الكويت الاخباري

إبراهیم نصر الله: حین تغدو النکبة جزءا من فکرة العالم عن نفسه تبلغ معناها الحقیقي - الكويت الاخباري

قال الشاعر والكاتب الروائي الفلسطيني إبراهيم نصر الله إن رواية "كل الأشياء الجميلة القابلة للكسر" ستكون الأولى من رواياته "ثلاثية الراوي العليم".

واستطرد نصر الله، في حواره الموسع مع الجزيرة نت، لافتا إلى أنه كتب روايته الجديدة التي ستصدر خلال ربيع العام القادم؛ قبل رواية "مصائد الرياح" التي تشكل الرواية الثانية من هذا المشروع، غير أنه عاد وقال إن نشر رواية "كل الأشياء الجميلة القابلة للكسر" تأخر، حيث فضّل أن يبدأ برواية "مصائد الرياح"، اعتمادا على أن كل رواية من هذه الثلاثية مستقلة بذاتها.

وحول مدى شغف القارئ برواياته واستقباله لها، يقول إبراهيم نصر الله: "القراءة المتسلسلة ستمنح القارئات والقراء فرصة لتأمل أطروحة هذه الثلاثية، التي تبدأ أحداثها زمنيا منذ فجر التاريخ (كل الأشياء الجميلة القابلة للكسر)، ثم مرورا بالقرنين 20 و21 (مصائد الرياح)، والرواية الثالثة التي تدور أحداثها في المستقبل".

ومن المتوقع أن تصدر وتنشر الرواية الجديدة لإبراهيم نصر الله خلال سبتمبر/أيلول المقب في بيروت عن "الدار العربية للعلوم"، وطبعة فلسطينية خاصة عن "دار طباق" في رام الله، كما تصدر طبعة مصرية عن "دار الشروق" في القاهرة.

حينما كانت الرواية ما تزال تتلمس طريقها على أعتاب الشعر العربي، كان إبراهيم نصر الله نجما في القصيدة، وأفقا في الفن الشعري، ومدرسة وطريقة ورؤية، عكستها دلالات وعناوين أعماله الشعرية الباكرة، في قلب مشهد الشعر الذي كانت له صولات وحضور، تستحي أمامه السرود والحكايات عند أبوابه وتكاياه.

وحينما قرر الأديب الفلسطيني خوض غمار تجربة السرد الروائي، لم يأت عبر "ورشة إبداع" أو دار نشر أو وكيل أدبي، أو جمعية تكفل الأدباء الأيتام من أصحاب تجارب الهامش أو المركز.

غير أن تجربة إبراهيم نصر الله الروائية -كشأن تجربته الشعرية- دأبت على حضوره الطليعي والطبيعي في قلب المشهد الفلسطيني والعربي في آن، واقترنت كلتاهما بنجوميته المبكرة في الأدب، وعزلته التي تضج بحضوره، كما بقيت غير قابلة للتظاهر الإعلامي أو التمظهر إلا في سياق يخدم رسالتها وخطابها الرفيع ومواضيعها ولغتها وتيماتها المتعددة، واللصيقة بفن وحرفية وتربة الأرض والإنسان الفلسطيني.

أدب نصر الله استطاع أن يذكرنا "بالتغريبة الفلسطينية" في كتاباته (الجزيرة)

وبما حمله أدبه ونتاجه الغزير من هوية ناسه وقضيته، كما لم تفارق أعماله في سياقات عدة سدة التتويج والتقدير واحتفاء القارئ العربي والعالمي بها، في بلدان وقارات مختلفة وصلت إليها رواياته المترجمة إلى أبرز لغات العالم الحية، كما وصلت أعماله الشعرية وسط احتفاء سمفوني وأكثر من نشيد كوني، وبعناية واهتمام كبيرين من جهات ومؤسسات ذات تقاليد أصيلة، لم تكن تعنى بالتربيطات ولا بعلاقات الزلفى، ولا بطابع الكرنفال العابر، أو بفرط ملتقيات وعناوين ولافتات شتى بين الأصدقاء والأقارب والأباعد عربيا وفي الشتات.

إعلان

ذلك أن المنجز الإبداعي المتنوع، أدبا وموقفا، لا يستهان به. ففي حال تجربة إبراهيم نصر الله، وبالخصوص إذا ما نظر إلى الأمر من زاوية حضوره وتأثيره وامتداده بأولويات الأدب الفلسطيني المقاوم بالكلمة والطلقة، نجد أنه منذ صدور رواية "سعيد أبو النحس المتشائل" لإميل حبيبي، وتأثير أدب غسان كنفاني، وتصدر شعرية محمود درويش، وتوقيع "حنظلة" العلي، وقصائد توفيق زياد وسميح القاسم، وأفكار إدوارد سعيد في النقد الاستشراقي، وروايات وقصص رشاد أبو شاور وزياد خداش وآخرين كثر، والأدب الفلسطيني يأخذ أبعادا في التحقق والانتشار والتأثير، وتعدد الخطاب الثقافي لفنون الإبداع الجامعة، بفن ينحو بجمالياته ومفارقاته بعيدا عن المباشر والجماهيري، والمتسيس المتخندق، أو المراوغ بالمعنى الأيديولوجي الضيق للكلمة.

