الكويت الاخباري

السفيرة التركية لـ الجريدة•: أمن الخليج جزء لا يتجزأ من أمننا... وندعم الاستقرار الإقليمي - الكويت الاخباري

أكدت سفيرة تركيا لدى البلاد، طوبى نور سونمز، أن العلاقات التركية - الكويتية تشهد تطوراً متسارعاً وانتقلت أخيراً إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية» بفضل الإرادة السياسية المتبادلة والرؤية المشتركة بين القيادتين. وكشفت سونمز لـ «الجريدة» عن استعداد أنقرة لتوسيع التعاون مع الكويت في مجالات الدفاع، والتجارة، والأمن الغذائي، والطاقة، مؤكدة أن صفقة طائرات «بيرقدار TB2» ليست سوى بداية لتعاون دفاعي أشمل يشمل التدريب والدعم الفني طويل الأمد. وأوضحت أن تركيا يمكن أن تؤدي دوراً فاعلاً في دعم استراتيجية الأمن الغذائي الكويتية، لا سيما في مجال تصدير المنتجات الزراعية واللحوم، في ظل علاقات اقتصادية وتجارية متنامية. وفي سياق متصل، أكدت أن تأجيل زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان للكويت كان نتيجة لتطورات إقليمية طارئة، مشيرة إلى أن هناك ترتيبات جارية لإعادة جدولتها قريباً. وفي الشأن السياسي، شددت سونمز على التزام تركيا بأمن الخليج، الذي تعتبره جزءاً من أمنها، واستقرار المنطقة، وكشفت عن حشد بلادها جهودها للمساعدة في المحافظة على الهدوء في المنطقة خلال الضربات التي استهدفت قاعدة العديد الجوية، مؤكدة أن الكويت تواصل أداء دور «صوت الحكمة» في الأزمات الدولية، وأن تركيا تُثمّن هذا النهج الدبلوماسي المتزن... وفيما يلي نص اللقاء:

• كيف تصفون الوضع الراهن للعلاقات الثنائية بين تركيا والكويت؟ وما المجالات الرئيسية التي يشهد فيها التعاون نمواً مستمراً؟

- يسرُّنا التطور المتسارع لعلاقاتنا، الذي يعكس الإرادة السياسية لقيادتنا ورغبة شعبينا. وقد كانت الزيارة التاريخية لسمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد - وهي أول زيارة له إلى دولة غير عربية بعد توليه مقاليد الحكم - دليلاً قاطعاً على عمق صداقتنا، ولا شك في أن من أهم نتائج هذه الزيارة قرار إنشاء آلية الحوار الاستراتيجي المشترك.

وبالتالي، ارتقينا بعلاقاتنا إلى مستوى استراتيجي مع الكويت، مما فتح صفحة جديدة في تعاوننا.

على الصعيد الثنائي، تتصدر التجارة والاستثمارات والدفاع والطاقة والعلاقات الثقافية جدول أعمال تعاوننا، ونخطط على المدى القريب لتوقيع العديد من الاتفاقيات التي توفر إطاراً قانونياً للتعاون والشراكة في هذه المجالات.

زيارة الأمير لأنقرة فتحت صفحة جديدة... وزيارة أردوغان للكويت ستُعاد جدولتها قريباً

وعلاوة على ذلك، نتوقع أن تُسهم زيارة رئيسنا رجب طيب أردوغان المرتقبة إلى الكويت في تعميق الشراكة الثنائية القائمة على المصالح الإقليمية المشتركة، إضافة إلى التعاون الاقتصادي والاستراتيجي. ولا شك في أن ركائز علاقاتنا الأخوية متينة، فهي متجذرة بالتاريخ، وديننا المشترك، وثقافتنا المشتركة، ورؤيتنا المشتركة لمنطقة مستقرة ومزدهرة، وإن شاء الله ستعزز زيارة الرئيس أردوغان علاقاتنا الأخوية أكثر فأكثر.

وفي أبريل الماضي، استضفنا الجولة التاسعة من المشاورات السياسية بين بلدينا في أنقرة، وبناءً على ذلك، أتيحت لنا فرصة مناقشة القضايا الثنائية والإقليمية.

زيارة أردوغان

• ما أسباب تأجيل زيارة الرئيس أردوغان للكويت، وهل هناك خطة لإعادة جدولتها قريباً؟

- تم تأجيل الزيارة نظراً إلى التطورات المهمة في منطقتنا، وخصوصاً بعد الهجمات الإسرائيلية على إيران، ويمكنني القول إنه ستتم إعادة جدولة الزيارة قريباً.

• شهد التعاون الدفاعي بين البلدين تطورات ملحوظة، لا سيما مع صفقة طائرات «بيرقدار» المسيّرة... هل هناك أي اتفاقيات عسكرية أو عقود دفاعية جديدة قيد النقاش؟

- يُمثل دمج طائرة بيرقدار TB2 المسيّرة في القوات المسلحة الكويتية خطوةً مهمةً في تعاوننا الدفاعي المتنامي، وقد عكس حفل التدشين الرسمي، الذي أُقيم بقاعدة سالم الصباح الجوية في 17 يوليو، برعاية وزير الدفاع، الأهمية التي يُوليها الجانبان لهذه الشراكة.

سونمز: «بيرقدار TB2» بداية تعاون دفاعي واسع... ونثمّن دور الكويت في حفظ استقرار المنطقة

ويتجاوز هذا التطور مجرد المشتريات، فهو يعكس نموذجاً شاملاً للتعاون يشمل التدريب وتبادل المعرفة والدعم الطويل الأمد، ويتماشى الدور العملياتي لطائرة TB2 في الاستطلاع والمراقبة والدعم التكتيكي بشكل وثيق مع أهداف الكويت في تحديث دفاعها، ويُظهر دمجها مستوى الثقة والتوافق الاستراتيجي بين بلدينا.

وبناءً على ذلك، تُهيئ الإرادة السياسية المتبادلة والتقارب الاستراتيجي والاهتمام المشترك بالأمن الإقليمي بيئةً مواتيةً لمزيد من الاتفاقيات والمبادرات المشتركة في قطاع الدفاع، ويُظهر مشروع طائرة TB2 ما يُمكن تحقيقه من خلال الثقة المتبادلة والرؤية المشتركة، كما يشكّل هذا الاتفاق علامة فارقة في الشراكة الدفاعية المتطورة بين تركيا والكويت.

الإمداد الزراعي

• هل يُمكن لتركيا أن تؤدي دوراً في دعم استراتيجية الأمن الغذائي الكويتية؟ هل بلدكم مستعد لتوريد اللحوم الحية والطازجة إلى السوق الكويتي بانتظام؟

- بالطبع، يمكن لتركيا أن تؤدي دوراً داعماً لاستراتيجية الأمن الغذائي الكويتية، فاعتباراً من عام 2024 بلغ إجمالي صادرات تركيا إلى الكويت 561.2 مليون دولار، حيث تُمثل المنتجات الغذائية والزراعية ما يقرب من ثلث هذا الحجم (160 مليوناً)، وفي الفترة من يناير إلى مايو 2025 وحدها، بلغت صادرات الأغذية والزراعة 50 مليون دولار، مما يُظهر قوةً مستمرة في هذا القطاع.

وتُصدّر تركيا حالياً مجموعة واسعة من المنتجات الغذائية والزراعية إلى الكويت، بما في ذلك الأسماك ومنتجات الألبان والفواكه والخضراوات والحبوب والزيوت الحيوانية والنباتية، في حين أن صادراتنا من الحيوانات الحية واللحوم الطازجة محدودة نسبياً في هذه المرحلة، بسبب ديناميكيات السوق الداخلية والإجراءات التنظيمية في تركيا، فقد شهدت السنوات الأخيرة فترات توريد أغنام وماعز حية إلى السوق الكويتية.

ورغم تواضع الأرقام الحالية لصادرات اللحوم الطازجة والمجمدة، فإن تركيا لا تزال منفتحة على تعميق التعاون في هذا المجال، ونعتقد أن هناك مجالاً للتوسع، لا سيما في منتجات اللحوم الحمراء المجمدة، شريطة توافق المتطلبات الفنية والتنظيمية المتبادلة.

تركيا على أهبة الاستعداد لتعزيز مساهمتها في الأمن الغذائي الكويتي، من خلال زيادة إمدادات المنتجات الزراعية الغذائية التقليدية، واستكشاف سبل زيادة صادرات اللحوم بشكل مستدام.

ومن شأن تشجيع مشاركة أكبر في المعارض التجارية، وتعزيز العلاقات بين الشركات، وتنظيم الفعاليات الترويجية والبعثات التجارية، أن تسهّل هذه العملية بشكل أكبر.

