في خطوة جديدة لتعزيز الرقابة البحرية، أصدرت المفوضية الأوروبية توجيهًا يُلزم جميع السفن العابرة لمياه الاتحاد الأوروبي، حتى تلك التي لا تعتزم دخول موانئ التكتل، بتقديم تفاصيل التأمين الخاصة بها.
وجاء هذا التحديث ضمن تعديل أجرته المفوضية الأسبوع الماضي على توجيه مراقبة السفن رقم (2022/59/EC)، بحسب ما أوردته خدمة "ذا إنشورار" الإخبارية التابعة لوكالة رويترز المتخصصة في أخبار قطاع التأمين.
مواجهة السفن غير المؤمنة وأساطيل الظل
هذا التعديل يُعد جزءًا من جهود أوروبية متصاعدة لفرض رقابة أشد على السفن التي تفتقر إلى الغطاء التأميني الكافي، بما يشمل سفن ما يُعرف بـ"أساطيل الظل"، وهي شبكات سفن تعمل غالبًا بعيدًا عن الأطر التنظيمية الرسمية، وتستخدم بشكل خاص في نقل النفط والبضائع الحساسة، خاصة من دول خاضعة لعقوبات مثل روسيا وإيران.
وتُشير تقارير عديدة إلى أن "أسطول الظل" العالمي نما بسرعة في السنوات الأخيرة، خاصة بعد العقوبات الغربية المفروضة على صادرات الطاقة الروسية منذ بداية الحرب في أوكرانيا عام 2022.
وبحسب المفوضية الأوروبية، فإن هذا الشرط الجديد سيعزز قدرة دول الاتحاد الأوروبي على مراقبة الأنشطة البحرية المشبوهة والتحقيق فيها، للحد من المخاطر المرتبطة بالسفن التي تفتقر إلى التغطية التأمينية أو تلك التي لا تفي بمعايير السلامة الدولية.
تعديل مقترح لدى المنظمة البحرية الدولية
لم تكتفِ المفوضية الأوروبية بهذا التحديث الداخلي؛ بل قدمت كذلك مقترحًا إلى المنظمة البحرية الدولية (IMO)، تدعو فيه إلى إدخال تعديلات طفيفة على العديد من أنظمة الإبلاغ الإلزامي للسفن العاملة بالقرب من السواحل الأوروبية.
وتهدف هذه المبادرة إلى مواءمة اللوائح الأوروبية مع المعايير الدولية، مما يسهل تبادل المعلومات المتعلقة بتتبع السفن ويعزز السلامة البحرية عالميًا.
أهمية التأمين البحري
التأمين البحري يُعتبر ركيزة أساسية لضمان سلامة التجارة الدولية، حيث يحمي مالكي السفن من الخسائر الناجمة عن الحوادث، والانسكابات النفطية، والاصطدامات، والأضرار البيئية.
وبحسب بيانات المنظمة البحرية الدولية، أكثر من 80 بالمئة من التجارة العالمية يتم عبر البحر، مما يجعل الحفاظ على معايير تأمين صارمة مسألة حيوية للأمن الاقتصادي والبيئي على السواء.
من جانبها، صرحت ماجدة كوبشينسكا، المديرة العامة للتنقل والنقل في المفوضية الأوروبية، أن التغييرات الأخيرة "ستجعل لوائح الاتحاد الأوروبي أكثر اتساقًا مع المعايير الدولية، وتساهم في معالجة التحديات المرتبطة بنقل البضائع الخطرة والتوترات الجيوسياسية".
خطوة استراتيجية ضمن سياق جيوسياسي معقد
تأتي هذه الإجراءات وسط أجواء جيوسياسية متوترة، لا سيما مع استمرار النزاعات حول صادرات النفط الروسي ومحاولات بعض الدول التحايل على العقوبات الغربية باستخدام سفن غير خاضعة للمراقبة أو من دون تأمين رسمي.
وقد حذر محللون من أن تزايد استخدام السفن غير المؤمنة لا يهدد فقط النظام التجاري العالمي، بل يشكل أيضًا مخاطر بيئية جسيمة، خاصة في حال وقوع حوادث تسرب نفطي أو حوادث بحرية أخرى.
0 تعليق