لقد استطاع أدب نصر الله أن يذكر "بالتغريبة الفلسطينية"، كما جسدتها بعض تماثلاته وشواهد رواية "باب الشمس" للراحل إلياس خوري، المتعشق للقضية حتى آخر لحظة من حياته.

فيما جسد إبراهيم نصر الله، عبر رواياته وأعماله الشعرية المتعددة، حيوات وتقنيات في التمثيل السردي عبر ثلاثياته الروائية الشهيرة، وأحداث مثلت الصوت الفلسطيني وغزلت حكايات شعب وتاريخ وتبعات وأثر، أوضحت صورة "الملهاة الفلسطينية" عبر الأدب، بكل جوانبها ومفرداتها، وبكل أبعادها الحاضرة والماضية، بعين تحكي ورؤية مقاتل يكتب، فلا مكان للمهادنة في قاموسها ونضالها الأدبي، الشاهد على استمرار العدوان الصهيوني على فلسطين وغزة بوجه خاص.

"كل الأشياء الجميلة القابلة للكسر" هي رواية مكتوبة بالبصيرة عن مأساة الخروج من الفردوس بلوعة التراجيديا حينا وبالسخرية السوداء حينا آخر (الجزيرة)

سيصدر لك عمل روائي جديد بعنوان "كل الأشياء الجميلة القابلة للكسر"، ويبدو العنوان عتبة ذات دلالة عميقة.. هلا وضعتنا في صورة وطبيعة هذا العمل؟

يمكنني القول إن الثلاثية بمجموعها مساحة لتأمل الإنسان، وما أصابه من تغيرات وتحولات عبر الأزمنة منذ وطئت أقدامه الأرض، وهي مساحة أيضا لتأمل فكرة الراوي العليم الذي يسرد كثيرا من الروايات، أو ربما الجزء الأكبر منها، باعتباره مطلا على الداخل الإنساني، شاهدا على البشر منذ البدايات حتى المدى المستقبلي البعيد.

والثلاثية -في ظني- بقدر ما تتأمل بشرا واقعيين في مختلف الأزمنة، عبر ثلاث قصص حب متقاطعة في كل رواية، فإنها تسعى لطرح أفكار تأملية -حتى لا أقول فلسفية- في ماهية الإنسان وغاية وجوده وعلاقته بالعالم وبالآخرين. لذا، يمكن القول إنها مشروع روائي مستقل عن الملهاة والشرفات، على الرغم من تقاطعه معهما.

الكتابة إذا كخلاص أم كمصيدة؟ هل نكتب لكي ننقذ أنفسنا من التهام أكبر، أم أن الرواية نفسها قد تصبح فخا جديدا من فخاخ الخلاص ذاته؟

ربما يوضح هذه الحالة ذلك البيت الشعري في ديواني قبل الأخير "الحب شرير" الذي يقول: "أنا ذئبها وفريسة لفريستي".

ربما يكون هذا معبّرا عن عملية الكتابة بشكل عام، لكن في حالة الكتابة الفلسطينية يختلف الأمر أو يتشعب، ففيها تصبح الكتابة فعل وجود.

إعلان

ولعل ما يؤكد اختلافها أنه لا مسافة بين العام والخاص أبدا، فأنت فيها الفرد وكل الأفراد الآخرين، وفوق ذلك كله تلك القيم الإنسانية الكبرى التي تدافع عنها.

هكذا تجتمع في الكتابة الفلسطينية الذات وفلسطين والعالم معا. لذا، أعتبرها كتابة مدافعة عن العالم وجوهره ضد كل محاولات سحق الإنسان وتحويله إلى طعام يقدم للدبابات والقتلة ثلاث وجبات في اليوم.

إنها بشكل عام وسيلة خلاص، لكنها بصورة أدق تشبه الغوص؛ فأنت تغوص في البحر، وفي الغوص ومضة ما من معنى الغرق المحتمل دائما.

تقول: "لن ترى الإحساس إلا إذا كنت أكثر من مجرد ملتقط للصور".. فهل إبراهيم نصر الله في رواياته أكثر من راوٍ؟ هل تتحول الروايات إلى عدسة تفضح ما تخشاه الوقائع، أم تجد نفسك داخل الكادر لا خارجه؟

في الكتابة تتجمع، كما تتجمع أشعة الشمس داخل "الموشور" أو المنشور الزجاجي، وتخرج منه حزمة أشعة قادرة على إشعال النار. لا تستطيع أن تكتب وأنت مشتت، لا في خمسة أماكن ولا في مكانين.. يجب أن تكون كلك هناك، لكي تستطيع الكتابة بأعمق ما فيك من وعي، وأعمق ما فيك من إحساس. وقد قلت ذات يوم: حين تكتب بربع قلبك، يقرؤك الناس بأرباع قلوبهم، وحين تكتب بنصف قلبك، يقرؤك الناس بأنصاف قلوبهم، لذا لا تكن نصف قلبك، كن كله.

