الكويت الاخباري

العواصف الترابية أزمة بيئية متفاقمة مع تغير المناخ - الكويت الاخباري

يُدرج العلماء العواصف الرملية والترابية ضمن قائمة أسوأ الأزمات البيئية في القرن الـ21 نظرا لتأثيراتها السلبية الشديدة على جودة الهواء والصحة البشرية والبيئة، وهي ظاهرة مرتبطة بالطقس والتغير المناخي وتؤثر على أكثر من 150 دولة حول العالم.

وضربت العواصف الرملية في الأيام الماضية مناطق عدة في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر، وكان شهر أبريل/نيسان بشكل عام شهر العواصف الترابية في عدة مناطق من العالم.

تحدث هذه العواصف عندما ترفع الرياح القوية المناطق الجافة التي لا يوجد بها غطاء نباتي وتكسر طبقة الغبار فوق التربة حاملة كميات كبيرة من الرمال والغبار في الهواء، قد تكون أحيانا سحبا هائلة متدحرجة، ويدخل سنويا مليونا طن تقريبا من الرمال والغبار إلى الغلاف الجوي بفعل العواصف الترابية.

وقد تبدو العواصف الرملية والعواصف الترابية متشابهة، ولكن هناك بعض الاختلافات المهمة. فالعواصف الرملية تتكون من جزيئات رملية ثقيلة نسبيا، ويمكن للرياح أن تأخذها إلى ارتفاعات تتراوح بين 3 و15 مترا.

أما العواصف الغبارية فتحتوي على جزيئات غبار وطين، وهي أخف بكثير من الرمال، يمكن للرياح أن ترفعها إلى آلاف الأمتار وتأخذها إلى آلاف الكيلومترات أحيانا.

إعلان

ويسهم تغيّر المناخ في انتشار ظاهرة التصحّر التي قد تزيد بدورها معدّلات تواتر هبوب العواصف الرملية والترابية وانتشارها. وتشهد منطقة الشرق الأوسط زيادة مفاجئة في معدّلات تواتر هبوب العواصف الرملية والترابية ومدة العواصف وشدتها.

وكان برنامج الأمم المتحدة للبيئة قد أشار على سبيل المثال إلى أن العراق قد يشهد 300 عاصفة ترابية سنويا بحلول عام 2026، ما يضع البلاد أمام تحديات خطيرة

تواجه منطقة الشرق الأوسط مشكلة العواصف الترابية بشكل متواتر (الفرنسية)

سبب ونتيجة

وتؤكد الدراسات أن عواصف الغبار ترتبط بالتغيرات المناخية، منها ارتفاع درجة الحرارة على مستوى العالم مما يزيد من معدلات التبخر، ومن ثَم الجفاف فتكون التربة أكثر عرضة للتآكل، وهو ما يسهل تكوين العواصف الترابية.

ويُفاقم تغير المناخ حدوث العواصف الرملية والترابية من خلال تغيير أنماط الطقس وتقليص الغطاء النباتي، لكنها تساهم بدورها في التأثيرات المرتبطة بالمناخ.

كما تساهم التغيرات في أنماط الرياح، في تواتر وقوة العواصف الترابية، ويؤدي انخفاض هطول الأمطار والجفاف المطوّل بدوره إلى تقليل الغطاء النباتي، ويترك التربة عرضة للتدهور، ما يساهم في تكثيف العواصف الغبارية.

وتشكل العواصف الرملية والترابية تهديدا كبيرا على الصحّة، كما تؤثر أيضا على الزراعة والبيئة والصناعة والنقل ونوعية المياه، وتعوق تحقيق التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية خصوصا مع تواترها.

ويتفاوت نشاط العواصف الرملية والترابية تفاوتا كبيرا تبعا للموقع الجغرافي والظروف المناخية والعوامل البيئية المحلية. وتنشأ هذه العواصف من مصادر طبيعية كالصحاري، وقيعان البحيرات الجافة، والمناطق الساحلية ذات الرواسب الرخوة.

وتتركز مصادر العواصف الترابية الكبرى على مستوى العالم في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، وخاصة الصحاري الممتدة، مثل الصحراء الكبرى في أفريقيا، وصحراء جوبي في آسيا، والصحراء العربية في الشرق الأوسط.

ترفع العواصف الرملية كميات كبيرة من الرمال والأتربة إلى الجو وتنقلها آلاف الكيلومترات (شترستوك)

تأثير النشاط البشري

وتشير تقديرات المنظمة الدولية للأرصاد الجوية إلى أن نسبة 25% من انبعاثات الغبار سببها أنشطة الإنسان التي تشمل إزالة الغابات وتدهور الأراضي وإدارتها بشكل غير مستدام وتعرّض التربة للتعرية وتغيّر المناخ وسوء إدارة المياه.

إعلان

وتسهم موجات العواصف الرملية والترابية في تلوّث الهواء مباشرة عن طريق زيادة معدّلات تركيز الجسيمات الدقيقة العالقة فيه. ويمثل الغبار في بعض المناطق مصدرا رئيسيا لتلوّث الهواء .

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن نحو 330 مليون شخص على مستوى العالم يتعرضون إلى العواصف الرملية والغبارية على أساس يومي، وفي منطقة الصحراء الكبرى في أفريقيا تؤدي العواصف الرملية إلى تفشي مرض التهاب السحايا، مما يعرض 350 مليون شخص للخطر.

أما في البلدان الواقعة ضمن مصادر غبار الصحراء أو بالقرب منها، فتُلحق العواصف الرملية والترابية أضرارا بالغة بالثروة الحيوانية والزراعة وصحة الإنسان. كما يمكن أن تُجبر العواصف الشديدة على إغلاق الطرق والمطارات بسبب ضعف الرؤية، وتدهور البنية التحتية، وتؤثر بشدة على إنتاج الطاقة التجاري.

كما يقلل الغبار أيضا من الإشعاع الشمسي في المناطق النائية، مما يؤثر على إنتاج الطاقة الشمسية. يمكن أن تنتقل العواصف الترابية الصحراوية لآلاف الكيلومترات عبر المحيط، كما يمكن أن تؤدي العواصف الغبارية بالتواتر في عمليات التصحر.

ونظرا للآثار الخطيرة على المجتمع والاقتصاد والبيئة في النطاق المحلي والإقليمي والعالمي، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 12 يوليو/تموز يومًا دوليا لمكافحة العواصف الرملية والترابية.

ويهدف هذا الإعلان إلى بناء تعاون على الصعيدين العالمي والإقليمي لدرء العواصف الرملية والترابية والتعامل معها وتخفيف آثارها بتحسين نظم الإنذار المبكر وتبادل المعلومات المتعلقة بالمناخ والطقس للتنبؤ بالعواصف الرملية و الترابية وتحليلها.

أخبار متعلقة :