في مؤشر واضح على أن الكرملين لا يتوقع تعافي أسعار النفط في المدى القريب، تدرس الحكومة الروسية تشديد "قاعدة الميزانية" الرئيسية لديها، وهي الآلية التي تُستخدم لبناء الموازنة العامة على أساس سعر مرجعي للنفط.
وبحسب ما نقلته وكالة بلومبيرغ عن مصادر مطلعة طلبت عدم الكشف عن هويتها، قد تخفض موسكو السعر المرجعي للنفط في قاعدة الميزانية من 60 دولارا إلى نحو 50 دولارا للبرميل ابتداءً من العام المقبل، إذا ما استمرت الأسعار العالمية في التراجع.
استمرار الحرب وتراجع العائدات
ويأتي هذا التوجه في وقت تتفاقم فيه الضغوط على المالية العامة الروسية بفعل استمرار الحرب في أوكرانيا للعام الرابع، وسط انخفاض حاد في عائدات الطاقة التي تمثل نحو 30% من إيرادات الدولة.
وتستخدم روسيا قاعدة الميزانية منذ سنوات كآلية لحماية المالية العامة من تقلبات سوق النفط، بحيث يتم تحويل الإيرادات الفائضة عن السعر المرجعي (حاليا 60 دولارا) إلى صندوق الرفاه الوطني، الذي يستخدم لاحقا لدعم الميزانية عند تراجع العائدات.
لكن مع هبوط أسعار خام الأورال الروسي إلى ما دون هذا الحد، استمرّت وزارة المالية في السحب من احتياطيات الصندوق، ما أدى إلى تسارع وتيرة استنزافه.
إعلان
انكماش حاد باحتياطي الرفاه
وتشير بيانات بلومبيرغ إلى أن الأموال السائلة المتاحة للإنفاق من صندوق الرفاه الوطني انخفضت إلى 3.3 تريليونات روبل (41 مليار دولار) في أبريل/نيسان، مقارنة بـ8.4 تريليونات روبل في بداية عام 2022، قبل الحرب الروسية الأوكرانية.
كما أعلنت وزارة المالية الروسية الأسبوع الماضي عن مضاعفة عجز الميزانية المستهدف لعام 2025 أكثر من 3 مرات، نتيجة التوقعات المنخفضة للإيرادات وأسعار النفط، ما يفرض ضغطا إضافيا على الموارد العامة.
حرب ترامب التجارية تزيد الطين بلة
وجاء تراجع أسعار النفط مدفوعا بمخاوف من تأثير الحرب التجارية الجديدة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي تهدد بإضعاف الطلب العالمي على الطاقة.
كما قررت مجموعة أوبك بلس، بقيادة السعودية وروسيا، التخلي عن إستراتيجيتها التقليدية لرفع الأسعار، والمضي في زيادة إنتاج النفط خلال يونيو/حزيران.
وكانت روسيا، بحسب مسؤول حكومي تحدّث لبلومبيرغ بشرط عدم ذكر اسمه، دعمت هذه الزيادة في الإنتاج على أمل أن يعوّض ارتفاع حجم الصادرات جزئيا عن الخسائر الناتجة عن انخفاض الأسعار.
وبموجب هذا الاتفاق، ستتمكن روسيا من رفع إنتاجها من النفط الخام فقط إلى 9.16 ملايين برميل يوميا في يونيو/حزيران، مقارنة بـ8.965 ملايين برميل يوميا في مارس/آذار، بحسب مصادر مطلعة.
خيارات محدودة أمام الكرملين
ويعد التوجه لتعديل قاعدة الميزانية خيارا صعبا، لأنه سيتطلب خفضا في الإنفاق الحكومي في وقت تتزايد فيه الالتزامات العسكرية، ما يُصعّب تمرير القرار سياسيا.
وترى بلومبيرغ أن هذه المناقشات تعكس إدراك الكرملين بأن عصر الأسعار المرتفعة للنفط قد لا يعود قريبا، ما يعني أن التمويل السهل للحرب وللميزانية العامة يواجه نهاية وشيكة، ويستوجب إيجاد مصادر بديلة للإيرادات أو الدخول في موجة تقشف مالي.
إعلان
أخبار متعلقة :