وجهة سياحية

• لماذا لا تزال تركيا وجهة سياحية رائجة لدى السياح الكويتيين، ما الذي يجعلها مميزة؟

- تُعدّ تركيا واحدةً من أبرز الوجهات السياحية في العالم، حيث تشتهر بتراثها الثقافي الغني، ومناظرها الطبيعية المتنوعة، وكرم ضيافتها. وفي العام الماضي، شهدنا طفرةً ملحوظةً في السياحة الدولية، حيث استقبلنا نحو 58 مليون زائر، وهو رقم قياسي تاريخي يُبرز جاذبية بلدنا المتنامية على الساحة العالمية.

ومن أبرز نقاط قوة تركيا قدرتها على توفير سياحة على مدار العام، بفضل موقعها الجغرافي الفريد وتنوّع مناخها، فيمكن للزوار الاستمتاع بمجموعة واسعة من التجارب على مدار الفصول الأربعة، من الجبال المغطاة بالثلوج المثالية للرياضات الشتوية، إلى الشواطئ المشمسة على طول سواحل البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة. ولمن يبحثون عن طقسٍ معتدل، توفر وجهاتٌ مثل أنطاليا وإزمير وموغلا درجات حرارةٍ لطيفة وأشعة شمسٍ غزيرة، مما يجعلها مثاليةً للاسترخاء والاستكشاف، وعلاوة على ذلك، تُعدّ تركيا كنزاً تاريخياً ثرياً.

• هل لديكم إحصاءات عن عدد السياح الكويتيين الذين زاروا تركيا العام الماضي؟ وما توقعاتكم لأعداد السياح هذا العام؟

- زار تركيا العام الماضي نحو 300 ألف سائح كويتي، ومع زيادة الرحلات الجوية المباشرة، والتزايد المستمر في عدد الجولات السياحية، وتخفيف الإجراءات البيروقراطية، نهدف إلى زيادة هذا الرقم أكثر.

أدعو بحرارة إخواننا وأخواتنا الكويتيين إلى استكشاف تركيا خلال أشهر الخريف والشتاء أيضاً. يوفر هذان الموسمان مزيجاً فريداً وغنياً من التجارب، من جمال المناظر الطبيعية الثلجية الهادئ إلى المناخات المعتدلة والممتعة على طول مناطقنا الساحلية.

التعاون الاستثماري

• ما حجم الاستثمارات الكويتية الحالية في تركيا؟ وما هي المشاريع التركية الرئيسية في الكويت، وهل هناك أي مبادرات جديدة قيد التنفيذ؟

- بلغت الاستثمارات الكويتية في تركيا ملياري دولار، حيث تعمل 427 شركة كويتية في تركيا، ويستثمر الكويتيون بشكل رئيسي في قطاعات التمويل والتأمين والتطوير العقاري والأغذية والمشروبات وتجارة التجزئة.

كما تستثمر بعض الصناديق الكويتية وشركات الاستثمار المباشر في الشركات التركية كمستثمرين ماليين، حيث يستثمرون بشكل فردي بشكل رئيسي في قطاعَي العقارات والزراعة، ويفضلون بشكل رئيسي إسطنبول وبورصة ويالوفا وكوشاداسي.

ولعلنا نلاحظ أن الاستثمارات الكويتية ناجحة جداً، إذ أصبحت لاعباً رئيسياً في القطاعات المالية والأغذية والمشروبات، إضافة إلى قطاعات تجارة التجزئة.

في عام 2024، بلغ حجم التجارة بين بلدينا نحو 720 مليون دولار، وتعمل حالياً أكثر من 400 شركة كويتية في تركيا، بينما تعمل نحو 50 شركة تركية بالكويت، لا سيما في قطاع البناء.

وتوفر قطاعات البناء والدفاع والسياحة الديناميكية في تركيا فرصاً جذابة للمستثمرين الكويتيين، فعلى سبيل المثال، أدت الشركات التركية دوراً محورياً في تطوير البنية التحتية في الكويت، بما في ذلك مشروع مطار الكويت الدولي التاريخي، مبنى الركاب الثاني، إذ يجسد هذا النوع من التعاون المنافع المتبادلة لشراكتنا.

كما يوجد اهتمام متزايد بتوسيع التعاون في مجال الطاقة المتجددة، ونظراً لأن كلا البلدين يهدف إلى تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، فإن المشاريع المشتركة في التقنيات الخضراء ونظم الابتكار يمكن أن تصبح آفاقاً جديدة للتعاون.

