عاجل

هل تخلّت الولايات المتحدة عن إسرائيل في معركة البحر؟ - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

الاتفاق المفاجئ بين واشنطن وجماعة الحوثي لا يشمل إسرائيل، وهو ما فتح الباب لتساؤلات استراتيجية ملحة: هل أُخرجت إسرائيل من المعادلة الأميركية في الشرق الأوسط؟ وهل نحن أمام لحظة فك الارتباط الأمني بين الحليفين التقليديين؟

واشنطن تنسحب من البحر الأحمر.. وتل أبيب تُركت أمام النيران

أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب وقفاً أحادي الجانب للضربات العسكرية على مواقع الحوثيين في اليمن، في خطوة وُصفت بأنها جزء من "مراجعة الأولويات" وتكريس لمبدأ "أميركا أولاً". لكن القرار فُسر في تل أبيب كتنازل استراتيجي يضرب جوهر التحالف التاريخي بين البلدين.

في الوقت نفسه، لم يتردد قادة الحوثيين في التعبير عن موقفهم: الاتفاق مع واشنطن لا يشمل إسرائيل. هذا ما أكده كبير المفاوضين محمد عبد السلام، فيما أعلن محمد علي الحوثي أن الجماعة ستقيّم ميدانياً القرار الأميركي لكنها ماضية في "الرد على أي عدوان صهيوني".

إسرائيل، من جهتها، لم تنتظر طويلاً. فالجيش الإسرائيلي أعلن اعتراض صاروخ حوثي قبل دخوله المجال الجوي، وأسقط طائرة مسيرة قادمة من اليمن. في حين كشفت مصادر استخباراتية أن محاولة لاستهداف مطار بن غوريون كانت قيد التنفيذ، وأُحبِطت في اللحظة الأخيرة.

إيران ترسم حدود اللعبة: التهدئة مع أميركا والتصعيد ضد إسرائيل

ترحيب طهران بالاتفاق الأميركي الحوثي لم يكن مجرد موقف إعلامي.

مصادر نقلت لصحيفة نيويورك تايمز أن إيران لعبت دوراً مباشراً في دفع الحوثيين لوقف استهداف السفن الأميركية، بدفع من سلطنة عمان.

الهدف لم يكن فقط نزع فتيل التصعيد، بل ترتيب الطاولة للمفاوضات النووية، التي أبدت واشنطن انفتاحاً تجاهها بشروط "مدنية".

لكن اللافت أن نفس القنوات لم تتحدث عن أي ضغط إيراني على الحوثيين لكبح الهجمات على إسرائيل.

وهو ما يكشف بوضوح أن إيران لا تزال ترى في الجبهة اليمنية ورقة ضغط موجهة حصراً نحو تل أبيب، وليست جزءاً من مشروع التهدئة مع الغرب.

إسرائيل في "قلب العاصفة"

لم يكن قرار الولايات المتحدة مفاجئاً فقط لإسرائيل، بل شكّل صدمة سياسية وأمنية في تل أبيب.

وفي هذا السياق، يقدم كوبي لافي، المستشار السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية، تحليلاً عميقاً للموقف الجديد.

خلال حديثه في برنامج "التاسعة" على قناة سكاي نيوز عربية، أشار لافي إلى أن "إسرائيل لن تتوانى عن حماية مصالحها الأمنية، ولكن الواقع الجديد قد يضعها أمام تحديات أكبر من مجرد التهديدات العسكرية المباشرة".

وقال لافي: "ما يحدث الآن هو نتيجة لتغيير استراتيجي في المنطقة. التهديدات ضد إسرائيل لم تعد تقتصر على الجماعات التقليدية، بل أصبحت تأخذ بعداً إقليمياً يعكس توازنات قوى جديدة في الشرق الأوسط. من المؤكد أن إسرائيل ستبقى قوية وقادرة على الدفاع عن نفسها، لكننا في لحظة مفصلية قد تضعنا في مواجهة مباشرة مع الحوثيين دون دعم أميركي".

وأضاف لافي أن "إسرائيل قد تكون مضطرة إلى إعادة التفكير في سياستها الدفاعية في البحر الأحمر، وتحسين قدراتها العسكرية لمواجهة هجمات الحوثيين، في ظل الانسحاب الأمريكي من المنطقة".

