لماذا تزايد حجم سرقات العملات المشفرة بالنصف الأول من 2025؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

بينما تُعدّ العملات المشفّرة بديلاً مبتكراً للأنظمة المالية التقليدية، فإنها تظل ساحة مفتوحة للهجمات الإلكترونية، وغالباً ما تُختبر قدراتها الأمنية أمام موجات متصاعدة من الاختراقات والاحتيال.

ومع تطور التكنولوجيا، لا تتراجع التهديدات بل تتعقّد، ما يفرض تحديات كبرى أمام المستخدمين والمطوّرين على حدّ سواء.

وقد شهد النصف الأول من عام 2025 تصعيداً غير مسبوق في حجم السرقات الإلكترونية المرتبطة بالعملات المشفّرة، حيث أظهرت بيانات صادرة عن شركة TRM مؤشرات مقلقة حول حجم هذه الجرائم وتنوّعها.

واحدة فقط من هذه الهجمات، طالت منصة "Bybit"، تسببت في خسائر تجاوزت 1.5 مليار دولار، في أكبر عملية اختراق تشهدها هذه السوق حتى الآن.

اختراقات بالمليارات

بحسب تقرير TRM:

تمت سرقة أكثر من 2.1 مليار دولار في النصف الأول من عام 2025، عبر ما لا يقل عن 75 عملية اختراق واستغلال منفصلة. يمثل ذلك ارتفاعاً بنسبة 10 بالمئة مقارنة بالنصف الأول من عام 2022، واقتراباً من كامل حجم الخسائر المُسجلة في عام 2024، ما يسلّط الضوء على التهديد المتزايد للأصول الرقمية. الهجوم على منصة Bybit في فبراير، والمنسوب إلى كوريا الشمالية، شكّل وحده 70 بالمئة من هذه الخسائر، ورفع متوسط حجم الاختراق الواحد إلى 30 مليون دولار، مقارنة بـ15 مليوناً في العام السابق.

ورغم أن حادثة Bybit أثّرت بقوة على الأرقام الإجمالية، فإن شهور يناير، أبريل، مايو ويونيو سجّلت كلٌّ منها سرقات بأكثر من 100 مليون دولار، ما يعكس نمطاً مستمراً من الهجمات المعقّدة.

البنية التحتية في مرمى النيران

تركّزت معظم الهجمات على البنية التحتية لمنصات العملات المشفّرة، لا سيما عبر سرقة المفاتيح الخاصة واختراق الواجهات، والتي شكّلت أكثر من 80 بالمئة من الأموال المسروقة، وغالباً عبر الهندسة الاجتماعية أو الوصول الداخلي.

أما استغلال الثغرات في العقود الذكية لمنصات التمويل اللامركزي، فشكّل نحو 12 بالمئة من الخسائر، كاشفاً ضعفاً بنيوياً في المنظومة التقنية.

تصاعد نوعي في الهجمات

يقول ميشال صليبي، رئيس قسم الأسواق المالية في شركة FXPro، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن ما يجري يعكس تصاعداً ملحوظاً في استهداف المنصات اللامركزية، ويُعزى ذلك إلى:

أولاً: ثغرات العقود الذكية

يعتمد القراصنة على أخطاء برمجية داخل شيفرات العقود الذكية، ما يتيح لهم تنفيذ عمليات سحب غير مصرح بها.

ظهرت أيضاً أساليب مثل "القروض السريعة"، حيث يُستخدم رأس مال مؤقت لتضخيم القدرة الشرائية والتلاعب بأسعار العملات، ثم الانسحاب قبل اكتشاف العملية.

ثانياً: هجمات احتيالية تستهدف الأفراد

تُركّز بعض العمليات على المحافظ الرقمية الشخصية، خاصة "المحافظ الساخنة" المتصلة بالإنترنت، والتي تُعدّ أكثر عرضة للاختراق. تشمل هذه الهجمات أيضاً بثاً احتيالياً عبر منصات مركزية، أو سرقة بيانات الدخول عبر مواقع مزيفة.

إجراءات وقائية مطلوبة

للتقليل من هذه المخاطر، يوصي صليبي بتطبيق عدد من التدابير الوقائية:

استخدام المحافظ الباردة غير المتصلة بالإنترنت. تفعيل خاصية التحقّق الثنائي (2FA). الاعتماد على محافظ متعددة التوقيع. اختيار البروتوكولات المدققة أمنياً وتجنّب المشاريع غير الموثوقة. تنويع الأصول وعدم تركيزها في محفظة واحدة.

من يقف وراء السرقات؟

بحسب صليبي، لم تعد الهجمات تقتصر على أفراد متفرّقين، بل أصبحت تُنَفّذ من قِبل جهات منظمة ذات قدرات مالية وتقنية كبيرة، بعضها مدعوم من دول أو يعمل تحت غطاء مشاريع استثمارية مزيفة.

ويؤكد: "تنوع هذه الهجمات وتطوّر أدواتها يُحتّم تعاوناً دولياً حقيقياً لمواجهة هذا الخطر".

استرداد جزئي... ولكن بثمن ضريبي

في بعض الحالات، يمكن استرداد جزء من الأصول الرقمية المسروقة، كما أشار تقرير لوكالة "رويترز"، إلا أن العملية لا تخلو من تعقيدات.

فإلى جانب التحديات التقنية، قد تُفرض ضرائب غير متوقعة على المستردات، بحسب طبيعتها وتوقيتها والقوانين الضريبية المعمول بها.

على مدى السنوات الخمس الماضية، تم تحويل ما يُقدر بـ189 مليار دولار من العملات المشفّرة إلى عناوين غير مشروعة. يبلغ متوسط معدل الاسترداد في القطاع نحو 70 بالمئة، لكن النسبة تختلف جذرياً من حالة لأخرى.

التحوّط لم يعد رفاهية

يقول جاد حريري، استراتيجي الأسواق في First Financial Markets، إن هذه السرقات أصبحت تُشبه إلى حد كبير سرقات البنوك، ولكن بصيغة رقمية أكثر تطوراً.

ويضيف في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "نحن لا نواجه مجرد اختراقات فردية، بل حالة من الفوضى الأمنية المنظمة. الثغرات التقنية مستمرة رغم التحديثات، والمخترقون يتطورون بوتيرة موازية".

ويرى حريري أن التحوّط يجب أن يتحول إلى ثقافة مؤسسية، تشمل تعزيز البنية التحتية التقنية، وتدريب الفرق على أساليب الحماية، واعتماد معايير "انعدام الثقة" (Zero Trust).

كما دعا إلى مزيد من الرقابة على المنصات وشبكات الدفع الرقمي، مشيراً إلى أن الجهات المخترِقة تتصرف أحياناً وكأنها "فوق القانون".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق