قضية القرن في مصر.. كيف انجر خيط غسيل الأموال لتوجيه أصابع الاتهام نحو البلوجرز؟
بدت قصَّة في البداية لها العجب، لكن مع بحث وتقصِّي الأجهزة المختصَّة تمكَّنت السلطات من فتح ملف، لا شكّ في كونه من أخطر الملفات الأمنية التي تواجهها مصر في عقديها الأخيرين، فمن شائعة تثير البلبلة وتقلب الفضاء الرقمي، إلى ساعات الإعلام الرسمي والخاص، لتمر بمكاتب التحقيقت. هكذا انجرَّ خيط كبير من اتهامات لفتت أنظار المسؤولين نحو كارثة شملت ثلاث قضايا رئيسة "إطلاق الشائعات، ونشر محتويات تحض على الفسق والفجور، وأخيرًا غسل الأموال"، والتي بدورها فتحت ابوابًا من التساؤلات، حول من هي، وما يُنشر، من هُم، وكيف؟
من هي المدعية “مروة بنت مبارك”، وما حقيقة ما نشرته من معلومات عبر صفحاتها الشخصية، على التواصل الاجتماعي، ومن هم المذكوريين في بثها المنشور، وكيف أوقعت هذه القضية الكثير من صّناع المحتوى الخادش في أيدي السلطات؟
كشفت التحقيقات تفاصيل جديدة في قضية مروة يسري، صاحبة الحساب المعروف باسم ابنة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، والمتهمة بسب وقذف الفنانة وفاء عامر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وزعم تورطها في قضايا تتعلق بتجارة الأعضاء البشرية، بينها بيع أعضاء لاعب الزمالك الراحل إبراهيم شيكا.
اعترافات مروة يسري أمام النيابة
وخلال التحقيقات، قالت المتهمة«اسمي مروة يسري عبد الحميد السيد، مواليد 1985، ولكن في الحقيقة اسمي فريدة من مواليد نوفمبر 1988».
أوضحت أنها عرفت هذه الحقيقة من صحفية، ادعت أنها زوجة قيادي سابق ومستشارة صحفية للرئيس الأسبق محمد مرسي، مشيرة نحو أن والدها المتوفى يُدعى يسري عبد الحميد السيد، ووالدتها زينب محمد علي، ولها شقيق واحد يُدعى محمد، بالإضافة إلى إخوة من والدتها بعد زواجها من آخرين.
وأضافت أنها نشأت في أسرة لم تكن أسرتها الحقيقية، وزعمت أنها في الأصل ابنة الرئيس الراحل محمد حسني مبارك والفنانة إيمان الطوخي، وأنها اختُطفت في طفولتها عام 1990 وتمت نسبتها زورًا لعائلة أخرى في إمبابة، مؤكدة أنها تعرضت لسوء معاملة وإيذاء بدني ونفسي.
كما قالت إنها درست بمعهد الجامعة العمالية وتزوجت بعد التخرج من شخص يُدعى حسن أحسن محمد حسن عبد الرحيم.
مستجدات القضية
تم تأجيل محاكمة مروة يسري، المعروفة إعلاميًا بـ«بنت مبارك»، إلى جلسة 30 أغسطس المقبل، مع قرار تجديد حبسها 15 يومًا على ذمة التحقيقات الجارية في القضية.
من جانبها تناقلت المواقع والصحف أنّ ظهورها على مواقع التواصل بدأ منذ عام ٢٠١٣، إلا أن نشاطها تضاعف في عام ٢٠٢٥، حيث بدأت بنشر مقاطع فيديو تتناول مشكلاتها الشخصية، وأحيانًا قضايا سياسية، ما ساعدها على جذب الانتباه وتوسيع دائرة متابعيها. لكن مع ازدياد التفاعل، قررت تصعيد الأمر من خلال ادعاء نسبها إلى الرئيس الأسبق حسني مبارك، ما تسبب في إثارة جدل واسع على السوشيال ميديا.
احتجاز عام 2023 وإفراح بعد شهرين
وأوضحت أن السلطات ألقت القبض عليها في عام ٢٠٢٣ بعد سلسلة من منشوراتها التي تسببت في بلبلة، حيث تم احتجازها لمدة شهرين قبل الإفراج عنها عقب التأكد من “سلامة موقفها”، على حد تعبيرها. لكن الأمر لم يتوقف، فقد عادت لممارسة نشاطها بشكل مكثف لاحقًا، ما أدى إلى حبسها حاليًا على ذمة قضية نشر أخبار كاذبة.
ختامًا، تبقى قضية “ابنة مبارك المزعومة” واحدة من أكثر القصص غرابة في المشهد الإعلامي، حيث تختلط فيها الأوهام بالرغبة في الانتقام، وتُستخدم فيها وسائل التواصل كأداة للادعاء والتمويه، وسط اتهامات تطال شخصيات معروفة في الوسطين السياسي والفني.
بين نشر محتوى خادش والتشكيك في مصادر جمع الأموال.. البلوجرز أمام التحقيقات
مع اشتعال قضية “مروة”، شهدت الأسابيع الأخيرة تكثيف الأجهزة الأمنية حملاتها لملاحقة صناع المحتوى المخالف على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك في إطار جهود الدولة لمواجهة المحتوى الهابط والحفاظ على القيم والآداب العامة. وجاءت البداية مع القبض على البلوجر مروة يسري، فضلًا عن ترويجها لمزاعم غير موثقة، حيث تم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدها بعد تحقيقات موسعة.
كما شملت الحملات ضبط البلوجر أم سجدة بعد قرار النيابة بحبسها 4 أيام على ذمة التحقيقات، إثر نشرها محتوى يتضمن ألفاظًا خادشة وخروجًا عن القيم المجتمعية، إلى جانب القبض على البلوجر أم مكة بتهم مشابهة تتعلق بتقديم محتوى مرئي مخالف للآداب العامة، إضافة للتشكيك في مصادر هذه الأموال.
وفي واقعة أخرى، ألقت السلطات القبض على البلوجر سوزي الأردنية داخل مصر، قبل أن يتم ترحيلها خارج البلاد بالتنسيق مع الجهات المعنية، بعد اتهامها بالمشاركة في محتوى مخالف للقوانين والآداب العامة. كما تم القبض على البلوجر علياء قمرون، المعروفة بـ "علياء مناديل"، على خلفية بلاغات ضدها تتهمها ببث مقاطع ذات إيحاءات جنسية، حيث صادرت الأجهزة الأمنية أدوات التصوير الخاصة بها وبدأت التحقيقات معها.
واستكملت الحملات بضبط البلوجر مداهم، الذي يواجه اتهامات ببث فيديوهات خادشة للحياء وتحقيق أرباح من مصادر مشبوهة، حيث تم التحفظ على الأجهزة الإلكترونية بحوزته لفحصها فنيًا. وتؤكد هذه الحملات استمرار الدولة في التصدي للمحتوى المسيء الذي يسيء للمجتمع ويحرض على سلوكيات مرفوضة.
ختامًا، إنَّ هذه القضية، وإن بدت في بدايتها علامة من علامات الخلل الرقمي لدى صانعي المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، إلَّا أنَّها سلَّطت الأضواء على كارثة، تكاد توجه بلادنا، في كل لحظة، فما بين انحدار القيم وهوان القبضة على المبادئ وأحلام الثراء السريع، تكمن المخاطر، لولا يقظة أجهزة الأمن والسلطات المختصَّة، في رصد كل غريب وشاذ، عبر أثير التواصل الاجتماعي.
أخبار متعلقة :