بعد أن فقد العالم أكثر من ثلث أجهزته الجليدية خلال "الـ 50" عامًا الأخيرة، وخسرت منطقة آسيا الوسطى وحدها نحو 30% من أنهارها الجليدية منذ ستينيات القرن الماضي، شهدت طاجيكستان انعقاد المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول الحفاظ على الأنهار الجليدية، في العاصمة دوشنبه في الفترة من 29 إلى 31 مايو، ليترجم كأحد الجهود بعد إعلان الأمم المتحدة لعقد العمل الدولي من أجل الماء والتنمية المستدامة (2018-2028)، والذي جاء بمبادرة من رئيس طاجيكستان إمام علي رحمن، ليشكل محطة هامة في مواجهة التحديات البيئية العالمية، خاصة مع الفقدان المستمر للأنهار الجليدية.
وخلال المؤتمر، دعا الرئيس الطاجيكي "إمام علي رحمن" المجتمع الدولي إلى تعزيز التعاون الدولي، وأكد أن الهدف الأساسي من هذا الاجتماع هو الحفاظ على الموارد البيئية من خلال جهود المجتمع الدولي لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية، مشددًا على أهمية استغلال كل لحظة لحماية كنوز الطبيعة، مشيراً إلى أن مشكلة الذوبان المتسارع للأنهار الجليدية أصبحت اليوم واحدة من الأزمات العالمية المعاصرة، واصفاً هذه الظاهرة بأنها اتجاه غير مسبوق في تاريخ البشرية. لافتاً إلى أن طاجيكستان، التي تمتلك أكبر الأنهار الجليدية في آسيا الوسطى، باتت تواجه اليوم أزمة بهذا الصدد، حيث أن تراجع الأنهار الجليدية لا يهدد التراث الطبيعي للبلاد فقط، بل وحياة الملايين في المنطقة.
واقترح رئيس طاجيكستان إمام علي رحمن، وضع استراتيجية عالمية لحماية الأنهار الجليدية على المستوى الدولي كما أكد على ضرورة بذل جهود مشتركة من قبل المجتمع الدولي لإيجاد حلول لهذه المشكلة، وتعزيز التعاون الدولي، وتنظيم رصد شامل وأبحاث علمية لفهم أفضل لعمليات ذوبان الأنهار الجليدية وتأثيرها على التغير المناخي العالمي، وضمان الأمن الغذائي، ووضع استراتيجية عالمية لحماية الأنهار الجليدية على المستوى الدولي. كما رأى ضرورة زيادة تنسيق الإجراءات للحفاظ على الأنهار الجليدية، وأردف قائلا: "إن أنهار طاجيكستان الجليدية هي المصدر الرئيسي لتغذية أنهار آسيا الوسطى، كما أنها تلعب دورا محوريا في الحفاظ على الاستقرار المناخي للمنطقة"، بالإضافة إلى أهميتها للمناخ العالمي. وفي هذا الصدد، اقترح الزعيم الطاجيكي تنظيم بعثة مشتركة مع شركاء التنمية والمعاهد البحثية لدراسة أنهار طاجيكستان الجليدية وإنشاء مختبر جليدي إقليمي
وشدد رئيس طاجيكستان إمام علي رحمن، على أن نتائج المؤتمر ستكون دعوة للعمل الفاعل من قبل المجتمع الدولي للمساهمة في أهم العمليات العالمية في مجال الموارد المائية والمناخ والتنمية المستدامة. كما وصف المؤتمر بأنه خطوة مهمة نحو تنفيذ قرار الأمم المتحدة بإعلان عام 2025 سنة دولية للحفاظ على الأنهار الجليدية.
وقد شهدت فاعليات المؤتمر جلسات جانبية خلال المؤتمر بمشاركة علماء وخبراء وناشطين في مجال البيئة، حيث تركزت هذه الجلسات على تبادل التجارب واستكشاف الحلول العلمية والعملية لحماية الأنهار الجليدية والمثالج الطبيعية، حيث انها لا تساهم فقط في الحفاظ على التنوع البيولوجي، بل لها تأثيرات مباشرة على موارد المياه وأمن الغذاء للمجتمعات المحلية، نظرًا لأن المثالج الطبيعية تعمل كمصادر للمياه العذبة لملايين الأشخاص حول العالم، مما يحتم أن تكون الإجراءات لحمايتها في صدارة السياسات البيئية.
يذكر أن ذوبان الأنهار الجليدية يؤثر سلباً في استقرار الأنظمة البيئية ويهدد الأمن الغذائي وإنتاج الطاقة الكهرومائية في العديد من المناطق، خاصة في آسيا الوسطى والجنوبية، كما قد تتلاشى الأنهار الجليدية بالكامل في بعض المناطق مثل الدول الاسكندنافية، هذا وتنتهج طاجيكستان رؤية استباقية في الحفاظ على الأنهار الجليدية، حيث تؤمن الأنهار الجليدية في طاجيكستان أكثر من 60% من مياه حوض نهر آمو داريا، الذي يُعد شريان حياة لأكثر من 43 مليون شخص.