لا أظن أن العمل الأدبي هو حصيلة أحاسيس، أو حصيلة وقائع وأفكار فحسب، إنه الشيء الذي نعثر عليه في الرواية أو العمل الشعري أو… ولم نكن رأيناه من قبل، أو لم نكن نستطيع روايته من قبل، أو لم نكن نعرف أنه موجود من قبل.. يوجد حقا حين نكتبه.

رواية "مصائد الرياح" تصوير ساحر لفلسطين عبر القرنين 20 و21 (الجزيرة)

في روايتك "مصائد الرياح" تطرح أسئلة الوجود الكبرى من قلب التجربة الفلسطينية.. هل كانت فلسطين في كتاباتك منصة لسؤال الإنسان، أم أن هذه الأسئلة تمثل معبرا لسؤال فلسطين؟

فلسطين ليست ذريعة للكتابة، فهي حالة من حالات الوجود الكبرى، وهي بكل ما تعنيه امتحان كبير لأسئلة الوجود التي أرقت الإنسان منذ أن وطئت قدماه الأرض. طفلة واحدة تستشهد مثل "هند رجب"، أو طفلة رضيعة مثل "إيمان حجو"، امتحان لهذا العالم ولقيمه وشرفه وضميره، فما بالك بفلسطين كلها، بكل ما فيها من حكايات رائعة وأخرى تراجيدية وأخرى قيمية في سموها.

فلسطين هي كل هذه الأسئلة البسيطة المركبة التي لم يستطع العالم الإجابة عنها طوال 77 عاما، وغزة اليوم وحدها؛ 100 عام من العذاب في عامين، في زمن لم تعد فيه مئات الأقنعة قادرة على حجب وجه صهيوني فاشٍ واحد، فوجه فاشيته أصبح أكبر من كل الأقنعة التي يزودونه بها، وبات العذاب الفلسطيني أكثر وضوحا من أي ظلام أو تظليم يهدف إلى إخفائه.

لكن، للمفارقة، ما زالت الأنظمة الدموية تتباهى بأقنعتها، بعسكرها وبصمتها، وهي تبكي الحال الفلسطيني وتدعي الدفاع عنه والوقوف معه، في أكبر كذبة ربما عرفتها البشرية.

"عمر الرجال أطول من عمر الإمبراطوريات".. هل ترى في الرواية الآن امتدادا لعمر هؤلاء الرجال، أم أسلوب حياة ومقاومة فنية ضد هندسة النسيان؟

الفلسطيني لم ينس ليكون مضطرا لهندسة نسيانه، فهو يقول: "أنسى أحيانا لأعيش، لكنني لا أنسى تماما كي لا أموت". فالنسيان خارج وعي الفلسطيني وخارج لاوعيه أيضا. لذا، عمر الرجال أطول من عمر الإمبراطوريات، وعمر النساء والأطفال، ومن يقتلون بالنار أو بالجوع، عمرهم أطول من عمر الإمبراطوريات.

وليس هذا مجازا، انظر كم إمبراطورية انتهت خلال السنوات 77 الماضية، أو تآكلت، وانظر كم عاش الشعب الفلسطيني.. شعب يقول: "أريد الحياة هنا كلها"، لن يستطيع أحد أن يمحوه بقتل عشرات الآلاف منه.

فدائما، طوال مسيرة عذابه، كان هناك عشرات الآلاف الذين يقتلون، ومن يعتقد أن الإبادة بدأت اليوم، يرتكب خطأ كبيرا. الفلسطيني كان وما يزال يريد كل مقومات الحياة والكرامة التي تجتمع أنظمة العالم -عربية وغير عربية- ضدها، حريته الكاملة في وطنه وحقه الكامل في هذا الوطن.

"عمر الرجال أطول من عمر الإمبراطوريات" هو قول وُلِد أثناء كتابة إبراهيم نصر الله لرواية "زمن الخيول البيضاء" (الجزيرة)

هل تفكر اليوم في كتابة رواية عن غزة لا تكتفي بسرد الجحيم، بقدر ما تعيد اختراع معنى البقاء داخل الحطام؟ وما الذي يبقى من بلاغة البيان واللغة والأدب أمام ما يحدث؟

إعلان

غزة حاضرة في كل لحظة بالنسبة لي، كما كانت حاضرة دائما. قبل حرب الإبادة التي تشن الآن، كتبت عن غزة ثلاثة كتب، وكتبت الرابع "مريم غزة" خلال هذه الحرب، إضافة إلى عشرات المقالات. تلك الكتب تعاملت بطريقتها مع الحياة في غزة، وتعاملت مع ما يدور في البشر، همومهم الصغيرة، أشواقهم، أمنياتهم، وفيهم الأم والبنت والحبيبة والزوجة. لذا، ليس غريبا أن يتعامل معها الناس كأعمال مستمرة اليوم، فهي لم تتعامل مع أحداث، بل سعت للتعامل مع الجوهر.

لذا، من يقرؤها اليوم يعتقد أنها عن غزة الآن، وليس عن غزة الأمس فقط، وهذا ما أسعى إليه وتسعى إليه الكتابة في ظني: الكتابة التي تتنوع بتنوع أسئلتها الإنسانية، سواء أكان ذلك في "قناديل ملك الجليل" التي تتحدث عن فلسطين في القرن 18، أو "مصائد الرياح" التي أشرت إليها، وتتناول راهنا فلسطينا في القرنين 20 و21، وسواء "طفولتي حتى اليوم" التي تستند إلى حياتي في مخيم الوحدات.

أمس فقط، تسلمت رسالة من قارئة من غزة (نعم، ما زالوا يقرؤون رغم كل هذا الموت) تقول في رسالتها عن هذه الرواية: "كأنها واقعنا الذي نعيشه الآن في غزة". هذا ما أحببت أن أوضحه، وهو أن هناك فلسطين واحدة، وحكاية غزة المكثفة اليوم هي حكاية فلسطين دائما، سواء في داخل الوطن أو في الشتات.

"الملهاة الفلسطينية" ليست مجرد مشروع روائي، بل سردية معقدة تمارس الحفر داخل اللغة والهوية والشتات.. هل تشعر أنك كتبتها -أي "الملهاة"- لإعادة تأليف النكبة أم لتقويضها سرديا ومتخيلا؟

أنظرُ إلى الكتابة باعتبارها ذاكرة جديدة تضاف إلى الذاكرة الإنسانية لشعب ما، لشعوب ما، وهي ذاكرة قد تتجاوز أحيانا في قوتها الذاكرة العامة المستقرة، التي بقدر ما هي ذاكرة جمعية، فإنها مجموع ذاكرات فردية بشكل واسع. لكن الذاكرة الجمعية متأثرة دائما بالذاكرة الفردية لأنها حصيلتها، لكنها غالبا لا تختبرها. الكتابة تختبر ذلك كله؛ فأنت تذهب للكتابة عن فلسطين لتطرح رؤيتك، ومن لا يستطيع طرح رؤيته، فإنه لا يعطينا سوى حكايات تشبه حكايات ما قبل النوم، في حين أن الرواية ضد فكرة النوم أصلا، فنحن نكتب كي لا ينام العالم.

وفي هذه المساحة الواسعة جدا، لا تلتقي بهويتك وشتاتك مداحا أو راثيا، بل محاورا لفكرة الهوية ومعنى الشتات الإنساني، ما قبل الحكاية الفلسطينية، وخلالها، وما سيليها من أزمنة. فحدود كتابتي كما أراها ممتدة منذ أول وجود للإنسان على الأرض، إلى آخر وجود للإنسان على الأرض. حيزك هو هذا الزمان، حين تكتب عن فلسطين، كما في "الملهاة الفلسطينية" أو تكتب في مشروع "الشرفات" أو أعمالك الشعرية، فديوان مثل "الحب شرير" يستعير البناء الأوبرالي ليقدم قصة حب تتأمل الوجود من بداياته حتى نهاياته، ولا أظن أن فلسطين غائبة عن أي سطر فيه.

النكبة مسألة كبرى، لكنها لن تبلغ معناها الحقيقي إلا إذا أصبحت جزءا مركزيا من فكرة العالم عن نفسه، عبر كل الأسئلة الموجودة فيها، مثل أسئلة الحياة، الموت، النفي، البقاء، الفناء، الاستمرار، الخيار، والحب.. بحيث تكون الكتابة عن النكبة قادرة على أن تمس الإنسان في كل زمان ومكان. ففي الكتابة عنها استعادة لا لمسيرة شعب، بل لمسيرة البشر على الأرض أيضا؛ فتحت جفنيْ كل إنسان حين يغلقهما، تكون هنالك جنة مفقودة، كما يأتي في روايتي القادمة.

