قالت صحيفة واشنطن بوست إن القلق في موسكو يتزايد، منذ أن بدأت لهجة مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تتغير بعد أن كانوا يروجون لاحتياجات روسيا ووجهة نظرها من الحرب في أوكرانيا.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم الصحفية كاثرين بيلتون- أن روسيا أصبحت تخشى أن تفقد تفوقها في المحادثات مع الولايات المتحدة بعد أن وقعت كييف أخيرا اتفاقية شراكة اقتصادية تمنح واشنطن امتيازا في صفقات المعادن الأوكرانية المستقبلية.
وانتقد المسؤولون الروس الاتفاقية، وقال السيناتور أليكسي بوشكوف إنها تمثل "خطوة رئيسية نحو استعمار أوكرانيا"، ووافقه أليكسي تشيبا، نائب رئيس لجنة الشؤون الدولية في البرلمان، قائلا إن الاتفاقية زادت من اعتماد أوكرانيا على الولايات المتحدة، وأضاف أنها "حولت أوكرانيا مستعمرة معدنية".
وكان وصول ترامب للسلطة قد أحدث تحولا جذريا في النهج الأميركي تجاه الحرب الأوكرانية، مع مكالمات شخصية بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالإضافة إلى تصريحات للمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تميل نحو وجهة النظر الروسية، وانتقاد من ترامب للدعم العسكري الأميركي السخي لأوكرانيا.
تهديد بعقوبات جديدة
وأشاد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت باتفاقية المعادن يوم الخميس، مؤكدا أنها تظهر "للقيادة الروسية أنه لا يوجد فرق بين الشعب الأوكراني والشعب الأميركي، وبين أهدافنا"، وقال إن ذلك سيسمح لترامب بالتفاوض مع روسيا على أسس أقوى.
إعلان
وقال المحلل السياسي المقرب من الكرملين سيرغي ماركوف إن الاتفاق "يزيد الوضع سوءا بالنسبة لروسيا"، وأضاف "لقد أزيل سبب رئيسي للتوتر بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي".
ورغم أن الاتفاق الموقع يوم الأربعاء لا يرسم ملامح التعاون المستقبلي إلا بعبارات مبهمة، ولا يقدم أي ضمانات أمنية ملموسة، فإنه -ولو رمزيا- "يوضح أن الولايات المتحدة تتحمل واجبا معينا في الدفاع عن أوكرانيا لأنها أصبحت مالكة لها"، على حد قول ماركوف.
وكانت روسيا تسعى لإنهاء أي إمدادات أسلحة أميركية لأوكرانيا كشرط لوقف إطلاق نار طويل الأمد، وبدا أن روسيا هي المسيطرة على المفاوضات بعد الخلاف الحاد بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وترامب في المكتب البيضاوي، ولكن ترامب، بعد لقاء قصير مع زيلينسكي على هامش جنازة البابا فرانشيسكو الأسبوع الماضي، هاجم بوتين بشدة بسبب هجماته الصاروخية على مناطق مدنية، وهدده بفرض عقوبات إضافية.
وفي هذا السياق، حذر السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام هذا الأسبوع من حصوله على دعم مجلس الشيوخ لمشروع قانون يدعو إلى فرض عقوبات جديدة ساحقة على روسيا، وذلك بفرض رسوم جمركية بنسبة 500% على الواردات من الدول التي تشتري النفط أو الغاز أو اليورانيوم الروسي، إذا لم تنخرط روسيا في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب.
مخاوف اقتصادية
وتقع المخاوف الاقتصادية -حسب الكاتبة- في قلب خلاف متفاقم داخل النخبة الروسية حول أساليب التفاوض، إذ يضغط الجانب الأكثر اعتدالا على الكرملين لقبول صفقة أميركية محتملة تجمد الصراع على خط المواجهة مقابل رفع جزئي للعقوبات واعتراف أميركي بسيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم، أما المتشددون فيضغطون على روسيا لمواصلة حربها بغض النظر عن الوضع الاقتصادي.
وقال ماركوف إن الجدل في الحكومة الروسية يدور بين من يعتبرون تدهور الاقتصاد سببا لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، ومن يعتقدون أن على روسيا الاستيلاء على المزيد من الأراضي الأوكرانية في ظل تفوقها العسكري، مشيرا إلى أن العلاقات الوثيقة المحتملة بين واشنطن وكييف نتيجة لصفقة المعادن تعني أن روسيا ستواصل القتال لضمان الحصول على أفضل صفقة ممكنة.
إعلان
وكان جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي قد مهد الطريق لإطالة أمد محادثات السلام ومواصلة روسيا حملتها العسكرية عندما صرح بأن "هناك فجوة كبيرة بين ما يريده الروس وما يريده الأوكرانيون"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة "ستبذل قصارى جهدها" لمدة 100 يوم أخرى "لمحاولة جمع هؤلاء معا".
وختمت الكاتبة بأن روسيا تستطيع مواصلة القتال، ولكن ترامب إذا حصل لديه انطباع بأن هناك من يحاول خداعه وإطالة أمد العملية دون التوصل إلى ما يراه اتفاقا مفيدا لروسيا، قد يعود إلى تزويد أوكرانيا بالسلاح بسخاء.
أخبار متعلقة :