في تصعيد دبلوماسي وعسكري جديد، تنذر التوترات بين الهند وباكستان بتطورات قد تؤدي إلى نزاع عسكري شامل، قد يهدد الأمن الإقليمي والدولي على حد سواء.
الهجوم الإرهابي الذي وقع في بلدة بهالغام الواقعة في الشطر الهندي من كشمير، والذي أسفر عن مقتل 26 شخصًا، معظمهم من الهنود، ألقى بظلاله على العلاقات الثنائية بين البلدين النوويين.
وردت الهند بإجراءات تصعيدية، شملت طرد السفراء وتخفيض التمثيل الدبلوماسي، فيما تمسكت باكستان بموقفها حيال حماية سيادتها.
الهجوم الإرهابي.. بداية لمرحلة جديدة من التصعيد
بات الهجوم الإرهابي الذي وقع في بلدة بهالغام الواقعة في كشمير الهندية، بمثابة نقطة تحول جديدة في سلسلة التوترات المستمرة بين الهند وباكستان.
الهجوم، الذي استهدف حافلة سياحية وأدى إلى مقتل 26 شخصًا، أثار غضبًا عارمًا في الهند، خاصة أن من بين الضحايا كان هناك 25 هنديًا ونيبالي واحد.
جاء الهجوم في وقت حساس، مما دفع الحكومة الهندية إلى اتخاذ خطوات تصعيدية شملت قطع زيارة رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، إلى السعودية للعودة إلى الهند ومتابعة تطورات الوضع، وهو ما يعكس درجة الاستنفار الحكومي.
في هذا السياق، قالت تامارا برو، الخبيرة في الشؤون الآسيوية، في حديث خاص لـ "سكاي نيوز عربية": "هناك غضب عارم في الهند من جراء الهجوم، خاصة أن من بين الضحايا كان هناك سياح من الهند.
هذا الحدث يُعتبر بمثابة تحفيز كبير للحكومة الهندية باتجاه اتخاذ إجراءات قاسية ضد باكستان". وأضافت أن الهند قد لا تتوقف عند هذا الحد، بل ربما تتخذ إجراءات عسكرية مماثلة لتلك التي شهدها عام 2019، عندما استهدفت الطائرات الهندية مواقع داخل باكستان ردًا على هجوم انتحاري أودى بحياة 40 جنديًا هنديًا.
ردود الفعل الهندية.. من الإجراءات الدبلوماسية إلى التهديدات العسكرية
كانت ردود فعل الهند سريعة ومباشرة. ففي خطوة تصعيدية، أقدمت الحكومة الهندية على خفض عدد الدبلوماسيين في باكستان وطرد عدد من الدبلوماسيين الباكستانيين من نيودلهي، مما يُعد بمثابة تعبير قوي عن غضب الهند من الهجوم.
لم تتوقف الإجراءات الهندية عند هذا الحد، بل تمت أيضًا مطالبة باكستان بالتحقيق في الحادث، في وقت أظهرت فيه الحكومة الهندية تصميمًا قويًا على اتخاذ تدابير عسكرية إن لزم الأمر.
وفي حديثها حول هذه التطورات، أكدت تامارا برو: "الهجوم الأخير قد يُنذر بتصعيد أمني وعسكري. من المحتمل أن تتخذ الهند مزيدًا من الإجراءات ضد الجماعات المسلحة في كشمير، التي يُعتقد أن لها علاقات وثيقة مع باكستان".
كما أضافت أن الهند قد تقوم بتنفيذ ضربات عسكرية داخل الأراضي الباكستانية، لا سيما في المناطق الحدودية مع كشمير.
التهديدات الباكستانية.. الرد العنيف على أي مساس بالسيادة
على الجانب الآخر، لم تقف باكستان مكتوفة الأيدي. فقد أصدرت الحكومة الباكستانية تحذيرات شديدة اللهجة، أكدت فيها أنها لن تسمح لأي جهة بالتعدي على سيادتها أو أمنها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية: "أي محاولة للمساس بسيادتنا ستكون ردًا عليها بشدة. نرفض أي تدخل خارجي في شؤوننا، وخاصة فيما يتعلق بمسألة المياه".
ورغم أن الهند قد هددت في عدة مناسبات بقطع إمدادات المياه عن باكستان عبر نهر السند، الذي يوفر حوالي 80% من احتياجات باكستان الزراعية، فإن باكستان أكدت أن مثل هذه الخطوات ستعتبر بمثابة إعلان حرب.
ووفقًا لما ذكرته دكتورة برو، فإن "قطع المياه عن باكستان سيكون له تأثير كارثي على اقتصادها، ولن يسمح الجيش الباكستاني بمرور هذه الخطوة دون رد فعل قوي".
القلق الدولي.. الحرب النووية بين قوتين نوويتين
في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات على الجبهة الهندية-الباكستانية، يبرز القلق الدولي من إمكانية تطور هذه الأزمة إلى حرب نووية. ومع امتلاك كل من الهند وباكستان للأسلحة النووية، فإن أي تصعيد عسكري يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة ليس فقط على المستوى الإقليمي، بل على المستوى العالمي.
تقول دكتورة برو: "أعتقد أن التصعيد العسكري قد لا يتطور إلى حرب شاملة بين البلدين، ولكن إذا وصل الأمر إلى تبادل ضربات عسكرية قوية، فإن الأطراف الدولية، مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، ستتدخل بشكل عاجل لتهدئة الأوضاع".
ويبدو أن الصين، التي تتمتع بعلاقات استراتيجية مع باكستان، وروسيا، التي تربطها علاقات قوية مع الهند، سيكون لهما دور محوري في محاولة منع تفاقم الأزمة.
ووفقًا لبرو، فإن "مصالح الصين في باكستان، خاصة في مشاريع الاستثمار الكبرى مثل ممر الصين-باكستان الاقتصادي، قد تجبر بكين على التدخل في حال اندلعت حرب. كذلك، فإن روسيا لن تبقى بعيدًا عن هذه الأحداث نظرًا لعلاقتها الوثيقة مع الهند".
الآفاق المستقبلية.. هل ستنجح الوساطة الدولية؟
على الرغم من تصاعد التوترات بين الهند وباكستان، فإن الأمل يبقى قائمًا في إمكانية تدخل القوى الدولية لتهدئة الوضع. الولايات المتحدة، التي تتمتع بعلاقات استراتيجية مع الهند، قد تلعب دورًا محوريًا في منع حدوث تصعيد مميت.
في الوقت نفسه، فإن الصين وروسيا قد تتعاونان لضمان عدم تأثر مصالحهما في المنطقة. كما أشار تقرير دكتورة برو إلى أن "التعاون الدولي سيكون ضروريًا للحفاظ على الاستقرار في المنطقة، والحد من التصعيد العسكري".
يتعين على المجتمع الدولي مراقبة تطورات الأزمة بين الهند وباكستان عن كثب. التوترات الحالية تضع المنطقة في وضع بالغ الحساسية، حيث يمكن لأي تصعيد أن يؤدي إلى كارثة إقليمية ودولية. ولعل الأزمة الحالية تبرز الحاجة الملحة لإجراءات دبلوماسية عاجلة، تضمن عدم انزلاق الوضع إلى حرب شاملة، خاصة في ظل التهديدات باستخدام الأسلحة النووية.
0 تعليق