وفيما يتعلق بالموقف الأميركي، أكد لافي أن "الولايات المتحدة قد تبتعد عن دعم إسرائيل في حالات معينة، ولكن إسرائيل تظل قادرة على الاعتماد على نفسها في مواجهة التهديدات".

وهذا التصريح يُظهر بوضوح أن إسرائيل لا يمكنها الركون إلى الدعم الأمريكي فقط في مواقفها الأمنية؛ بل يجب عليها تطوير استراتيجيات دفاعية مستقلة عن حلفائها التقليديين.

التحليل العسكري: صواريخ حوثية في السماء

بينما تكشف الأحداث الأخيرة عن تصاعد التوترات بين إسرائيل والحوثيين، من خلال الهجمات المتزايدة على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، فإن الجيش الإسرائيلي يظل في حالة تأهب.

الهجمات الحوثية على المطارات والمرافق الإسرائيلية تكشف عن استعداد الحوثيين لتوسيع نطاق عملياتهم إلى أبعد من حدود اليمن، وهو ما يعني أن إسرائيل قد تواجه تصعيداً عسكرياً أكثر خطورة في المستقبل القريب.

ورغم التصريحات المطمئنة التي أطلقها بعض المسؤولين الإسرائيليين بشأن قدرة تل أبيب على حماية نفسها، فإن الحقيقة أن أي تصعيد مع الحوثيين سيضع إسرائيل في موقف حساس. فالتوترات مع إيران وحلفائها في اليمن ليست مجرد تهديدات عسكرية؛ إنها تتجاوز ذلك لتصبح أزمة استراتيجية قد تؤثر على توازن القوى في المنطقة.

إيران وحلفاؤها: رسم خارطة جديدة للنفوذ في المنطقة

في وقت تشهد فيه إسرائيل تصعيداً من قبل الحوثيين، فإن إيران بدورها تستمر في تعزيز نفوذها في المنطقة. التحركات الإيرانية في اليمن تُعتبر حجر الزاوية في استراتيجية طهران لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، ليس فقط على مستوى الدعم العسكري، ولكن أيضاً على مستوى استخدام جماعة الحوثيين كورقة ضغط على إسرائيل والدول الخليجية.

وبينما تستمر إيران في تقديم الدعم لحلفائها في اليمن، فإنها تسعى أيضاً إلى توجيه رسالة واضحة لإسرائيل: "إيران تظل اللاعب الأساسي في المنطقة، وبغض النظر عن التحولات في السياسة الأميركية، فإننا لن نتراجع عن دعم حلفائنا".

السيناريوهات المستقبلية: ما الذي ينتظر إسرائيل؟

مع تغير موازين القوى في المنطقة، نجد أن إسرائيل أمام عدة سيناريوهات محتملة:

الرد العسكري على الحوثيين: من المتوقع أن تلجأ إسرائيل إلى شن ضربات استباقية ضد مواقع الحوثيين في اليمن، خصوصاً إذا استمرت الهجمات على مصالحها البحرية. الاستعانة بحلفاء إقليميين: قد تسعى تل أبيب إلى تعزيز تحالفاتها مع الدول العربية السنية لمواجهة تهديدات الحوثيين، خاصة في ظل التقارب بين إسرائيل وبعض الدول الخليجية. تحركات دبلوماسية موازية: في الوقت الذي تظل فيه إسرائيل في دائرة الضوء، قد تسعى إلى حشد الدعم الدولي لمواجهة التهديدات الحوثية.

إسرائيل في مواجهة تحدي العزلة الإستراتيجية

ما بين صواريخ الحوثيين والطائرات المسيرة، وبين التحولات الكبرى في السياسة الأميركية، تجد إسرائيل نفسها أمام تحدي جديد قد يغير حساباتها الاستراتيجية في المنطقة.

تصريحات كوبي لافي ليست مجرد تحليل عابر؛ إنها تنبؤ بمستقبل غامض لإسرائيل، الذي قد لا يعتمد بالضرورة على الحماية الأمريكية، بل على قدرتها في إدارة هذه الأزمة بقدرتها الذاتية.

وفي ظل هذه المتغيرات، تبدو إسرائيل أمام معادلة صعبة: تحقيق التوازن بين الدفاع عن مصالحها الأمنية في وجه تهديدات الحوثيين، وبين الحفاظ على تحالفاتها الإقليمية والدولية التي باتت تحت الاختبار.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق