الكويت الاخباري

كيف تتأثر شركات إيلون ماسك بـمغامراته السياسية؟ - الكويت الاخباري

يتخذ الملياردير الأميركي، إيلون ماسك، خطوة غير تقليدية قد تعيد تشكيل مساره المهني والشخصي بالكامل، وذلك في الوقت الذي تتسارع فيه التحولات السياسية والاقتصادية داخل الولايات المتحدة.

الرجل الذي ارتبط اسمه بثورة المركبات الكهربائية والفضاء والذكاء الاصطناعي، قرر على ما يبدو أن ينقل معاركه من مضمار التكنولوجيا إلى ميدان السياسة، وهي خطوة لم تمر مرور الكرام، بل أثارت عاصفة من التساؤلات حول الأهداف والدوافع، بل والمآلات المحتملة، ووضعته في صدام مباشر مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

لطالما عُرف ماسك بنزعته التمردية وخروجه عن السائد، لكن تأسيس إعلانه عن حزب سياسي جديد يضعه الآن وجهاً لوجه أمام المؤسسة السياسية الأميركية بكل ثقلها وتاريخها.

ما يثير الجدل أكثر هو تداخل هذا الطموح السياسي مع موقع ماسك كمدير تنفيذي لعدة شركات عملاقة، في مقدمتها تسلا وسبيس إكس. إذ تتزايد المخاوف من أن يؤثر انخراطه في السياسة على تركيزه الإداري، وعلى ثقة المستثمرين واستقرار أعماله.

ماسك والسياسة.. ما هي أحدث التطورات؟

أعلن إيلون ماسك، في وقت متأخر من مساء السبت، عن تأسيس الحزب الأميركي في سلسلة من المنشورات على "إكس". ماسك قال إنه "عندما يتعلق الأمر بإفلاس بلدنا بسبب الهدر والفساد، فإننا نعيش في نظام الحزب الواحد، وليس في ظل الديمقراطية"، معلناً تأسيس "حزب أميركا". جاء ذلك بعدما أعلن عن أن المشاركين في استطلاع أجراه صوّتوا بأغلبية اثنين مقابل واحد لصالح إنشاء حزب جديد. لم يُقدّم سوى تفاصيل قليلة عن هيكل مشروعه الجديد أو الجدول الزمني لإنشائه. إلا أن منشوراته السابقة أشارت إلى أنه سيُركّز على مقعدين أو ثلاثة في مجلس الشيوخ، وثماني إلى عشر دوائر في مجلس النواب. الملياردير الأميركي، الذي كان قد تم تعيينه في إدارة ترامب لخفض الإنفاق الفيدرالي من يناير إلى مايو، كان منتقداً صريحاً في الأيام الأخيرة لقانون ترامب للضرائب، والذي قال مكتب الميزانية في الكونغرس إنه سيزيد العجز الوطني بمقدار 3.3 تريليون دولار حتى عام 2034.

ما موقف ترامب؟

الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأحد، وصف قرار إيلون ماسك بتأسيس وتمويل حزب سياسي أميركي جديد بأنه "سخيف"،  وقال في تصريحات للصحافيين المرافقين له في طريق عودته إلى البيت الأبيض من ناديه للغولف في نيوجيرسي: "لم تنجح الأحزاب الثالثة قط، لذا يمكنه أن يستمتع بها، لكنني أعتقد بأنها سخيفة".

وفي منشور له بعد ذلك عبر منصة "تروث سوشيال" كتب ترامب:

"أشعر بالحزن لرؤية إيلون ماسك ينحرف تماماً عن مساره، ويتحول إلى كارثة حقيقية خلال الأسابيع الخمسة الماضية". إنه يريد تأسيس حزب سياسي ثالث، رغم أنهم (الأحزاب) لم ينجحوا قط في الولايات المتحدة.. الأمر الوحيد الذي تصنعه الأطراف الثالثة هو خلق اضطراب وفوضى عارمة". ثم زعم ترامب أن ماسك كان مدفوعاً بالاستياء من خطته لإنهاء الدعم لتشجيع شراء السيارات الكهربائية. اتهم ترامب ماسك أيضاً بالسعي إلى نفوذ غير مشروع من خلال مطالبته الرئيس بترشيح صديقه، لمنصب مدير ناسا.

كيف تتأثر شركات إيلون ماسك بمشاريعه السياسية؟

خبير العلاقات الاقتصادية الدولية، محمد الخفاجي، يقول لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"" إن الطموح السياسي المتصاعد لإيلون ماسك، وخاصة حديثه عن تأسيس حزب سياسي، يُثير مخاوف متزايدة لدى المستثمرين بشأن تأثير ذلك على أدائه التنفيذي وإدارة شركاته.

يبرز هذا القلق من خلال قرار شركة "أزوريا بارتنرز" تأجيل إطلاق صندوق استثماري مرتبط بشركة تسلا، مبررة ذلك بتعارض تأسيس الحزب مع مسؤوليات ماسك كرئيس تنفيذي بدوام كامل.

وأعلنت شركة الاستثمار "أزوريا بارتنرز"، التي كانت تعتزم إطلاق صندوق استثماري مرتبط بشركة تسلا التي يرأسها ماسك، أنها قررت تأجيل المشروع، معتبرة أن تأسيس الحزب يمثل "تضارباً مع مسؤوليات ماسك الكاملة كرئيس تنفيذي"، بحسب رويترز.