(الجزيرة)

بعد "زمن الخيول البيضاء" و"قناديل ملك الجليل" و"أرواح كليمنجارو"، هل تجد أنك وصلت كراوٍ إلى لحظة التشبع من السرد، أم أن "النكبة" تتجدد بطريقتها وتدفعك لإعادة الكتابة بصيغة أكثر ألما؟

حين نتجدد، يتجدد العالم، وليس العكس. أتحدث عن الإنسان بشكل عام، ثم إن هناك مسألة كنت أشرت إليها منذ أكثر من ربع قرن، وهي أن لكل مرحلة زمنية نعيشها أسئلتها الخاصة، وبالضرورة أسئلتها العامة، ومن ليس لديه أسئلة خاصة تتعلق بوجوده، لا يمكن أن تكون لديه أسئلة عامة تتعلق بوجود البشر.

كتبت "براري الحمى" حين كنت بين 24 و26 من عمري، وهي رواية مركزية في تجربتي. وكتبت "زمن الخيول البيضاء" بعد بلوغي سن 50 بقليل، لكن على الرغم من هذا، لم أكن في هاتين الروايتين مشغولا بالأسئلة التي كتبت بها وفيها "ثلاثية الأجراس" أو "حرب الكلب الثانية" المعنية بالمستقبل البشري، أو "شرفة الفردوس" التي تطرح أسئلة حول علاقة الأرض بما يعلوها. ومنذ أربع سنوات، انشغلت بثلاثية ثانية هي "ثلاثية الراوي العليم"، المختلفة كثيرا عما سبقها.

إعلان

حين تعيش فعلا، بعيدا عن إحصاء عدد أيامك، ترى، وما رأيته وأراه، يجعلني أحس أحيانا أنني لم أبدأ الكتابة بعد، وهذا يذكرني بسؤال وجهته إليّ معدة برنامج ثقافي حين كنت في 48 من عمري. سألتني: ما هي أمنيتك ككاتب؟ فأجبت: "أن أصبح كاتبا حين أبلغ الخمسين."

الآن أقول: لم أكن مبالغا، فما كتبته بعد الخمسين، ولم يكن موجودا قبلها، هو ما شكل صورتي ككاتب اليوم.

ذلك الجواب يمكن أن أعيده وأنا أتأمل ما تبقى لي من سنوات.

الشعر ككائن حي يتنفس القضية.. كيف تراه من خلال ما قدمته في قصيدة "مريم غزة"، وتحولها إلى سمفونية، وقراءتها عالميا من قبل ممثلين كبار؟ هل تعيد للشعر الفلسطيني بعده الكوني من خلال هذه الشعرية، أم ترى أن الشعر اليوم أقدر من الرواية على اختراق الجدار؟

"مريم غزة" واحدة من 17 قصيدة صدرت في ديوان حمل عنوان هذه القصيدة. في نهايات عام 2023، أي منذ البداية، كانت هناك فكرة لتقديم أغنية عما تعيشه غزة، وكنت أرى أن علينا أن نقدم "عملا" وليس "أغنية"، وحين كتبت هذه القصيدة بعد أشهر، اكتشفت أنها قد تكون هذا "العمل"، وهذا ما رآه الموسيقار الفلسطيني سهيل خوري أيضا.

كنا ندرك أن الأمر ليس سهلا، لكن ما قدمه خوري كان مفاجئا تماما، إذ خرج العمل بهذا المستوى السمفوني العالمي، الذي دفع حتى موسيقيين أجانب للكتابة عنه. هكذا نجحت فكرة أو معيار تقديم "مستوى"، فخلال أقل من أسبوع تجاوزت مشاهدات العمل مليون مشاهدة. وبالمناسبة، لدينا تخطيط لأن يكون هناك عمل قادم بهذا المستوى، إن لم يكن أفضل.

بالتأكيد، كان من الصعب أن أكتب رواية في الفترة الزمنية التي كتبت فيها "مريم غزة" والقصائد التي ضمها الديوان، لكن يمكنني القول إن الشعر في العالم لم يفقد بُعده الكوني. أظن أن البشر فقدوا بعدهم الكوني لفترة طويلة، وقد تم استلابهم بالاستهلاك والثقافة السلعية، كتابا كان أو وجبة سريعة.. التغييب عمّ العالم، وكان لا بد من غزة لكي يصحو هذا العالم.

هكذا جاءت النصوص التي كتبها كثير من الكتاب الفلسطينيين والعرب ومن ثقافات أخرى لتملأ الفراغ وتتجاوز التفريغ الذي أعمى البشر عن القضايا الكبرى، وكانت فلسطين هي المحرك بالتأكيد، لكن من المؤسف أن العالم استيقظ رغم بطش السلطات الرسمية بالشعوب والطلبة والفنانين، في حين عاد عالمنا العربي إلى نومه بمجرد أن رأى العصا ترفع في وجهه، من المرة الأولى.

لكن، وكما كان دائما، سيظل الشعر والموسيقى والأغنيات والرسم.. قادرين على ملء المساحة باستجابتهم الروحية وقدرتهم الكامنة في طبيعتهم لتقديم كل هذا، مع أنني أرى أن هناك "روايات مضمرة" في كثير من القصائد التي ضمها ديوان "مريم غزة". ولعل بعض السرد فيها سيكون جزءا من رواية قادمة عن غزة.

