الكويت الاخباري

دعوة عباس تُحرج "حماس".. هل تتخلى الحركة عن ورقتها الأقوى؟ - الكويت الاخباري

في خطوة فُسّرت على أنها دعوة صريحة لاختبار صدق حركة "حماس" بشأن أولوياتها الوطنية، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الحركة إلى تسليم الرهائن الإسرائيليين لديها إلى منظمة التحرير، باعتبارها "الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني"، ما اعتبره مراقبون تصعيدا سياسيا محكما من قيادة السلطة.

ويقول مراقبون إن دعوة عباس ترمي إلى محاصرة "حماس" أخلاقيا أمام الداخل الفلسطيني، والمجتمع الدولي الذي يراقب بعين فاحصة أي تحوّل في التعاطي مع ملف الرهائن.

هذه الدعوة جاءت على وقع حالة من الجمود السياسي التي تُخيم على ملف المصالحة، وسط اشتداد الأزمة الإنسانية في غزة، وتعثر المفاوضات غير المباشرة بين "حماس" وإسرائيل، برعاية مصرية وقطرية.

حركة "حماس" في الزاوية: مناورة خطابية أم مأزق استراتيجي؟

يرى الدكتور حسام الدجني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في غزة، خلال حديثه إلى غرفة الاخبار على "سكاي نيوز عربية" أن دعوة عباس ليست مجرد تصريح سياسي عابر، بل هي بمثابة "مناورة محسوبة ترمي إلى إحراج حماس ووضعها في موقع الدفاع عن الذات".

وأضاف الدجني أن الرئيس عباس يسعى إلى تسجيل نقطة سياسية في ملعب "حماس"، عبر إظهارها كجهة تعرقل المسار التفاوضي وتُقوّض فرص التهدئة، في وقت تشهد فيه غزة ضغوطا دولية وشعبية غير مسبوقة.

وأوضح أن الرئيس عباس بذلك "ينقل النقاش من ميدان المقاومة المسلحة إلى ساحة الشرعية السياسية والمؤسسية"، وهي أرضية تُربك "حماس" التي اعتادت على خطاب القوة كأداة رئيسية للتمثيل.

لكن الأهم في قراءة الدجني هو إدراكه لتوقيت هذا الطرح، حيث قال: "الدعوة جاءت في لحظة تعثر المفاوضات غير المباشرة بشأن صفقة تبادل، وهو توقيت ذكي يجعل حماس في موقف دفاعي، لا فقط أمام المجتمع الدولي، بل أمام جمهورها الذي أنهكه الحصار والركود السياسي".

وخلص الدجني إلى أن عباس "لم يطلب تسليم الرهائن فقط، بل طالب عمليا بتفكيك ورقة الضغط الأخيرة بيد حماس، مقابل لا شيء تقريبا، ما يضع الحركة أمام معادلة معقدة: إما أن تستجيب وتخسر هيبتها، أو ترفض وتظهر كجهة تعرقل أي انفراجة إنسانية أو سياسية".

الدعوة تصعيد سياسي ناعم يرسم خطوط الصراع على تمثيل القرار الفلسطيني

وذهب الباحث خليل أبوكرش، من المركز الفلسطيني للدراسات الاستراتيجية، أبعد من التحليل السياسي الظاهري للدعوة، حيث رأى أنها جزء من "تصعيد سياسي ناعم"، صُمّم بعناية ليرسم حدود الصراع الداخلي على تمثيل القرار الوطني الفلسطيني.

وبيّن أبوكرش أن "الحديث عن تسليم الرهائن محاولة لتأطير حماس كجهة خارج الإطار الشرعي لمنظمة التحرير، وتقديم السلطة على أنها الوحيدة المخولة بإدارة الملفات الكبرى، من ضمنها التفاوض حول أرواح المدنيين".

لكن أبوكرش حذر في المقابل من أن هذه الدعوة قد تعمّق الشرخ الفلسطيني الداخلي إذا ما قُرئت من "حماس" على أنها محاولة لتجريدها من إنجاز سياسي أو عسكري.

وشدد أبوكرش على أن الحركة ستواجه "تحديا أخلاقيا" في تبرير استمرار احتجاز الرهائن، خاصة إن استُخدم الملف كورقة مساومة داخلية أو إقليمية.

وختم أبوكرش قراءته بتحذير مهم قائلا: "الملف لا يُدار كقضية تكتيكية. إنه معركة رمزية حول تمثيل الفلسطينيين، ومن يملك التفويض في التفاوض، وهذه معركة لم تُحسم منذ أكثر من 15 عاما".

رهائن.. أم رهائن سياسيون؟

تشير المعطيات إلى أن ملف الرهائن الإسرائيليين لم يعد مجرد ورقة تفاوضية بيد "حماس"، بل تحوّل إلى "بوصلة اختبار" لمدى استعداد الحركة للاندماج في مشروع وطني جامع، يضع مصلحة الشعب فوق الحسابات التنظيمية.

وفي هذا السياق، تبدو خيارات "حماس" محدودة: فإما أن تُبادر إلى خطوة غير مسبوقة بتسليم الرهائن في إطار تفاهم وطني شامل، يُعيد رسم العلاقة بينها وبين منظمة التحرير، أو تواصل التمسك بورقتها التفاوضية، مخاطرة بفقدان جزء من الغطاء الشعبي في ظل ما توصف به أحيانا بأنها "طرف يعزف خارج السرب الوطني".

وفي ظل هذه المعادلة المعقدة، تصبح "حماس" أمام مفترق طرق حقيقي: هل تُقدّم ورقة الرهائن على مذبح الوحدة الوطنية وتمنح "الشرعية" للرئيس عباس، أم تبقى متمسكة بها كورقة مساومة في إطار معركتها الأوسع ضد إسرائيل، ولو على حساب تصعيد التوتر الداخلي؟

تحليل الخطاب السياسي لكلا الطرفين يشير إلى أن المرحلة المقبلة ستكون حافلة بالمحاولات المتبادلة لتحميل الطرف الآخر مسؤولية الانقسام، مما يعكس هشاشة أي تقارب قادم، في ظل غياب الثقة وغياب آليات وطنية جامعة تُدير الملفات الكبرى بعيدا عن التجاذبات الفصائلية. 

أخبار متعلقة :