أمن الخليج والأزمات

• كيف نظرت تركيا إلى صراع الأيام الـ 12 بين إسرائيل وإيران، وكيف تُقيّمون نهج الكويت تجاه الأزمات الإقليمية والدولية بشكل عام؟

- حذّرنا باستمرار من الخطر الجسيم الذي يُشكّله الصراع الأخير، الذي أشعله العدوان الإسرائيلي، على الاستقرار الإقليمي، وقد أكّدنا مراراً وتكراراً أنه إذا تُرك هذا الصراع دون رادع، فقد يتفاقم ويتطور إلى أزمة أوسع نطاقاً.

وفي هذا السياق، نحن على أهبة الاستعداد للوفاء بمسؤولياتنا والمساهمة بشكل بنّاء في الجهود الرامية إلى خفض التصعيد وإحلال السلام، وقد دعونا جميع الأطراف المعنية إلى ضبط النفس، والوقف الفوري للأعمال العدائية، وتجنّب أي أعمال قد تؤدي إلى المزيد من الخسائر في الأرواح والدمار، كما حثثنا المجتمع الدولي على دعم المبادرات الدبلوماسية التي تسعى إلى حل عادل ودائم للصراع.

ودعني أُشدّد هنا على أن أمن واستقرار الخليج أمرٌ بالغ الأهمية بالنسبة لنا، لأننا نعتبره جزءاً لا يتجزأ من أمننا ومنطقتنا بشكل عام. وعليه، حشدنا كل جهودنا للمساعدة في المحافظة على الهدوء بالمنطقة خلال الضربات التي استهدفت قاعدة العديد الجوية، مما يعكس التزامنا الراسخ بأمن منطقة الخليج وتضامننا مع دوله.

أما فيما يتعلّق بسياسة الكويت الخارجية في أوقات الأزمات، فإنها لطالما كانت جديرة بالتقدير، وهي تعكس صوت الحكمة وتدعو إلى الهدوء في أوقات الاضطرابات. وتبقى الكويت ركيزة للسلام في مواجهة الأزمات الإقليمية والدولية، ونحن في تركيا نقدّر بشدة تعاوننا الاستراتيجي مع الكويت، وتركيا لا تزال ملتزمة بتعزيز السلام والاستقرار والحوار في المنطقة، وستواصل العمل مع جميع أصحاب المصلحة لمنع المزيد من التصعيد.

التخطيط لإنشاء مركز ثقافي تركي في الكويت

أكدت السفيرة سونمز أن «التعاون التعليمي يُعدّ ركيزةً أساسيةً في العلاقات المتنامية بين تركيا والكويت».

وقالت إنه «في السنوات الأخيرة، لاحظنا زيادةً مطّردةً في اهتمام الطلاب الكويتيين الراغبين في مواصلة تعليمهم العالي بتركيا، لافتة إلى أن «هذا التوجه يعكس ليس فقط الجودة العالية والاعتراف الدولي بالجامعات التركية، بل أيضا تعميق الروابط بين بلدينا».

وتابعت: «هناك بالفعل العديد من اتفاقيات التعاون الأكاديمي السارية بين الجامعات التركية والكويتية، مما يُسهّل تبادل الطلاب، ومبادرات البحث المشترك، والتنقل الأكاديمي، وتُعدّ هذه الشراكات فعّالة في تعزيز التفاهم المتبادل، والتميز الأكاديمي، والتعاون طويل الأمد في مختلف مجالات الدراسة».

وأوضحت السفيرة التركية أن «الطلاب يؤدون، على وجه الخصوص، دوراً مهماً في تعزيز العلاقات بين الشعوب، كما يُسهم وجودهم في التبادل الثقافي، ويُساعد في بناء جسور التعاطف والقيم المشتركة بين مجتمعينا، وهذه التفاعلات دليلٌ على روابطنا التاريخية والثقافية الراسخة، والتي نؤمن بأنها ستزداد قوةً في السنوات والقرون المقبلة».

وأشارت إلى أنه «نظرًا للمستقبل، نتطلع إلى تعزيز التعاون الثقافي، ولتحقيق هذه الغاية، نخطط لإنشاء مركز ثقافي تركي بالكويت»، موضحة أن «هذا المركز سيكون بمنزلة منصة لتنظيم الفعاليات الثقافية، ودورات اللغات، والمعارض، والندوات الأكاديمية، وسيوفر منصةً للاحتفال بتراثنا المشترك، وتعزيز التفاهم الثقافي بين شعبينا».

أخبار متعلقة :