هل يغدو الشعر واللغة أكثر هشاشة أمام فظاعة اللحظة، أم ما يزال الشعر بالنسبة لإبراهيم نصر الله جوهر صوته الأول؟ وهل ما يزال ملاذا أخيرا في مواجهة التعبير المفرط الذي تفرضه الرواية أحيانا؟

لا أظن أن أي نوع أدبي أو فني يمكن أن يكون هشا. البشر الذين يستقبلون النص هم الذين قد يصبحون أكثر هشاشة أو أكثر قوة. فالفراشة، بكل هشاشتها، ليست هشة؛ بجناحيه يستطيع النسر أن يحلق بعيدا، والفراشة أيضا. وتستطيع الفراشات -للمفارقة- أن تقطع قارات بأكملها قد لا يقطعها النسر أبدا.

نحن دائما نسحق ما هو أقل قوة ماديا، أو نقلل من أهميته، حين لا نجرؤ على الاعتراف بهزيمة تلك القوة التي كنا مطمئنين إلى أنها موجودة فينا، أو حين لا نجرؤ على استخدام تلك القوة أصلا.

لذا، يمكن أن نسأل أنفسنا: الشعر هش مقارنة بماذا؟ إذا كان مقارنة بالصمت العربي والإسلامي والخنوع الشعبي فيهما، فهو ليس هشا أبدا. وإذا قورن بجيوش العالم العربي وأنظمته، فهو ليس هشا أبدا. وعلى الضفة الأخرى للحياة، يمكن أن نسأل: هل النمر هش، والأسد هش، والفيل هش مقارنة بالرصاص وبنادق الصيادين وتوحشهم؟ بالطبع هش، لأن المقارنة ليست ظالمة فحسب، بل قاتلة ومساهمة في القتل، لأنها تفترض، بل تؤمن كذبا، أن المواجهة بين الغزالة والصياد مواجهة متكافئة!

لذا، يمكن أن نسأل أنفسنا: الشعر هش مقارنة بماذا؟ إذا كان مقارنة بالصمت العربي والإسلامي والخنوع الشعبي فيهما، فهو ليس هشا أبدا. وإذا قورن بجيوش العالم العربي وأنظمته، فهو ليس هشا أبدا. وعلى الضفة الأخرى للحياة، يمكن أن نسأل: هل النمر هش، والأسد هش، والفيل هش مقارنة بالرصاص وبنادق الصيادين وتوحشهم؟ بالطبع هش، لأن المقارنة ليست ظالمة فحسب، بل قاتلة ومساهمة في القتل، لأنها تفترض، بل تؤمن كذبا، أن المواجهة بين الغزالة والصياد مواجهة متكافئة!

لا يستطيع الشعر أن يصد الهجوم الهمجي على غزة، لكنه قادر -كما تبين لنا- أن يكون جزءا حقيقيا من قوة الناس الذين امتلكوا إرادة الوقوف في وجه الإبادة في العالم. أما الذين لا يملكون الإرادة، فلا دبابتهم ولا طائراتهم ولا جيوشهم يمكن أن تكون كافية ليكون لهم إرادة، فما الذي يمكن أن يقدمه الشعر لهؤلاء؟ لا شيء بالتأكيد، لا لأنه هش، ولكن لأنهم هم الهشّون كما أشرت.

بهذا المعنى، يمكننا القول، مرة أخرى، إن الشعر أكثر قوة بكثير إذا ما قورن بالجيوش الهشة للأنظمة الهشة وللإرادة الهشة لعالمنا العربي ومعه الإسلامي.

وصولك إلى القائمة النهائية لجائزة "نيوستاد" العالمية، بعد "بوكر العربية" و"كتارا"، لا يمثل اعترافا أدبيا فحسب، بل أيضا اعترافا بقضية وراء ما تكتبه.. هل تشعر أن هذه الجوائز تنصف الكاتب، أم أنها انعكاس لإشكاليات بيئته ومحيطه العربي، أم أنها تصالح العالم مع صورته عن الفلسطيني؟

وصول كاتب ما إلى جائزة ما، كما حدث مع كتاب فلسطينيين، لم يأت من فراغ، فهناك تجربة ثقافية فلسطينية ممتدة، وصلت في يوم من الأيام إلى أن يقول الكاتب المصري الكبير إبراهيم عبد القادر المازني، قبل النكبة: "إذا لم تعترف بك فلسطين كاتبا فلن يعترف بك العالم العربي". ودائما كان هناك كتاب على مستوى رفيع جدا كانوا وما زالوا يستحقون أكبر الجوائز.

كل وصول إلى جائزة ما، بوجود أسماء كبرى منافسة من جميع أنحاء العالم، يعني بالضرورة اعترافا بما تحمله هذه الكتابة من قضايا ومواقف، وما قدمه هذا الكاتب قبل الجائزة، كما لو أن فلسطين هي التي تعطيه، وليس الجهة المانحة للجائزة فحسب، بعد أزمنة حوصرت فيها الكتابة الفلسطينية والكتاب الفلسطينيون، على قاعدة ما عبّرت عنه ذات يوم في "السيرة الطائرة": "إذا أراد الكاتب الصهيوني أن يصل إلى العالم فإن عليه أن يتذكر، أما إذا أراد الكاتب الفلسطيني أن يصل إلى العالم، فإن عليه أن ينسى!"، يومها اتصل بي محمود درويش وقال: "هذا أفضل تلخيص لما تواجهه كتابتنا".

لحسن الحظ أن الكتاب الفلسطينيين لم ينسوا، ودفعوا أثمانا باهظة، وصلت إلى حد تصفية بعضهم، وتهميش كتابتهم عالميا. هذه الجوائز أيضا اعتراف بمستوى هذه الكتابة كمشاريع فنية. بالتأكيد هناك كتاب عرب وفلسطينيون كثيرون يرشحون لجوائز ولا يفوزون بها، لكن هناك أيضا من يرشحون ويفوزون. ومن المهم أن تصل هذه الأسماء إلى هذه الجوائز، وأن تكون في الملعب، لا أن تبقى إلى الأبد على مقاعد الاحتياط رغم جدارة كثير من الأسماء.

الثقافة العربية كانت دائما ضد عملية الإقصاء هذه. الآن، لا أحد يستطيع أن يتجاهل هذا الوجود الأدبي العربي، والفلسطيني بشكل خاص، الذي كان يتم إقصاؤه بقرارات مباشرة من المؤسسات الكبرى. لقد واصلنا التذكر إلى تلك الدرجة التي لم يعودوا قادرين معها أن يواصلوا نسياننا. وهذه خطوة لا نستطيع إلا أن نحترمها، لأنها قدرت، في النهاية، احترامنا لأنفسنا.

ترجمت أعمالك إلى ما يقارب 20 لغة حية، لتصل عدد ترجماتك إلى 50 ترجمة، منها 14 ترجمة عام 2024. هل الترجمة، من وجهة نظرك، تُعولم الصوت الفلسطيني، أم تُعرضه لخطر التبسيط أو التأويل المخل في تقديم صورة عن معاناة شعبه؟

بالمناسبة، لغتنا نفسها ممتلئة بالحياة والتجدد، وحين ننتمي إليها كتّابا ننتمي إلى لغة حية فعلا. أما الترجمة فمسألة معقدة، وبالتأكيد مكلفة لدور النشر، وهي تختلف تماما عن الكتابة المباشرة باللغة التي يترجم إليها الكتاب.

لكن الترجمات، ومن كل لغات العالم إلى بقية لغات العالم، في جانب منها، عرضة أيضا لمنطق السوق، وفي جانب آخر منها محكومة بمنطق الأدب وقوته. ولولا الجانب الأخير لما قرأنا أهم كتابات الأدباء العالميين بالعربية.

لكن تبقى النتيجة هي الأهم: هل يكون العمل المترجم ضمن منطق الاستهلاك، والتلصص على القضية التي يتناولها الكاتب، أم يكون جزءا من تاريخ الأدب؟ وهذا أمر ينطبق على اللغة التي يكتب بها الكاتب، وعلى كل لغة تترجم إليها أعماله.

كيف تتعامل مع أحوال وأمزجة التلقي الأجنبي؟ هل ترى أن قارئا في إيطاليا مثلا، أو في إيران، يستطيع أن يسمع غزة في "صوت مريم" كما تسمعها أنت الآن؟

عرفت التلقي المباشر في الإيطالية والإنجليزية والبرتغالية والإسبانية والتركية وغيرها، وهناك آراء كثيرة تصلني عن بعد، وكذلك أطروحات جامعية كثيرة حول كتبي. ومن خلال التجربة المباشرة رأيت أنواعا من التلقي لا تقل بحساسيتها وتأثرها عن التلقي العربي العميق للنصوص.

في "طفولتي حتى الآن"، تكتب عن الذات بوصفها مرآة لفلسطين. هل سيرة اللاجئ تكتبنا جميعا، أم أن لكل منفي سيرته الذاتية ودراما سرده الداخلي التي لا تتكرر؟

كلنا كائنات تتشكل من مزيج العام والخاص، وكلما كنت جزءا من قضية، وطنية كانت أو غير وطنية، يكون هناك منسوب عام يعلو وينخفض تبعا لإيمانك بهذه القضية. والفلسطيني، سواء أراد أو لم يرد، لا يستطيع أن يكون خارج قضيته، فهي مصير (موت وحياة)، في حين أن كثيرا من القضايا يلعب فيها الاختيار الدور الأبرز، أعني البيئة، والعدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان في المعرفة والصحة والمسكن، وما إلى ذلك.

