عاجل

ضغوط عسكرية تحاصر طهران وتدفعها نحو التفاوض - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

في أجواء مشحونة بالتوتر والقصف المتبادل، تتصاعد الأصوات الدولية مطالبة بعودة إيران إلى طاولة المفاوضات النووية، بينما تتزايد الضغوط العسكرية والاقتصادية على طهران.

وسط هذا المشهد المعقد، تبرز تساؤلات جوهرية حول مدى استعداد إيران للتفاوض من موقع الضعف، وما إذا كانت الضربات الإسرائيلية ستحقق هدف إجبار طهران على المرونة، أم أنها ستؤدي إلى مزيد من التصعيد والتعقيد.

الخيارات المحدودة.. إيران بين المطرقة والسندان

يرى الخبراء أن إيران تواجه اليوم خيارات محدودة وصعبة للغاية. وفقاً لأستاذ القانون الدولي في الجامعة الأميركية بالإمارات عامر فاخوري، فإن "الإيرانيين أمام خيارين إما أن يعودوا إلى طاولة المفاوضات وهذا هو الخيار الأفضل، أو أن يستمر القصف الإسرائيلي بدعم مباشر أو غير مباشر من الولايات المتحدة".

فاخوري شدد خلال حديثه إلى سكاي نيوز عربية على أن "الضغوط التي يتعرض لها الإيرانيون هي ضغوط بالمعايير الطبيعية ليست ضغوطاً تستطيع أي دولة أن تحتملها"، مضيفا أن "الإيرانيين ليس لديهم الكثير من الأوراق لكي يحركوها على الساحة الدولية".

التحدي النفسي.. العودة تحت القصف

من أبرز التحديات التي تواجه إيران هو التحدي النفسي والسياسي المتمثل في العودة للمفاوضات وهي تحت القصف. يوضح فاخوري أن "العودة إلى المفاوضات يعني أنها تعود وهي لديها الشعور بالانهزام ولديها الشعور أنها مضغوط عليها دولياً".

ويؤكد أن "الفصل بين المشهد الحربي العسكري وبين المشهد الدبلوماسي أعتقد بالنسبة للإيرانيين سوف يكون موضوع صعب جداً"، مشيراً إلى أن إيران "تحتاج أن تحافظ على ماء الوجه".

الفرصة الضائعة

قدم الكاتب والباحث السياسي مبارك آل عاتي تحليلاً نقدياً لسلوك إيران، مؤكداً أن "أزفت الآزفة تأخروا كثيراً كان هناك فرص كبيرة جداً لإيران لتلتقطها". ويضيف أن "الـ60 يوماً التي وضعها الرئيس ترامب كانت فرصة كافية جداً لإيران بأن تأمن على برنامجها النووي".

ويتابع آل عاتي: "بالفعل أضاعوا الفرصة... لأنهم يجيدون دائماً التلاعب بالوقت ويجيدون دائماً أخذ المفاوضات، يعتقدون أن الرئيس ترامب كالرئيس أوباما".

الاستراتيجية الإسرائيلية.. عقيدة بيغن تحكم المشهد

يسلط فاخوري الضوء على الاستراتيجية الإسرائيلية طويلة الأمد، موضحاً أن "عقيدة بيغن تقول باختصار أن بعض الدول في الشرق الأوسط والشرق الأوسط بالمجمل يجب أن يكون شرق أوسط خالي من الأسلحة النووية باستثناء إسرائيل".

ويشير إلى أن "تطبيقاً لعقيدة بيغن قامت إسرائيل عام 1981 بقصف المفاعل النووي العراقي تموز ثم بعد ذلك قامت بقصف 2007 المفاعل النووي السوري"، مضيفاً أن إسرائيل تسعى الآن "للقضاء على البرنامج النووي الإيراني".

الرؤية الأميركية.. الضوء الأخضر والحسابات المعقدة

تؤكد مديرة مكتب صحيفة الشرق الأوسط في واشنطن هبة القدسي أن "الرئيس ترامب أعطى الضوء الأخضر للضربات الإسرائيلية" بهدف "إجبار إيران على إبداء المرونة في المفاوضات وإجبارها على المجيء إلى طاولة المفاوضات من منطلق الطرف الضعيف".

