مراسلو الجزيرة نت
الخرطوم- لم يعد ضجيج الطائرات بالنسبة لآمنة يوسف ذات الخمسة أعوام بالصوت الأثير لديها بعد اندلاع الحرب منتصف أبريل/نيسان 2023، إذا أصبح مقرونا في ذاكراتها بحصار امتد لأشهر في ظل اشتباكات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وبينما تواجه آمنة مخاوفها بإمساك يد والدها، فقد شقيقها الأصغر أحمد قدرته على التحدث بشكل طبيعي وأصيب بـ"التلعثم"، فقصة الشقيقين ليست سوى شاهد على معاناة يعيشها أطفال السودان خلال الحرب.
يقول برنامج الأغذية العالمي في السودان للجزيرة نت إن الوضع مأساوي بالنسبة للأطفال، فهم الأكثر عرضة للموت بسبب الجوع والأمراض المرتبطة بسوء التغذية.
في حين كشفت وزارة الرعاية الاجتماعية السودانية عن تعرِّض 203 أطفال (إناث وذكور) لانتهاكات جنسية على يد الدعم السريع، وفقد نحو 1930 طفلا أطرافهم.
تجنيد قسري
ووفق معطيات صرحت بها وزيرة الدولة بوزارة الرعاية الاجتماعية والموارد البشرية سليمى إسحاق، للجزيرة نت، فإن:
9 آلاف طفل تعرضوا للتجنيد القسري من الدعم السريع، وقُتل أكثر من 3 آلاف نتيجة لذلك. وبلغ عدد المفقودين نحو 3 آلاف طفل. وفقد أكثر من 10 ملايين طفل في السودان فرصة التمدرس (الالتحاق بالمدارس)، أي نحو نصف أطفال السودان.وقال الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الطفولة في السودان، عبد القادر عبد الله، للجزيرة نت إن أكثر من ألف طفل قتلوا على يد مليشيات الدعم السريع في مدينة الجنينة غربي دارفور.
كما كشفت عضو اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، أديبة السيد، عن وفاة 45 ألف طفل من سوء التغذية منذ بدء الحرب، وتعرض نحو 256 من الأطفال (بين 5 و16 عاما) للاغتصاب.
وقالت أديبة السيد -للجزيرة نت- إن 4 حالات ولادة بمستشفى النو أم درمان تم فيها التخلي عن الأطفال من قِبل الضحية ليصبحوا مجهولي الهوية، داعية منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" والقانونيين والمنظمات المهتمة بالطفولة للبت في أمر هؤلاء الأطفال.
ضياع جيل بأكمله
من جهتها، دقَّت يونيسيف ناقوس الخطر، محذرة مما وصفتها بالكارثة الوشيكة، حيث يموت الأطفال بسبب الجوع والمرض والعنف المباشر.
إعلان
وقال ممثل يونيسيف في السودان شيلدون يت إن "هذا ليس افتراضا، إنها كارثة وشيكة، نحن على حافة ضرر لا يمكن إصلاحه لجيل كامل من الأطفال، لا بسبب نقص في المعرفة أو الأدوات لإنقاذهم، بل لأننا جميعا نفشل في الاستجابة بالسرعة والحجم المطلوبَين".
وحذَّرت مديرة برامج الطوارئ في يونيسيف لوشيا إلمي من أن السودان يخاطر بفقدان جيل كامل من الأطفال، إذ أن أكثر من 16 مليون طفل في السودان بحاجة ماسة للمساعدة، ونحو 17 مليون طفل خارج المدرسة منذ عامين.
ويُتوقع -وفقا للمسؤولة الأممية- أن يعاني 3.2 ملايين طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد هذا العام، بمن فيهم 770 ألفا يواجهون سوء التغذية الحاد الوخيم، ما يجعل الأطفال أكثر عرضة للوفاة من المرض بمقدار 11 ضعفا.
تأثيرات صعبة
من جانبها، قالت مديرة إدارة الصحة النفسية بولاية البحر الأحمر، رشا محمد طاهر، إن الحرب تترك آثارا سلبية في المجتمعات، خاصة بين الفئات الأكثر هشاشة من الأطفال وكبار السن والنساء الحوامل.
وذكرت طاهر للجزيرة نت بعض الآثار النفسية التي تعرّض لها الأطفال في السودان خلال الحرب من خوف وقلق شديدين بفعل أصوات القصف، ونقاط التفتيش، والأخبار المفزعة، وفقدان الإحساس بالأمان.
ويضاف إلى ذلك الصدمة النفسية "تروما" والكوابيس، واسترجاع للأحداث، وتجنّب أماكن وأصوات تذكّرهم بالعنف، واضطرابات النوم والشهية، والتبول اللاإرادي، والتراجع الدراسي والمعرفي.
وأوضحت المسؤولة رشا طاهر أن ثمة تداعيات على المدى الزمني القصير والبعيد، كارتفاع القلق، واحتمال ظهور اضطراب "كرب ما بعد الصدمة" والاكتئاب، وزيادة مخاطر الاستغلال، وعمالة الأطفال، وزواج القاصرات بسبب الضغوط الاقتصادية.
وقالت "على المدى الطويل تظهر آثار على النمو الدماغي والانفعالي، ومن خلال تدخلاتنا في مراكز النازحين والمجتمعات المضيفة وجدنا حالات كثيرة جدا، وإن جزءا منهم تمت إحالته للجهات ذات الصلة كمستشفى الطب النفسي وحماية الأسرة والطفل".
أخبار متعلقة :