ويمكنني القول ببعض الجرأة: ليس هناك إنسان في زماننا هذا خارج فكرة المنفى إذا كان يدرك ما يحدث له، وفيه.

تقول: "منذ أن وعينا نكبتنا.. حملنا عودتنا على ظهورنا ولم نزل". تقدم رواياتك استهلالات تفارق في ميزاتها روايات عربية كثيرة. هل أثرت تجربتك الشعرية علاقتك بلغة السرد في الرواية؟ وما مدى استطاعة السرد إنقاذنا من العجز السياسي العربي في كل شيء ولا شيء؟

تحدثنا عن هشاشة الشعر وهشاشة الواقع في الإجابة عن سؤال سابق، والأمر ينطبق على السرد: لا شيء يمكن أن ينقذ كيانات هشة ما دامت سعيدة بهشاشتها، أو على الأقل راضية بها.

تجربتي الشعرية بالتأكيد عززت سردي الروائي، كما عززت تجربتي السردية شعري. كثير من أعمالي الشعرية أعتبرها نصف روايات، وهذا كله يعود لفضل السرد، لكن في داخل اللغة يحدث شيء آخر؛ ثمة شيء من التجوهر تمنحه روح الشعر للسرد، ولا أقول لغته، لكي يكون أكثر تعددا في دلالاته، وهو يمنح السرد البصيرة ليكون رائيا لا واصفا أو مشاهدا أو معاينا لما في المشهد أو حوله.

"الفرح يحوّل البشر إلى مجانين وكذلك الحزن". أين تضع كتاباتك على هذا الطيف: هل هي جنون فردي أم وعي جمعي يتشظى عبرك كخطاب بدلالات وانزياحات شتى؟

الكتابة كل هذا وشيء ثالث قد لا يتوافر أحيانا بصورة كافية، هو رؤياهما المشتركة في رؤيا واحدة لا تتوافر في الفردي والجمعي منفردين.

كيف تروي الجرح الفلسطيني دون أن تستجدي التعاطف أو الوقوع في فخاخ البلاغة؟

أن ترويه بكبريائه، وبجمال البشر الرائعين الذين حين يموتون لا يجرح موتهم مشاعرك بقدر ما يجرح وعيك أنك خسرت بموتهم.. بشر تتمنى لو أنك مثلهم.

تقول في رواية "طفولتي حتى الآن": "نحن لسنا بحاجة لإنسان نشيخ معه، بقدر ما نحن بحاجة لإنسان نبقى معه أطفالا".. إنها طفولة الأدب الفذ الذي لا يشيخ.. هل الكتابة هنا شكل من أشكال الطفولة الدائمة، أم تمرين متأخر على النضج القاسي؟

في هذه الرواية نفسها أقول أيضا: "الثمرة التي تنضج أكثر مما يجب، إما أن تجف، وإما أن تتعفن!"، وقبلها بنحو 40 سنة كتبت في مطالع بداياتي: "لا شيء ما بيننا يكتمل، نحن لا ننتهي".

ربما تكون الجملة الشعرية الأخيرة أمنية، مع أنها الأولى، لكن أسوأ تمرين يمكن أن نمارسه على أنفسنا، أو حتى على شجرة في حقلنا أو ثمرة، حين نجرها عنوة نحو نضوجها. فالبشر لم يخلقوا ليكونوا أبناء البيوت البلاستيكية (لينضجوا حسب متطلبات السوق، العرض والطلب).

"نحن لسنا بحاجة لإنسان نشيخ معه، بقدر ما نحن بحاجة لإنسان نبقى معه أطفالا" قول للكاتب إبراهيم نصر الله في رواية "طفولتي حتى الآن" (الجزيرة)

بعد كل هذه الأعمال وكل هذا الحضور، هل تذكر بعض أعمالك بطراوة البدايات، أم أن إبراهيم نصر الله يخشى أن تتحول الكتابة إلى تكرار ناعم لحقيقة موجعة؟

إذا كانت الحياة كالنهر، لا يستطيع المرء أن يستحم فيه مرتين، فحياتنا في هذا القرن والقرن الذي سبقه أشبه بالبحر أو المحيط.. في عالم لا ضفاف له، لا شيء يتكرر إلا أولئك الذين تعاني أرواحهم من موت سريري.

قد يفكر الكاتب بشيء لا يتقن الدفاع عنه غالبا، فهل الحال هنا يبقي الكتابة عزلاء كما تترك غزة اليوم تنطق وحدها؟

أعتقد أن قولا لغسان كنفاني يختصر الإجابة ببلاغة غير عادية، يقول: "إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية، فالأجدر بنا أن نغير المدافعين، لا أن نغير القضية".

أخبار متعلقة :