أبل تواجه رياحاً معاكسة.. فإلى أي مدى تستطيع الصمود؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

تواجه الشركات الكبرى في عالم التكنولوجيا تحديات متسارعة تعيد رسم ملامح الأسواق وتحركات المستثمرين، وفي قلب هذه العاصفة تقف شركة آبل، التي تعد رمزاً للابتكار والنجاح الاستثنائي، إلا أن العام 2025 يبدو كأنه اختبار صعب لقدرة عملاق التكنولوجيا على الصمود، في ظل تقلبات الأسواق العالمية والتوترات التجارية المتصاعدة.

السياق الحالي الذي تعيشه آبل ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج تداخل عوامل داخلية وخارجية، تبدأ من تعثر الابتكار في منتجاتها الأساسية، مروراً بتأخرها في سباق الذكاء الاصطناعي، ووصولاً إلى أزمات التجارة الدولية التي أعادت تشكيل مسار الشركات الأميركية الكبرى.

ومع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتهديدات الرسوم الجمركية، تجد آبل نفسها في موقف حساس، إذ تعتمد بشكل رئيسي على الصين كمركز لتجميع أجهزتها، مما يجعلها أكثر عرضة للتقلبات والضغوط السياسية والاقتصادية.

رياح معاكسة

في هذا السياق، يشير تقرير لـ "بيزنس انسايدر" إلى أن العام الجاري 2025 هو عام صعب على "أبل"، فقد انخفضت خلاله أسهم الشركة -حتى الآن- بنسبة 20 بالمئة مما يجعلها الأسوأ أداءً ضمن أسهم "السبعة العظماء" في 2025.

وفيما يقول المحللون إن الانخفاض كان بسبب مجموعة من العوامل خارجة عن سيطرة عملاق التكنولوجيا، مثل الحرب التجارية، إلا أنهم يشيرون إلى أن انخفاض الأسهم هذا العام قد يكون فرصة شراء للمستثمرين على المدى الطويل.

ونقل التقرير عن كبير استراتيجيي الأسهم في شركة CFRA للأبحاث، أنجيلو زينو، قوله إن قلق المستثمرين الرئيسي هو تأثير الرسوم الجمركية، لا سيما وأن الغالبية العظمى من هواتف آيفون التي تنتجها شركة آبل تُجمّع في الصين، مما قد يزيد من تأثر الشركة بارتفاع الأسعار.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد انتقد شركة أبل، داعياً إياها إلى تصنيع هواتف آيفون في الولايات المتحدة أو دفع تعريفة جمركية بنسبة 25 بالمئة (على الهواتف غير المصنعة في أميركا والمباعة فيها).

وفي حين واجهت الحرب التجارية التي يشنها ترامب عقبات قانونية هذا الأسبوع، فإن المعارك القضائية تضيف هالة أخرى من عدم اليقين حول الكيفية التي يمكن أن تتطور بها الحرب التجارية.

ووفق زينو فإن:

شركة أبل معرضة بشكل فريد للرياح المعاكسة للتجارة. "تقع الأجهزة في المنتصف أو في عين العاصفة عندما يتعلق الأمر بعدم اليقين السياسي وعدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية الموجودة هناك".

ويعتقد كبير مسؤولي الاستثمار في شركة مين ستريت ريسيرش، جيمس ديميرت، بأن تراجع أسهم آبل هذا العام يعود إلى افتقار الشركة إلى  منتجات تُحدث نقلة نوعية. كما تأخرت الشركة في تطبيق الذكاء الاصطناعي في هواتفها، ولم يُحفّز الذكاء الاصطناعي بعدُ الطلب على تحديثات هواتف آيفون.

ويقول ديميرت: "فيما يتعلق بالأجهزة أو التطبيقات الإبداعية الجديدة الناجحة، فإن المستقبل لا يزال غير مؤكد".

لكن، وبحسب التقرير، لا يزال الكثيرون متفائلين بشأن آفاق عملاق التكنولوجيا وقدرته على تجاوز الحرب التجارية.

أداء ضعيف

يقول المستشار الأكاديمي في جامعة "سان خوسيه" الحكومية في كاليفورنيا، أحمد بانافع، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن ثمة عديداً من الأسباب وراء الأداء الأضعف من المتوقع لأسهم "أبل" مقارنة بأسهم شركات التكنولوجيا الكبرى هذا العام، ومن أهمها:

تباطؤ نمو الإيرادات والأرباح (في إشارة إلى انخفاض المبيعات في الصين في الربع الثاني من العام بنسبة 2.3 بالمئة لتسجل 16 مليار دولار مقارنة بتوقعات المحللين عند 16.83 مليار دولار). التأخر في سباق الذكاء الاصطناعي، إذ يُنظر إلى أبل على أنها متأخرة عن منافسيها المباشرين في دمج قدرات الـ AI المتقدمة في منتجاتها.. ذلك أن مشروع "Apple Intelligence" الخاص بها يواجه تأخيرات، وقد تم إلغاء مشروع سيارتها ذاتية القيادة. وهذا يثير مخاوف المستثمرين بشأن قدرة أبل على الابتكار والحفاظ على ميزتها التنافسية في هذا المجال الحيوي. التحديات الجيوسياسية والرسوم الجمركية، لا سيما وأن الشركة تعتمد بشكل كبير على الإنتاج في الصين ودول آسيوية أخرى.. وبالتالي فإن تهديدات فرض رسوم جمركية جديدة من قبل الإدارة الأميركية، يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على هوامش ربحية أبل وإيراداتها، حيث تقدر التكاليف الحالية للرسوم الجمركية بنحو 900 مليون دولار سنويًا.