وتضيف القدسي أن "الضربات الإسرائيلية كانت ضربات مفاجئة ودقيقة وصادمة للداخل الإيراني"، مشيرة إلى أن إدارة ترامب "تقدم ببعض المقترحات التي تحفظ ماء الوجه للجانب الإيراني وتحقق لإيران بعض المكاسب المالية من خلال رفع العقوبات مقابل التوقف عن تخصيب اليورانيوم".

العقد الجوهرية.. اليورانيوم وحق السيادة

يحدد فاخوري النقاط الأساسية للخلاف في المفاوضات، موضحاً أن "الخلاف كان على نقطتين أساسيتين: النقطة الأولى متعلقة بتخصيب اليورانيوم والنقطة الأخرى متعلقة بماذا نفعل بكميات اليورانيوم التي تم تخصيبها في إيران".

ويؤكد أن "الإيرانيين مصممون أن لديهم حقاً بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية الحق بتخصيب اليورانيوم وهذا الحق يعتبره حق مقدس وحق سيادي"، مشيراً إلى أن "نسبة التخصيب التي وصل إليها الإيرانيون حوالي 60 بالمائة، يعني هم ليسوا بعيدين عن النسبة المطلوبة لتخصيب اليورانيوم لغايات عسكرية".

الوساطات الإقليمية

يبرز آل عاتي الجهود الخليجية في الوساطة، مؤكداً أن "الجهود الآن تنصب على مجلس التعاون الخليجي والاجتماع الوزاري الذي انعقد اليوم البيان شديد اللهجة الذي صدر من كل العواصم الخليجية".

ويشير إلى أن "الاتصالات الهاتفية التي أجراها سمو ولي العهد السعودي مع الرئيس الأميركي ومع الرئيس الإيراني ورئيس الوزراء البريطاني والرئيس الفرنسي كل ذلك بالفعل يدل على أن السعودية ومعها المنظومة الخليجية تسعى لأن تخلق حالة من الأجواء التي تسمح بفتح مسارات للتهدئة".

الخطوط الحمراء.. نقاط اللاعودة

يحذر فاخوري خلال حديثه من تجاوز إيران لما يسميه "الخطوط الحمراء"، موضحاً أن هذا يشمل "إغلاق المياه الدولية" أو "الاعتداء على القواعد الأمريكية في المنطقة" أو "الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية".

ويؤكد أن "هذه الخطوط الحمراء إذا تجاوزتها إيران نكون نحن في مرحلة أستطيع أن أسميها اللاعودة أو على الأقل العودة لكن بعد سنوات طويلة جداً".

التوقيت الحرج.. نافذة ضيقة للحل

يرى آل عاتي أن التوقيت عامل حاسم، مشيراً إلى أن "القواعد العسكرية الإسرائيلية الآن التي تعمل لضرب إيران تحتاج على الأقل إلى أسبوع ليتم إسكاتها"، مضيفاً أن "القادة العسكريين لن يسمعوا للسياسيين قبل مضي أسبوع أو أسبوعين".

ويؤكد ضرورة "تحقيق توازن جديد على الأقل أن تبدو إيران مهزومة" كشرط لبدء أي مفاوضات جدية.

مستقبل غامض بين الحرب والدبلوماسية

تقف إيران اليوم أمام مفترق طرق حاسم، حيث تتقاطع الحسابات العسكرية مع الضرورات الدبلوماسية في معادلة معقدة تحدد مستقبل المنطقة. فبينما تشير كل المؤشرات إلى أن الضغوط المتزايدة قد تدفع طهران نحو المفاوضات، تبقى المسألة الأساسية هي قدرة الأطراف المختلفة على الفصل بين المسار العسكري والمسار الدبلوماسي.

إن نجاح أي مفاوضات مستقبلية لن يعتمد فقط على مرونة إيران أو شروط الولايات المتحدة، بل على قدرة المجتمع الدولي على إيجاد صيغة تحفظ كرامة جميع الأطراف وتضمن الأمن الإقليمي.

وفي ظل التعقيدات الحالية، يبدو أن الطريق نحو حل دبلوماسي مستدام لا يزال محفوفاً بالتحديات والمخاطر، مما يتطلب حكمة استثنائية من جميع الأطراف المعنية لتجنب انزلاق المنطقة نحو صراع أوسع قد تكون تداعياته كارثية على الجميع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق