الكويت الاخباري

ما بعد الحرب.. إيران في مواجهة اختبار الداخل وإعادة التموضع - الكويت الاخباري

لم تكن الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل مجرد مواجهة عسكرية تقليدية، بل لحظة فاصلة أعادت رسم معادلات الداخل الإيراني وحدود النفوذ الإقليمي في آن معا.

وبينما أعلنت إسرائيل أنها أضعفت من تصفه بـ"العدو" ووجهت ضربة "استباقية" قاسية لطموحاته النووية، دخلت طهران في حالة من الترقب الاستراتيجي، تُراجع فيها أولوياتها الداخلية وتعيد حساباتها الخارجية، في ظل مشهد دولي بالغ التعقيد، وتوازنات هشة تختبر عند كل منعطف جديد.

في هذا السياق المتفجر، انطلقت في الداخل الإيراني نقاشات صريحة حول شكل المرحلة المقبلة، وسط انقسام بشأن البرنامج النووي والصاروخي.

الردع أم معيشة المواطن

تشير الوقائع إلى أن الحرب التي اندلعت كانت لها آثار مزدوجة على الداخل الإيراني، فمن جهة، وحدت الصفوف مؤقتا خلف القيادة السياسية، وأعادت المعارضة إلى مربع "الدفاع عن الوطن" ضد عدوان خارجي، لكن من جهة أخرى، فإنها عمقت أزمات كانت قائمة أصلا، مثل البطالة، وتراجع مستوى المعيشة، وانكماش الاقتصاد المتأزم بفعل العقوبات الأميركية والأوروبية.

في حديثه إلى "سكاي نيوز عربية"، يرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور حسين رويوران، أن الحرب "جمعت الإيرانيين خلف النظام"، وأن "الكثير من وجوه المعارضة الذين كانوا يتخذون مواقف نقدية صارمة تجاه النظام، أبدوا تضامنهم الكامل مع الدولة في لحظة الدفاع عن النفس"، مشيرا إلى أن هذه الوحدة تشكل "رأسمالا استراتيجيا" يمكن البناء عليه في المرحلة المقبلة.

ومع ذلك، يؤكد رويوران، أن "مطالب الداخل الاقتصادية لا تزال قائمة"، موضحا أن الحرب خلقت مطالب جديدة تتعلق بتعزيز الدفاعات الجوية، كأولوية خرجت من رحم الصدمة العسكرية الأخيرة، وبات النظام الإيراني مطالبا بإدارة معادلة مزدوجة، الاستجابة لضرورات تحسين الوضع المعيشي، وفي الوقت ذاته الاستثمار في تعزيز البنية الدفاعية للردع".

التوجه المقبل: انفتاح أم تشدد؟

ثمة انقسام واضح بين جناحين أساسيين في إيران، الأول يدعو إلى التهدئة وفتح قنوات التفاوض مع الغرب، انطلاقا من أولوية رفع العقوبات وتوفير متنفس اقتصادي للبلاد، والثاني يتمسك بمنطق "الاستقلال الاستراتيجي"، ويعتبر أن إيران يجب ألا تُكرر خطأ الوثوق بأميركا التي "أعلنت الحرب من خلال إسرائيل" بينما كانت طهران لا تزال على طاولة المفاوضات.

ويذهب رويوران أبعد من ذلك، حين يؤكد أن الثقة "باتت معدومة تماما" في إدارة الرئيس ترامب، وأن "أي عودة إلى التفاوض يجب أن تتم وفق شروط وظروف جديدة"، على رأسها إشراك روسيا والصين ضمن صيغة تفاوضية موسّعة، تعكس التغييرات التي طرأت على المشهد الجيوسياسي العالمي.

البرنامج النووي والصاروخي

رغم استهداف منشآت نووية رئيسية، فإن إيران لا تزال تعتبر برنامجها النووي "حقا مكتسبا"، لا يمكن التخلي عنه. وقد تؤدي هذه المواقف إلى مزيد من الاحتكاك مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في ظل دعوات متزايدة لتغيير سلوك إيران تجاه المفتشين الدوليين.

وبحسب رويوران، فإن الضربات الإسرائيلية فشلت في تحقيق أحد أهدافها الأساسية، وهو تقويض القدرات الصاروخية الإيرانية، التي وصفها بأنها "آلمت إسرائيل وأربكت حساباتها".

واعتبر أن تل أبيب لم تنجح في الحد من قدرة طهران على الرد، مما يمنح إيران "رصيدا تفاوضيا جديدا"، ويعزز موقف "الردع المتبادل".

تحولات إقليمية

من بين التداعيات اللافتة للحرب الأخيرة، ما تم رصده من مؤشرات على تراجع نسبي لدور الأذرع الإيرانية في الإقليم، أو على الأقل انفصال تكتيكي بين طهران وبعض حلفائها التقليديين.

وتبرز بوادر لانفتاح إيراني أوسع على المحور الشرقي، حيث أشار رويوران إلى احتمالات متزايدة لتوسيع التعاون مع الصين وروسيا، خصوصًا في ظل ما وصفه بـ"العدوان الغربي الجماعي"، الذي كشف عن حجم التحدي الذي تواجهه إيران في علاقتها مع الناتو والولايات المتحدة.

نتنياهو يستثمر 

في المقابل، يستثمر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ما بعد الحرب لتكريس صورته كزعيم "صاحب اليد العليا".

ووفق ما نقله مراسل "سكاي نيوز عربية" نضال كناعنة، فإن نتنياهو يُسوّق نفسه باعتباره من "أنقذ إسرائيل من الإبادة"، ويرى في "الإنجاز العسكري" ضد إيران وسيلة لتعزيز موقعه الداخلي، وربما التمهيد لانتخابات جديدة لا يخشى خوضها بعد أن كان مقيدا بنتائج حرب غزة.

أخبار متعلقة :