كشف دياب أبو جهجه رئيس مؤسسة "هند رجب" الحقوقية عن تفاصيل جديدة حول حادثة استشهاد الطفلة الفلسطينية هند رجب، مشيرا إلى المسؤولية المباشرة لقائد اللواء المدرع 401 بجيش الاحتلال الإسرائيلي "بني أهرون" عن الجريمة التي وقعت في 29 يناير/كانون الثاني 2024 في حي تل الهوى بقطاع غزة.
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، أكد أبو جهجه أن مؤسسته تمتلك أدلة دامغة تُثبت تورط هذا اللواء الإسرائيلي عبر تحقيقات معقدة وممتدة شملت تحليل بيانات نشرها جنود إسرائيليون على وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتعاون مع خبراء متخصصين في تحليل الصور والفيديوهات.
وتعود حادثة استشهاد الطفلة هند رجب إلى أوائل العام الماضي عندما تعرضت سيارة مدنية داخلها هند وأسرتها لقصف من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وإثر القصف أصيبت هند بإصابات بالغة، وبقيت على قيد الحياة ساعات تتواصل مع المسعفين عبر الهاتف، هامسة "أنا خائفة جدا.. أرجوكم تعالوا". لكنها فارقت الحياة قبل وصول المساعدة الطبية.
ولم تكتف وحدة الدبابات المتمركزة بالمكان بقيادة أهرون بقتل أسرة هند، إذ استهدفت لاحقا سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني أُرسلت لإنقاذ الطفلة، مما أدى إلى مقتل مسعفين كانا داخلها.
إعلان
رحلة جمع الأدلة
وعن الطرق التي جمعت بها المنظمة الأدلة التي تثبت تورط اللواء المدرع 401 الإسرائيلي في مقتل هند وأسرتها، يقول رئيس المؤسسة إن الآلية الدقيقة التي اعتمدنا عليها في جمع الأدلة تقوم على مصادر متعددة تتضمن:
ما نشره جنود الاحتلال الإسرائيلي أنفسهم وكانوا موجودين في مكان الحادثة ذاته على دباباتهم. المعلومات المتوفرة في شبكات التواصل الاجتماعي. التقارير والتحقيقات التي أعدّتها جهات إعلامية مثل: سكاي نيوز وواشنطن بوست والجزيرة. الأرشيف المنشور باللغة العبرية تحديدا ولم يكن متوفرا باللغات الأخرى.وأضاف أبو جهجه أن هذه الأدلة كانت عبارة عن قطع متفرقة، ولكن عند تجميعها تستطيع أن تكوّن صورة كاملة وموثقة عما حدث، قائلا "جمعنا مئات الفيديوهات التي نشرها الجنود، وقمنا بمقارنتها وتحليلها بشكل أشبه بتركيب قطع البازل، مما مكّننا من تحديد الكتيبة والوحدة المسؤولة عن الجريمة، وكذلك أسماء الجنود والضباط المتواجدين في ذلك الوقت.
آليات التوثيق
وأشار رئيس مؤسسة "هند رجب" -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن القيادة الإسرائيلية أنكرت في البداية وجود قوات تابعة لها في موقع الحادث، لكن الأدلة دحضت هذا الادعاء، مضيفا أن "العقيد بني أهرون يتحمل مسؤولية مباشرة -وليس فقط مسؤولية قيادية عامة- عن الهجوم الذي استهدف سيارة عائلة رجب".
وأكد أن هناك شهودا وأدلة تظهر وجود قائد اللواء في المكان على بعد مئات الأمتار من موقع استهداف السيارة المدنية، و"لا مجال للتنصل من مسؤولية هذه الجريمة".
وعن آليات التأكد من الدلائل وتوثيقها، شرح أبو جهجه ذلك بأنه قد تكوّن فريقا عمل للتأكد من صحة الأدلة التي توصلوا إليها: الأول تشكل من فريق المؤسسة الذي راكم خبرات طويلة في هذا المجال، والثاني كان عبر الاستعانة بمؤسسات دولية وخبراء خارجيين من أجل منهجية البحث.
إعلان
وعند سؤاله عن تفاصيل المعلومات والأسماء التي تأكدت لديهم صحتها، رفض رئيس المؤسسة الإفصاح عن المزيد من المعلومات أو الأسماء المسؤولة مباشرة عن مقتل هند وأسرتها والمسعفين، قائلا إن "ذلك سيضر العمل القانوني، واكتفينا بذكر بني أهرون للإعلان عن مسؤوليته بوصفه كان موجودا على بعد أمتار من موقع الحادث وقيادته للواء المدرع الوحيد الذي كان بالمنطقة في ذلك اليوم".
إجراءات قانونية
وبعد التأكد من الأدلة وثبوتها، تحدث رئيس مؤسسة "هند رجب" عن الإجراءات القانونية التي بدأت المنظمة اتخاذها، إذ إن المنظمة "تسعى لتفعيل إجراءات قانونية متعددة ضد المسؤولين عن الجريمة.
وأوضح أن الخطوة الأولى والأساسية ستكون الضغط على المحكمة الجنائية الدولية من أجل إصدار مذكرة توقيف ضد بني أهرون لمسؤوليته المباشرة وكونه قائد اللواء المسؤول. وتاليا "سنعمل أيضا على ملاحقة الجنود والضباط الآخرين في المحاكم الوطنية، خاصة أولئك الذين يحملون جنسيات مزدوجة في دولهم الأصلية، حيث لا يتمتع الجنود والضباط بحصانة قانونية، مما يتيح إمكانية ملاحقتهم. ويعد هذا المسار الأساسي والإستراتيجي لعمل مؤسسة "هند رجب". وهناك مسار يتطلب جهدا سريعا ضد "الجنود الزوار" الذين يسافرون فترات قصيرة لبلدان أخرى. وضرب المتحدث مثلا بنجاح المؤسسة في إصدار قرارات توقيف ضد جنود إسرائيليين في كل من البرازيل وقبرص.وأضاف أبو جهجه أن "عملنا هذا يمثل تشكيلا للوعي بالقانون الدولي ومقاربة مختلفة، فنحن أمام معركة نحتاج فيها إلى بيان أنه يحق للادعاء في المحاكم الوطنية تنفيذ ميثاق روما من دون الحاجة إلى قرارات من الجنائية الدولية، وهو ما نجحنا فيه مرات عدة، وأصبح الاحتلال الآن يشعر بالخوف ويهرّب جنوده ويحثهم على عدم نشر أي مقاطع على مواقع التواصل الاجتماعي".
جريمة حرب
وعن التوصيف القانوني لجريمة قتل "هند رجب" وأسرتها والمسعفين، قال دياب أبو جهجه إنها جريمة حرب في حدها الأدنى، "فأنت تتحدث عن استهداف آلية مدنية فيها أحياء بعد استهداف أولي".
إعلان
وأضاف أن جيش الاحتلال يستطيع أن يدّعي أنه أخطأ في استهدافه الأولي وظن أن السيارة تحوي مثلا عناصر للمقاومة، ولكنه لا يستطيع أن يدعي أن هند رجب لم تكن موجودة في السيارة وأنها كانت لا تزال حية لأن العالم كله كان يعرف ذلك ويعرف أن اللواء 401 في تلك اللحظة كان يقتل عمدا.
كما أشار إلى موضوع المسعفين، فعندما أرسل الهلال الأحمر الفلسطيني سيارة إسعاف لإنقاذ هند رجب كان ذلك بالتنسيق الضمني والمباشر مع الجيش الإسرائيلي وبإعلامه، ومع ذلك تم استهداف سيارة الإسعاف، مما يعني أن هذه جريمة دامغة لا مكان فيها للخطأ.
وختم رئيس مؤسسة "هند رجب" تصريحاته للجزيرة نت بأن العقل الذي يستهدف طفلة هو "عقل إبادي"، وهو ذاته المسؤول عن قتل الآلاف من أطفال غزة، وهو نفسه العقل الذي يهندس الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في غزة، و"لذلك لامست جريمة "هند رجب" وجدان العالم بأسره ودفعتنا إلى تأسيس هذه المؤسسة".
يذكر أن مؤسسة "هند رجب" منظمة حقوقية غير حكومية، مقرها بروكسل، ويتركز عملها على محاكمة الجنود الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين وملاحقتهم، وأُسست تكريما للطفلة هند رجب التي استشهدت مع عائلتها بغزة عام 2024.
أخبار متعلقة :