ويستطرد الخفاجي: ماسك معروف بتعدد مشاريعه، إذ يدير تسلا وسبيس إكس ونيورالينك وذا بورينج كومباني، ومنصة إكس (تويتر سابقاً)، وكلها تتطلب تركيزاً عالياً.. والانخراط في العمل السياسي قد يضاعف الضغط عليه، ويضعف كفاءة إدارته. وقد ظهر أثر هذا التشتت سابقاً، حيث تأثر أداء سهم تسلا سلباً نتيجة تركيز ماسك على تويتر عقب استحواذه عليها، ما أثار قلق الأسواق.

ووفق حسابات موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، فإن أسهم تسلا في وول ستريت تراجعت بنسبة 18.7 بالمئة تقريبا منذ تنصيب الرئيس دونالد ترامب في 20 يناير وحتى انتهاء مهمة ماسك في إدارة كفاءة الحكومة في 30 مايو وتوديعه رسمياً في المكتب البيضاوي.

ومنذ بداية العام الجاري وحتى تعاملات الاثنين 7 يوليو (وهي أول جلسة بعد إعلان ماسك عن إنشاء حزب سياسي) تبقى أسهم تسلا متراجعة بنحو 27 بالمئة.  وانخفضت أسهم الشركة خلال الجلسة الأخيرة بنسبة 6.79 بالمئة.

وبالعودة لحديث الخفاجي، فإنه يشدد على أن انخفاض قيمة تويتر (إكس) السوقية والتغييرات الإدارية المتتالية داخل المنصة بعد استحواذ ماسك، عززت الشكوك حول قدرته على إدارة مشاريع متعددة بنفس الكفاءة. وفي ظل احتدام المنافسة مع شركات سيارات كهربائية أخرى، خصوصاً في السوق الصينية، فإن أي ضعف في تركيز ماسك يمنح المنافسين فرصة للتفوق.

من ناحية أخرى، قد تؤثر انخراطاته السياسية على قدرة شركاته على جذب أفضل الكفاءات، حيث يفضل بعض الموظفين بيئة عمل بعيدة عن الصراعات السياسية. وتدل خطوة "أزوريا" على أن الأسواق بدأت ترى في طموحات ماسك السياسية عاملاً قد يهدد استقرار شركاته.

وتعد تجربة ماسك في إدارة كفاءة الحكومة مؤشراً على تأثير طموحات الملياردير الأميركي السياسية ومشاريعه على أعماله وشركاته. وفي هذا السياق يشير تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية، إلى أن استطلاعات الرأي أظهرت أن عمل إدارة كفاءة الحكومة وماسك في تطبيق سياسات إنفاق وتخفيضات حادة في الوظائف داخل الحكومة الفيدرالية "لم يكن يحظى بشعبية كبيرة".

وهو ما ألمح إليه وزير الخزانة الأميركي مؤخراً، عندما ذكر أن المستثمرين في شركات ماسك - بما في ذلك شركة تسلا لصناعة السيارات الكهربائية، التي تراجعت مبيعاتها خلال فترة وجوده بإدارة كفاءة الحكومة - طالبوا علنًا بقصر فترة عمله مع إدارة ترامب.

وقال سكوت بيسنت، يوم الأحد، إنه يتصور أن مجالس إدارة شركات إيلون ماسك لم تكن متحمسة لكشف الرئيس التنفيذي لشركة تسلا عن "حزب أميركا" الجديد.

وكان استطلاع رأي أجرته شبكة إن بي سي نيوز في مارس الماضي قد أظهر أن 46 بالمئة من الناخبين يرون أن إطلاق مشروع DOGE فكرة جيدة، بينما اعتبره 40 بالمئة سيئاً. ولكن عندما طُلب منهم لاحقاً تقييم مشاعرهم تجاه المشروع بشكل عام، كان لدى 47 بالمئة منهم رأي سلبي، مقارنةً بـ 41 بالمئة ممن أبدوا رأياً إيجابياً. وكان لدى 51 بالمئة رأي سلبي تجاه ماسك نفسه.

هل يواجه ماسك معضلة تضارب المصالح؟

من جانبه، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets، جو يرق، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن:

قرارات إيلون ماسك ستكون لها تداعيات على شركة تسلا وشركاته الأخرى. خطوة ماسك قد تؤثر سلباً على تركيزه في دوره التنفيذي، ذلك أن وقتاً وجهداً سيُستنزف من إدارته لتسلا وغيرها من الشركات.. وهو ما قد يقلق المستثمرين. "حتى عند توليه مسؤوليات في وزارة الكفاءة، كانت هناك ضغوط من المستثمرين لتنحيه عن منصبه التنفيذي، وهذا ما يُرجّح أن يتكرر مع دخوله المشهد السياسي".

ووفق يرق، فإن "العقبات التنظيمية والرقابية المحتملة"؛ ذلك أن دخول ماسك في السياسة قد يثير علامات استفهام حول تضارب المصالح، مما يثير مخاوف المستثمرين ويؤثر على صورة المستهلكين تجاه شركاته.

ويحمّل هذه التطورات إلى وجود "تضارب مصالح واهتمام سياسي قد يقلل من ثقة الأسواق والهيئات التنظيمية"، مرجّحًا أن يكون لهذا الموضوع أثر سلبي ملموس، وأن يصبح محور نقاش عميق حول مستقبل شركاته ومكانته في الساحة الاقتصادية والسياسية.

أخبار متعلقة :