الكويت الاخباري

أوروبا تبحث عن شركاء تجاريين جدد في مواجهة رسوم ترامب - الكويت الاخباري

بروكسل - د ب أ، إي إن آر: يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إعادة صياغة قواعد اللعبة التجارية في ظل الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على واردات بلاده الأوروبية، ما يضيف مزيداً من الغموض على التجارة العالمية.
ويبحث الاتحاد الأوروبي الآن، وعلى نحو عاجل، عن أسواق جديدة وحلفاء جدد يشاركونه إيمانه بالتجارة العادلة والقواعد التجارية الواضحة.
وازدحم جدول أعمال العلاقات التجارية للاتحاد الأوروبي منذ تنصيب ترامب في يكانون الثاني الماضي. وكان التكتل وافق على تعزيز العلاقات التجارية مع المكسيك قبل أيام من أداء ترامب اليمين الدستورية يوم 20 كانون الثاني، كما أعاد فتح ملف المفاوضات التجارية مع ماليزيا يوم التنصيب.
وفي شباط وآذار الماضيين، التقى كبار مسؤولي الاتحاد مع زعماء الهند وجنوب أفريقيا لإجراء محادثات بشأن قضايا، من بينها التجارة، فيما يسعى الاتحاد الأوروبي بنشاط إلى توثيق العلاقات مع كندا.
وفي وقت سابق الشهر الجاري، أطلق الاتحاد الأوروبي محادثات بشأن اتفاقية مع دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي: "في عالم لا يحظى بالاستقرار، صارت الشراكات مع حلفاء موثوقين في أنحاء العالم، عبر قواعد محددة بشكل واضح لتحقيق مكاسب متبادلة، أكثر قيمة من أي وقت مضى". واكتسب هذا الشعور زخما في أنحاء القارة منذ أعلن ترامب فرض رسوم جمركية على سلع الاتحاد الأوروبي الواردة للسوق الأميركية في وقت سابق هذا الشهر.
وأعلن الرئيس الأميركي في البداية فرض رسوم جمركية بنسبة 20% على الواردات من التكتل، ثم علقها لمدة 90 يوما. ولكن، لا تزال معظم الواردات من الاتحاد الأوروبي تواجه رسوما جمركية نسبتها 10%.
وأشار وزير الاقتصاد الإسباني، كارلوس كويربو، خلال الاجتماع الأخير لمسؤولي التجارة الأوروبيين في لوكسمبورج إلى أنه يجب أن تشكل حرب الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة "حافزا" لتنويع علاقات التكتل الأوروبي مع شركاء آخرين.
كما شدد رئيس وزراء جمهورية التشيك فيالا على ضرورة البحث عن أسواق بديلة، مشيرا إلى سرعة إبرام اتفاقية التجارة الحرة مع تجمع "ميركوسور" التجاري، في أميركا الجنوبية، والذي يضم بين أعضائه البرازيل وبوليفيا والأرجنتين وباراجواي وأوروجواي. كما أشار أيضا إلى إبرام اتفاقيات مع الهند، أو دول جنوب شرق آسيا.
وقال وزير التجارة السويدي بنجامين دوسا، لوكالة أنباء "تي تي" السويدية في آذار الماضي: "نريد من الاتحاد الأوروبي هدم الجدران التي يقيمها الآخرون".

هل تقترب أوروبا من الصين؟
وأعرب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن اعتقاده بوجود فرص، خاصة في آسيا، حيث دعا إلى "تعزيز وموازنة العلاقات الاقتصادية والتجارية" بين الصين وإسبانيا، وذلك خلال زيارته للصين يوم 11 نيسان الجاري.
وأضاف سانشيز: "نريد أن نسهم في علاقة إيجابية بين أميركا والاتحاد الأوروبي، ولكن من الضروري وجود علاقة قوية بين الصين والاتحاد الأوروبي وبين الصين وإسبانيا"، مشيرا إلى أنه يتعين إعادة التوازن للتجارة.
وبلغت نسبة العجز التجاري للاتحاد الأوروبي مع الصين في عام 2024، حوالي 304.5 مليار يورو (346 مليار دولار).
وقال الرئيس الصيني شي جين بينج، خلال زيارة سانشيز لبلاده: "لا يوجد رابح في الحرب التجارية، والوقوف ضد العالم لا يؤدي إلا إلى العزلة الذاتية".
وفي العاصمة البلجيكية بروكسل، قالت مصادر الاتحاد الأوروبي لوكالة "أنسا" الإيطالية إنهم يلاحظون تغيرا طفيفا في موقف بكين، حيث جرى إعادة فتح قنوات لتحسين العلاقات التجارية مع العملاق الآسيوي، والإعلان عن عقد قمة رفيعة المستوى بين الاتحاد الأوروبي والصين في تموز المقبل.
ورغم ذلك، فإن غياب تكافؤ الفرص بين الشركات لدى كل جانب وإمكانية إغراق المنتجات الصينية السوق الأوروبية، حيث يسعى منتجو ومصدرو الصين إلى تجنب العقبات الجديدة لدخول السوق الأميركية، يغذي تردد بروكسل في أن تعتقد أن بكين يمكن أن تصبح شريكاً مخلصاً في المستقبل القريب.
وتتطلع دول الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز التجارة مع الهند، وترى بلجيكا أيضا فرصا في المناخ التجاري الحالي. وكما هو الحال بالنسبة للمفوضية الأوروبية والعديد من الدول الأعضاء الأخرى، تعتبر بلجيكا الهند شريكا جذاباً.
وفي بداية شهر آذار الماضي، قادت الأميرة أستريد أميرة بلجيكا بعثة تجارية ضخمة إلى نيودلهي ومومباي، حيث تصدرت المستحضرات الصيدلانية والدفاع والماس والخدمات اللوجستية والفضاء والطاقة الخضراء جدول أعمال الزيارة.
وقال رئيس الوزراء البلجيكي بارت دي فيفر لدى الإعلان عن الرسوم الجمركية الأميركية، لأول مرة: "يبدو لي أن هذا هو الوقت المثالي لأوروبا كي تبرم اتفاقيات تجارة حرة مع شركاء جدد في أنحاء العالم، يتطلعون إلينا أكثر من أي وقت مضى."
وقام رئيس وزراء سنغافورة بزيارة دولة إلى بلجيكا في وقت لاحق من الشهر، في إشارة أخرى إلى استراتيجية بلجيكا الأوسع نطاقا لتعميق العلاقات مع آسيا. وتصدر عن المستشار الألماني القادم فريدريش ميرتس تصريحات مماثلة.
وقال ميرتس في وقت سابق هذا الشهر: "التوازن العالمي في تغير، ونحن (الأوروبيون) بحاجة إلى (شركاء تجاريين جدد) بصورة سريعة للغاية."

صفقة ممكنة مع أميركا الجنوبية
ثمة أمل لدى الاتحاد الأوروبي في أن تتقدم عملية التصديق على اتفاقية التجارة الحرة مع دول أميركا الجنوبية (تجمع ميركوسور) بشكل سريع، وأن تكتمل العملية هذا العام.
وكان تم التوصل إلى اتفاقية في كانون الأول من العام الماضي، ولكن لكي تتم الموافقة عليها، يتعين أن تحظى بدعم البرلمان الأوروبي، وعلى الأقل، 15 من الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بواقع 65% من سكان التكتل.
وليس هناك ما يشير يقينا إلى حدوث ذلك. وقد واجهت الاتفاقية انتقادات شديدة من جماعات حماية البيئة بسبب مخاوف من أنها سوف تقلل من حماية البيئة، وتزيد من إزالة الغابات.
كما عارضها مزارعو الاتحاد الأوروبي، وقالوا إنها قد تضعهم في موقف غير موات حيث تخضع المنتجات في دول ميركوسور للوائح أقل صرامة، وبالتالي الإنتاج بأسعار أرخص.
وأعربت عدة دول في الاتحاد الأوروبي عن عدم رضاها عن الاتفاقية، وبينها فرنسا وبولندا والنمسا، ولكن الحاجة الماسة إلى ضمان ايجاد شركاء تجاريين جدد قد تخفف من هذا الموقف، ما يسهل عملية التصديق على الاتفاق.
وتهدف المفوضية الأوروبية إلى استكمال المراجعة القانونية لنص الاتفاقية قبل نهاية هذا الصيف، ومن شأن ذلك أن يمهد الطريق للتصديق على الاتفاقية، وهو ما سوف يجبر دول الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي، حيث توجد أصوات كبيرة معارضة له، على التحدث علنا عما إذا كانت لديهم مخاوف.
وثمة مخاوف في بعض الدول الأوروبية الأصغر حجما من التداعيات التي قد يخلفها فرض الرسوم الجمركية، الأميركية، على اقتصادات الدول الأوروبية الأكبر، مثل ألمانيا، التي تعتمد عليها هذه الدول بقوة فيما يتعلق بإيرادات التجارة.
أما سلوفينيا، التي تعد اقتصادا صغيرا وموجها نحو التصدير، فقد ارتبطت على نحو تقليدي، وبشكل رئيسي، بالأسواق الأوروبية، في حين تعد أميركا الشريك التجاري الثاني عشر لسلوفينيا.
ولذلك، تبحث الشركات السلوفينية عن فرص تجارية في أسواق ثالثة، وخاصة في الشرق الأوسط وآسيا.
وبحسب مكتب الإحصاء في سلوفينيا، قفزت قيمة صادرات البلاد إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي في عام 2024، بواقع 25%، على أساس سنوي، مقابل 47% زيادة في الواردات من هذه الدول.
وتتعامل دول أخرى، مثل كرواتيا وبلغاريا، مع أميركا بقدر ضئيل نسبيا في أعمال التجارة. وقال وزير الدولة بوزارة الخارجية الكرواتية زدينكو لوسيتش: "واجهنا أزمات أكبر في السابق، مثل جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، وقد تعافى اقتصادنا منها بسرعة نسبية."
من ناحية أخرى، تعتقد حكومة مقدونيا الشمالية أن هذه اللحظة ربما تشكل فرصة أمام البلاد لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، بدلا من التركيز في البحث عن بدائل.
وقالت وزيرة المالية في مقدونيا الشمالية، جوردانا ديميتريسكا كوتشوسكا، لوكالة أنباء "ميا": "قد نستغلها كفرصة للاقتصاد المقدوني، حيث أقامت الحكومة اتصالات جيدة مع واشنطن."

أخبار متعلقة :