في خطوة تثير تساؤلات واسعة حول المعايير المعتمدة في اختيار القيادات داخل الشركات الكبرى، أعادت شركة "رنين" المعروفة في مجال الأجهزة المنزلية مديرها المالي إلى منصبه، رغم كونه لا يزال متهمًا في قضية أمن دولة تتعلق بالانضمام لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة ومشاركته في اعتصام ميدان رابعة العدوية عام 2013.
اعترافات صريحة أمام النيابة
بالاطلاع على نص أقوال محمد عفيفي، المدير المالي لشركة رنين، أمام النيابة العامة، حيث اعترف صراحةً بمشاركته في مظاهرات رابعة العدوية، وقال إنه كان "منضمًا لجماعة رابعة"، وهي العبارة التي استخدمها بنفسه في التحقيقات، في إشارة واضحة إلى انخراطه في الاعتصام الذي نظمته جماعة الإخوان المسلمين احتجاجًا على عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.
اللافت في الاعترافات أن "عفيفي" حاول التنصل من أية صلة مباشرة بالتنظيمات التكفيرية أو الجهادية، وأكد عدم انضمامه لأي حزب سياسي، إلا أنه لم ينكر مشاركته في الاعتصام أو علاقته بالمنشورات التي ضبطت معه، مكتفيًا بالقول إنها "صور قديمة مع الزملاء أيام الثورة".
الإفراج رغم الاتهام
ورغم أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض عليه بناءً على أمر ضبط وإحضار صادر من النيابة العامة، ورغم أنه لا يزال متهمًا رسميًا في القضية – التي لم تُغلق بعد – فإن النيابة أمرت بإخلاء سبيله على ذمة التحقيقات، دون إسقاط التهم عنه حتى الآن.
الشركة تعيده.. والنيابة تحقق
المثير في الأمر أن شركة "رنين" قررت، بعد كل ذلك، إعادة عفيفي إلى منصبه كمدير مالي، متجاهلة حقيقة أن الرجل لا يزال يواجه تهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية والمشاركة في نشاط مناهض للدولة.
مصدر مطلع داخل الشركة كشف أن مجلس الإدارة وافق على عودة عفيفي للعمل، رغم علمهم الكامل بسجله القضائي الحالي واعترافاته أمام جهات التحقيق، ما يطرح علامات استفهام خطيرة حول ارتباط بعض قيادات الشركة بجماعة الإخوان المسلمين.
سابقة خطيرة في الإدارة
ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف ارتباط قيادات "رنين" بجماعة الإخوان. فقد سبق أن صدر حكم بالسجن 15 عامًا بحق عضو مجلس إدارة الشركة، عبد الوهاب عبد الغفار السيد، بتهم تتعلق بمشاركته في اعتصام رابعة أيضًا، وتم التحفظ على أموال الشركة وقتها، قبل أن يشمله عفو رئاسي صدر عن الرئيس عبد الفتاح السيسي لاحقًا.
ورغم ذلك، لا تزال الشركة تعمل على إعادة عناصرها المرتبطين بالجماعة إلى مواقع اتخاذ القرار، ما يدعو للتساؤل حول هوية الجهات التي تدير المشهد داخل هذه المؤسسة الاقتصادية، وحول ما إذا كانت هناك اعتبارات سياسية أو أيديولوجية تحكم قرارات التوظيف والإدارة.
إلى أين تتجه "رنين"؟
إعادة المتهم محمد عفيفي إلى منصبه المالي الحساس، رغم كونه محل تحقيق في قضية إرهاب، يطرح تساؤلًا جوهريًا:
هل باتت المناصب العليا في بعض الشركات متاحة لمن تلاحقهم اتهامات خطيرة بمجرد إخلاء سبيلهم، دون انتظار لحكم نهائي؟
كما أن هذا القرار يُلقي الضوء على العلاقات الخفية بين بعض الكيانات الاقتصادية وجماعة الإخوان المسلمين، ما قد يدفع السلطات والجهات الرقابية إلى التدقيق في البنية الإدارية والمالية لهذه المؤسسات.
وقد لمّح مصدر خاص إلى أن الأيام القادمة قد تشهد الكشف مفاجآت جديدة تتعلق بعلاقات أوسع تربط بين بعض الشركات الكبرى والكيانات المحظورة.
أخبار متعلقة :