أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن هناك دعوة فكرية بدأت منذ نهايات القرن التاسع عشر، وظهرت بشكل أكثر وضوحًا في القرن العشرين، وبلغت ذروتها في منتصفه، وهي ما يعرف بـ"نظرية التحديث"، موضحًا أن هذه النظرية رُوّج لها باعتبارها طريقًا للانطلاق والتحرر والابتكار والإنتاج، لكنها في حقيقتها تستهدف تفكيك المجتمع من الداخل.
شعار زائف
وأوضح الورداني، في تصريح له، أن هذه النظرية ترفع شعارًا زائفًا يدعو الإنسان لكي يكون أكثر تحررًا وانطلاقًا، لكنها تشترط لتحقيق ذلك أن يتخلص من مجموعة من الثوابت التي تمثل ركائز الهوية والوجود الإنساني.
لغة جامعة
وأشار إلى أن أول ما تستهدفه هذه الدعوات هو اللغة، حيث يُراد ألا تكون هناك لغة جامعة تقيّد الناس، بل يصبح الحديث خليطًا من العربية والإنجليزية ولغات أخرى، حتى وصلنا إلى ما يسمى بـ"الفرنكو آراب" وكتابة العربية بالحروف اللاتينية، بما يعني ضياع الرابط الأصيل بين الإنسان وهويته.
القضاء على الثقافة
وأضاف أن الهدف الثاني هو القضاء على الثقافة والتراث، وهو ما يتضح في محاولات طمس الحضارات القديمة ومحو العمق التاريخي للإنسان، بحيث يصبح النجاح حكرًا على من يمتلك التكنولوجيا فقط، دون امتداد حضاري أو جذور إنسانية.
وبيّن أن الجانب الثالث يتعلق بمحاولة إلغاء الدين باعتباره منظومة قيم تضبط حركة المجتمع وتمنعه من السقوط في المادية البحتة، حيث يتم تصوير القيم الدينية على أنها عائق أمام الانطلاق والحرية، والدعوة بدلًا من ذلك للعيش وفق المصلحة والاستهلاك والرفاهية دون ضوابط.
أما الهدف الرابع فأوضح أنه تفكيك الأسرة، من خلال الترويج لأن الأسرة لم تعد شيئًا مهمًا، والدعوة للعزوف عن الزواج، وفتح الباب للعلاقات غير المنضبطة، بما يؤدي إلى غياب قيم التعاطف والدعم التي تشكل أساس التماسك الأسري والمجتمعي.
وتابع أن آخر ما تسعى إليه هذه الدعوات هو القضاء على مفهوم الدولة، لحلّ محلها منظمات وأطر هشة يمكن لأي جهة أن تعبث بها وتستغلها. مشددًا على أن هذه الدعوات وإن كانت تحمل اسم "التحديث"، فإن حقيقتها هي هدم مقومات الإنسان وهويته، داعيًا إلى الوعي بخطورتها والتمسك بالثوابت التي تحفظ المجتمع.
أخبار متعلقة :