كما يُبرز بانافع في هذا السياق التأثيرات المرتبطة بـ "المنافسة الشديدة"، إذ تواجه صانعة الآيفون منافسة متزايدة من علامات تجارية أخرى في سوق الهواتف الذكية والأجهزة الأخرى، مما قد يحد من نموها ويؤدي إلى حرب أسعار.. علاوة على التحديات التنظيمية التي تعاني منها الشركة، بما في ذلك التحديات المرتبطة بمكافحة الاحتكار في عدة دول؛ لا سيما فيما يتعلق بسياسات متجر التطبيقات الخاص بها. وقد تؤثر أي تغييرات تنظيمية سلبية على إيراداتها من الخدمات وربحيتها.

أبرز السيناريوهات

ويرصد الخبير التكنولوجي، أبرز السيناريوهات التي تُواجهها الشركة في ضوء ما تقدم من تحديات، ما بين سيناريوهات إيجابية مرتبطة بفرص للنمو، وسيناريوهات سلبية.. أما لجهة السيناريوهات الإيجابية، فيشير إلى أنها مرتبطة بمجموعة من الفرص، على النحو التالي.

التوسع في الأسواق الناشئة. نمو قطاع الخدمات والاشتراكات. الابتكار في الأجهزة القابلة للارتداء والواقع المعزز. إطلاق منتجات جديدة وتحديثات للذكاء الاصطناعي. التعافي في سوق الهواتف الذكية.

بينما يشير إلى أن السيناريوهات السلبية في تقديره ترتبط بشكل وثيق بعددٍ من التحديات الرئيسية، على النحو التالي:

استمرار التحديات التنظيمية. تصاعد التوترات التجارية. التعثر في الذكاء الاصطناعي. تباطؤ الإنفاق الاستهلاكي. مشاكل سلسلة التوريد.

وتبعاً لذلك، يشير المستشار الأكاديمي في جامعة "سان خوسيه" الحكومية في كاليفورنيا، إلى أن أسهم أبل في وول ستريت تواجه تحديات كبيرة هذا العام، لكن لا تزال هناك فرص للنمو إذا تمكنت الشركة من التغلب على هذه العقبات والابتكار بنجاح، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي والخدمات، لافتاً إلى أن مستقبل السهم يعتمد بشكل كبير على قدرة أبل على التكيف مع تغيرات السوق وتقديم منتجات وخدمات مبتكرة تلبي توقعات المستهلكين والمستثمرين.

وخرجت أبل من نادي الـ 3 تريليونات دولار، وبلغت قيمتها السوقية 2.999 تريليون بختام الأسبوع الأخير، لكنها لا تزال تحافظ على مكانتها كثالث أكبر شركة من حيث القيمة السوقية في العالم، وفق بيانات companiesmarketcap.

تتصدر شركة مايكروسوفت القائمة بـ 3.421 تريليون دولار، تلتها عملاق تصنيع الرقائق "إنفيديا"  كثاني أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية بنحو 3.295  تريليون دولار.

التوترات التجارية

أستاذ علم الحاسوب وخبير الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات في السيليكون فالي- كاليفورنيا، الدكتور حسين العمري، يحدد في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" مجموعة من الأسباب الرئيسية التي تفاقم التحديات أمام أبل، وفي مقدمتها التوترات التجارية:

أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إحياء الحرب التجارية مع الصين. هدد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على أجهزة iPhone غير المصنعة في الولايات المتحدة والمباعة داخلها. نظراً لاعتماد آبل الكبير على التصنيع في الصين، فإن هذه التهديدات أثارت مخاوف المستثمرين بشأن ارتفاع التكاليف وانخفاض الهوامش الربحية.

كما يشير إلى تأخر "أبل" في مجال الذكاء الاصطناعي كعامل آخر أسهم في ضعف أسهمها مقارنة بالسبع الكبار، فبينما قامت شركات مثل مايكروسوفت وغوغل وميتا بدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في منتجاتها، تأخرت آبل في هذا المجال، وقد جاء إطلاقها المتأخر لـ  "Apple Intelligence" غير كاف لتعويض هذا التأخر، مما أثر على ثقة المستثمرين.

كما يلفت في الوقت نفسه إلى عوامل أخرى من بينها"  ضعف الابتكار في المنتجات"، إذ لم تقدم آبل منتجات جديدة مبتكرة خلال الفترة الأخيرة، حتى أن جهاز "Vision Pro" لم يحقق المبيعات المتوقعة، وتم إلغاء مشروع السيارة الذاتية.

يضاف إلى ذلك تحول استراتيجيات المستثمرين، إذ قامت العديد من الصناديق الاستثمارية الكبرى بتقليل استثماراتها في أسهم آبل، مفضلة قطاعات أخرى مثل المالية والرعاية الصحية، مما زاد من الضغط على سعر السهم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق