تواصل تسليح إسرائيل على الرغم من جرائمها بغزة.
وخلص الكاتب إلى أن الحقيقة بدأت تنجلي، مذكرا بالآية القرآنية الكريمة من سورة الإسراء "وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا".
أخبار متعلقة :