تل أبيب تحت النيران.. تصعيد نوعي يخلط أوراق المواجهة - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

في لحظة فارقة من مسار التصعيد المتواصل بين إيران وإسرائيل، اخترقت دفعة من الصواريخ الإيرانية سماء تل أبيب والقدس، مكشوفةً محدودية منظومات الدفاع الإسرائيلية، ومعلنةً مرحلة جديدة من الصراع عبر استخدام صواريخ باليستية عالية السرعة تتجاوز قدرات الإنذار المبكر التقليدي.

دوّت صافرات الإنذار في مناطق واسعة من إسرائيل، من رأس الناقورة شمالاً إلى أسدود والقدس والوسط، وسط حالة استنفار كامل للقبة الحديدية ومنظومات داوود ومقلاع داوود.

لكن بحسب مراسل "سكاي نيوز عربية" في القدس، بشار زغير، فإن التأخر الملحوظ في صدور التحذيرات الأولى كشف عن خلل في التنبؤ بالضربة الإيرانية. "المنظومة الإسرائيلية لا تعمل بدقة 100%، إذ تأخر الإنذار الأولي، ووصلت الصواريخ في وقت قياسي"، قال زغير، مضيفًا أن طبيعة الصواريخ المستخدمة—وهي صواريخ باليستية تفوق سرعة الصوت—جعلت من الصعب على الأنظمة الدفاعية استيعاب الهجوم بشكل فوري.

تكتيك إيراني متقدم.. التمويه قبل الضربة الدقيقة

في تفسيرٍ تقني لهذا التطور، أوضح محمد صالح صدقيان، المحلل الخاص لسكاي نيوز عربية ، أن ما جرى هو تطبيق حرفي لتكتيك عسكري مركب، يعتمد على التمويه أولًا، ثم الضربة الدقيقة لاحقًا.

"إيران تتبع تكتيكاً متقدماً بإطلاق صواريخ قديمة كموجة تمويهية، تليها صواريخ فرط صوتية موجهة نحو أهداف دقيقة"، قال صدقيان، مشيرًا إلى أن الهدف هو "إشغال منظومات الدفاع الإسرائيلية، ثم تمرير الصواريخ الأهم، وهي صواريخ دقيقة وعالية التأثير".

هذا النهج يعكس تطورًا كبيرًا في القدرات الإيرانية، ليس فقط من حيث التصنيع الصاروخي، بل أيضًا في توظيف أساليب الحرب النفسية والعسكرية لخلخلة الردع الإسرائيلي، خاصة في ظل الاعتماد المتزايد على القبة الحديدية كخط الدفاع الأول عن العمق الإسرائيلي.

ترامب يراقب.. الضغط قبل الحسم

في واشنطن، تتابع الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب التصعيد الإيراني-الإسرائيلي بقلق محسوب. وبحسب الباحث السياسي إيهاب عباس، فإن ترامب لا يميل بطبيعته إلى الانخراط في حروب مباشرة، لكنه قد يستخدم أدوات الضغط العسكرية لتحسين شروط التفاوض.

"ترامب ليس رجل حروب، لكنه أيضاً ليس مقيداً بثوابت أخلاقية في إدارة الصفقات"، قال عباس، متوقعًا أن يعتمد الرئيس الأميركي على تدخل محدود "عبر قوات خاصة بالتنسيق مع إسرائيل، لتفادي الذهاب إلى الكونغرس"، وهو ما يعكس سياسة الضغط المركب التي يتبعها ترامب: التلويح بالقوة دون الانجرار إلى مواجهة شاملة.

عباس لفت أيضًا إلى نقطة حرجة تتعلق بسجل التفاوض الأميركي مع إيران: "ترامب تأخر طويلاً في التفاوض مع إيران ولم يحقق نتائج ملموسة"، ما قد يدفعه نحو تحرك عسكري محسوب.

بين التصعيد والردع.. مرحلة جديدة من الحسابات

ما بين السماء المتوهجة فوق تل أبيب، وتصريحات واشنطن المترددة، تتكشف خريطة جديدة للمواجهة، يختلط فيها التكتيكي بالاستراتيجي، ويُختبر فيها صبر الأطراف جميعًا.

فالصواريخ الإيرانية لم تكن مجرد رد فعل، بل رسالة مباشرة تقول إن قواعد الاشتباك قد تغيرت، وإن المواجهة القادمة قد لا تشبه سابقاتها.

التداعيات المقبلة.. هل يردّ الجيش الإسرائيلي؟

القرار الإسرائيلي بالرد على الضربة الإيرانية لن يكون تقنيًا فقط، بل سياسيًا أيضا. فمع عودة الضغط الداخلي في إسرائيل على حكومة نتنياهو، وارتفاع أصوات اليمين المطالبة برد صارم، تزداد احتمالات الانجرار إلى مواجهة مفتوحة. لكن يبقى السؤال المركزي: هل تملك إسرائيل القدرة على احتواء التصعيد، دون تفجير المنطقة؟.

مفترق طرق استراتيجي

ما تشهده المنطقة اليوم ليس مجرد مواجهة بالصواريخ، بل مفترق طرق استراتيجي يعيد رسم معادلات الردع والتدخل. فإيران، برسالتها النارية، أرادت أن تقول إنها حاضرة في كل ساحات المواجهة، من طهران إلى غزة، مرورًا بالقدس. أما إسرائيل، فبات عليها إعادة تقييم قدراتها الدفاعية بعد اختراق صاروخي غير مسبوق.

وفي واشنطن، يبدو أن قرار الحرب لم يُتخذ بعد، لكنه بات على الطاولة—كأحد أوراق التفاوض في لعبة خطرة لا تعترف بالخطأ الثاني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق