أعرب الدكتور عبدالرقيب سيف فتح، مسؤول محلي بارز في اليمن، عن قلقه البالغ إزاء التراجع المطرد في الدعم الدولي للأنشطة الإنسانية في البلاد، محملاً منظمات الأمم المتحدة المسؤولية بسبب ما وصفه بـ"العبث" في إدارة أموال المانحين.
واتهم فتح هذه المنظمات الدولية باستخدام جزء كبير من المساعدات لصالح الجماعات المسلحة، بما في ذلك الميليشيات الحوثية، دون وجود رقابة أو آليات متابعة فعّالة.
وفي تصريحات صحفية، أشار فتح إلى أن مؤتمرات الاستجابة الإنسانية التي تعقدها الأمم المتحدة سنويًا لحشد التبرعات كانت في السابق تسجل نجاحًا نسبيًا، حيث كانت تجمع أكثر من 50% من المبالغ المطلوبة لدعم الأنشطة الإنسانية في اليمن.
ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة انخفاضًا حادًا في نسبة التمويل المقدم، حيث بلغت نسبة التمويل في عام 2025 ما لا يتجاوز 8% فقط من الاحتياجات المعلنة، وفقًا للتصريحات الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة.
اتهامات خطيرة
اتهم فتح منظمات الأمم المتحدة بإدارة غير مسؤولة لأموال المانحين، مشيرًا إلى أن جزءًا كبيرًا من المساعدات الإنسانية يتم تحويلها بشكل مباشر أو غير مباشر لصالح الميليشيات الحوثية، التي تسيطر على مناطق واسعة من البلاد.
وأوضح أن هذا السلوك أدى إلى فقدان المجتمع الدولي والمانحين الثقة في كفاءة وقدرة الأمم المتحدة على إيصال المساعدات إلى مستحقيها الحقيقيين.
وأضاف فتح أن "استمرار هذه الممارسات يهدد بتقويض الجهود الإنسانية في اليمن، خاصة في ظل الأزمة الإنسانية الكارثية التي تواجهها البلاد"، معربًا عن خشيته من أن يؤدي هذا الوضع إلى تفاقم معاناة الملايين من السكان الذين يفتقرون إلى الغذاء، المياه النظيفة، والخدمات الصحية الأساسية.
الأزمة الإنسانية تتعمق
تُعتبر اليمن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يعتمد حوالي 80% من السكان على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
ومع استمرار الحرب المستعرة منذ سنوات، تزايدت معاناة المدنيين نتيجة الحصار الاقتصادي، وتدمير البنية التحتية، وانتشار الأمراض والأوبئة.
وحذر المسؤول اليمني من أن تراجع الدعم الدولي سيؤدي إلى تعميق هذه الأزمة، حيث لن تكون هناك موارد كافية لتقديم المساعدات الأساسية للملايين من اليمنيين الذين يعيشون تحت خط الفقر.
وأكد أن "إهمال الإصلاحات العاجلة في آليات توزيع المساعدات سيؤدي إلى كارثة إنسانية أكبر".
دعوة لإصلاح آليات العمل الإنساني
في إطار حديثه، دعا الدكتور عبدالرقيب سيف فتح إلى ضرورة إدخال إصلاحات شاملة على آليات توزيع المساعدات الإنسانية في اليمن.
وشدد على أهمية تعزيز الشفافية والرقابة لضمان وصول المساعدات إلى الفئات الأكثر احتياجًا، بعيدًا عن أي استغلال سياسي أو عسكري من قبل الجماعات المسلحة.
كما طالب فتح الأمم المتحدة بإعادة النظر في استراتيجياتها وإجراءاتها المتعلقة بتوزيع المساعدات، مؤكدًا أن غياب الرقابة الفعّالة يزيد من مخاطر اختلاس الأموال أو استخدامها في أغراض غير إنسانية.
وقال: "إن لم يتم اتخاذ خطوات جدية لتحسين آليات العمل الإنساني، فإن الثقة المتبقية بالمجتمع الدولي ستتآكل تمامًا، وسيكون لذلك عواقب وخيمة على الشعب اليمني".
نداء عاجل للمجتمع الدولي
وجه فتح نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي والجهات المانحة لمواصلة دعمهم للشعب اليمني، وعدم التخلي عنه في ظل هذه الظروف الصعبة.
ودعا إلى زيادة الضغط على منظمات الأمم المتحدة لتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية، وضمان إيصال المساعدات إلى مستحقيها دون تمييز أو استغلال.
وشدد على أن اليمن بحاجة ماسة إلى دعم دولي متزايد وليس إلى تقليصه، خاصة في ظل استمرار الصراع والحصار الذي يعيق وصول المواد الغذائية والطبية إلى المناطق المتضررة.
كما أكد أن الحلول المؤقتة أو الجزئية لن تكون كافية لمعالجة الأزمة الإنسانية المعقدة التي تواجه البلاد.
تتزامن تصريحات الدكتور عبدالرقيب سيف فتح مع مرحلة حرجة تمر بها اليمن، حيث يواجه ملايين السكان خطر المجاعة ونقص الخدمات الأساسية.
ويبدو أن التحذيرات التي أطلقها المسؤول المحلي تسلط الضوء على معضلة إنسانية كبيرة تتطلب تدخلًا عاجلاً وفعالًا من المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة.
وإذا لم يتم التعامل مع هذه القضية بجدية وشفافية، فإن الشعب اليمني سيكون هو الضحية الأولى للفشل في إدارة الأزمة الإنسانية.
أخبار متعلقة :