في مشهد اقتصادي متقلب، بدا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تراجع خطوة إلى الوراء، مانحاً الأسواق هدنة مؤقتة في صراعه مع الصين بعد موجة من التصعيد الجمركي تسببت بخسائر ضخمة وهزّت ثقة المستثمرين.
ومع تذبذب الدولار وتراجع السندات الأميركية، عاد الذهب ليلمع، لكن المفاجأة كانت في تحليق البتكوين بقوة، متجاوزاً مكاسب الأصول التقليدية.. فهل يفقد الذهب بريقه لصالح العملات المشفرة؟ وهل باتت الأخيرة ملاذًا جديدًا في عالم يتغير بسرعة؟ سؤال تطرحه الأسواق وسط شكوك متزايدة حول استقرار النظام المالي العالمي.
منذ الثاني من أبريل الماضي، صعّد ترامب لهجته ضد الصين، ورفع الرسوم الجمركية على سلعها إلى مستويات قياسية، وصلت في بعض الحالات إلى 245 بالمئة.
هذه الخطوة أثارت قلق المستثمرين، الذين سارعوا إلى التخلص من الأصول الأميركية، ما أدى إلى دوامة من التقلبات وخسائر تقدر بنحو 5 تريليونات دولار.
ترامب يتراجع أمام الصين أم يناور؟
الصين ردت على هذه الإجراءات بخطوات مضادة، منها إلغاء طلبيات شراء الطائرات من بوينغ، والتوقف عن استيراد القمح والغاز الأميركي، وفرض قيود على صادرات المعادن النادرة. هذه الإجراءات أدت إلى ضغوط متزايدة على الاقتصاد والشركات الأميركية، وخرجت مظاهرات تطالب ترامب بالتراجع عن هذه الحرب التجارية.. وبالفعل لجأ ترامب إلى التهدئة.. فهل استسلم الرئيس الأميركي أمام الضغوط الصينية، وتخلى عن تهديداته بإخضاع بكين اقتصادياً؟+
الخبير الاقتصادي جيمي نوين، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة نيو ون غلوبال فنتشرز، تحدث إلى برنامج "بزنس مع لبنى" على "سكاي نيوز عربية"، موضحاً أن:
التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على المدى القصير ستؤثر على سوق الاستثمار بنسبة كبيرة، بسبب حالة عدم اليقين في الأسواق وهذا الأمر له أضرار اقتصادية كثيرة على الشركات العابرة للحدود. الصين لم تخضع لمهلة التسعين يوماً للتعريفات الجمركية، بل فرض عليها ترامب أعلى التعريفات الجمركية بنسبة 145 بالمئة. ترامب بهذه التعريفات الجمركية يهدف إلى الإتيان بخصومه التجاريين إلى مائدة المفاوضات ويتصرف بوصفه رجل أعمال أكثر من تصرفه بصفته قائد سياسي. ترامب يريد أن يحول مسار الاقتصاد العالمي إلى ما فيه مصلحة الاقتصاد الأميركي ويحاول أن يحقق استدامة بهذه السياسات التي يريد أن يفرضها. ثقة المستثمرين لا تزال متذبذبة، وهناك حالة من عدم اليقين في الأسواق المالية لاسيما أن التعريفات الجمركية أثرت على قطاعات عديدة مثل الطاقة والسيارات وقطع غيار الآلات.العملات المشفرة.. هل تتفوق على الذهب؟
وبالنظر إلى أداء الأصول المختلفة، نجد أن البتكوين حقق مكاسب كبيرة خلال الفترة الأخيرة، متفوقًا على العديد من الأصول الأخرى، وبما يشير إلى تحول محتمل في نظرة المستثمرين إلى أدوات التحوط التقليدية، حيث يبدو أن العملات المشفرة بدأت تجذب اهتمامهم كبديل يعبر عن عدم الثقة الكافية في النظام المالي العالمي القائم.. وعن ذلك يقول جيمي نوين:
العملات المشفرة تنحو منحاً لأن تحل محل الاقتصاد والاستثمار التقليدي. هذا قد يؤثر على الذهب وانخفاض أسعاره؛ لأن الذهب قد يتعرض أو يتأثر بالتعريفات الجمركية بشكل كبير. ومن ثم فإن الاستثمارات في القطاعات التقليدية قد تكون مخيفة ومرعبة للمستثمرين ولكن العملات المشفرة قد يكون فيها تنوع وتعدد في الأصول وفي العملات التي تستخدم وبالتالي تسهم في تنويع المحافظ الاقتصادية والاستثمارية.ويشير أيضًا إلى أن البتكوين قد يشكل تهديداً لسيادة الدولار الأميركي على المدى الطويل، خاصة إذا لم تنتبه الولايات المتحدة إلى حجم ديونها، مردفاً: الدولار الأميركي كان يعد هو العملة التي تستخدم لحفظ الاحتياطي الأميركي، وإذا الولايات المتحدة لم تنتبه إلى حجم دينها فهذا الأمر سيتفاقم، وسنرى دولاً أخرى تستحوذ أو تحقق مخزوناً كبيراً من البتكوين لتكون احتياطياً لديها.. ولأن البتكوين تعد من العملات التي تستطيع أن تحقق بها توازناً وتحافظ بها على اقتصادها بصفتها أصولاً رقمية، وهذا حدث بالفعل في السلفادور وغيرها من الدول.
القرارات الحمائية والأصول المشفرة
ويتوقع أن يتجه كثير من المستثمرين للاستثمار أكثر وأكثر في البتكوين والعملات المشفرة على الرغم من أن هذه العملات المشفرة لا تستخدم في النفقات اليومية والمصاريف اليومية للأفراد (..).
وعلى الرغم من الصعود الأخير للبتكوين، يرى المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة نيو ون جلوبال فنتشرز، أنه لا يزال هناك شكوك حول إمكانية اعتماده رسمياً ضمن احتياطيات البنوك المركزية في المستقبل القريب، موضحاً أن:
وبسؤاله عن المخاطر الأمنية والاحتيال والقرصنة التي قد تحد من انتشار العملات المشفرة، وضرورة تهئية البيئة التشريعية العالمية لتوفير حماية حقيقية للمستثمرين يقول: في كل مرة من المرات التي يتعرض فيها العملات الشفرة للقرصنة والاحتيال تبدأ الأسئلة تتصاعد بشأن الجدوى من استعمال هذه العملات المشفرة نحو ما رأينا من سابقة حدثت في عملة الإيثيريوم وكان ذلك بسبب أن عدداً كبيراً من القراصنة استطاعوا أن يستحوذوا على كمية من الأموال المشفرة، ولكن الأدوات التكنولوجية تتطور يوماً بعد يوم لحماية هذه الأموال، الأمر يحتاج إلى حلول تكنولوجية ولا شيء يتسم بالكمال ولكن سيسعى إلى تحقيق الأمن والأمان لهذه الأصول المشفرة.
الإمارات رائدة في تشريع وتنظيم الأصول المشفرة
وعبر في الوقت نفسه عن سعادته بتجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال تشريع وتنظيم الأصول المشفرة، مؤكداً أن دولة الإمارات العربية المتحدة دولة رائدة في التشريع وإصدار النظم القانونية التي تحافظ بها على الأصول المشفرة.
كما يشير إلى البيئة الاستثمارية التي توفرها الدولة والتي أفادت المستثمرين سواء كان ذلك بشأن البتكوين أو غيرها من العملات الأخرى، وذلك بفضل البيئة التشريعية والقانونية الحامية والضامنة لهذه التعاملات.
0 تعليق