الكويت الاخباري

غزة: اتهامات لتجار بالتسبب في رفع الأسعار وأزمة السيولة - الكويت الاخباري

كتب حامد جاد:
دفعت أزمة شح السيولة النقدية في قطاع غزة وما ترتب عليها من فرض نسب مرتفعة لدى مقايضة قيمة "الكاش" مقابل الدفع بواسطة التطبيق البنكي بمؤسسات تابعة للقطاع الخاص، مؤخراً، لعقد سلسلة من اللقاءات مع مؤسسات السلطة ذات العلاقة وإدارات بعض البنوك وسلطة النقد، لبحث سبل معالجة تلك الأزمة.
وشدد ممثلو عدد من مؤسسات القطاع الخاص في قطاع غزة، خلال اللقاءات، على ضرورة تفعيل دور سلطة النقد وإدارات البنوك في مراقبة ومساءلة بعض أصحاب الحسابات المصرفية، التي سجلت خلال الأشهر القليلة الماضية ارتفاعاً مهولاً في قيمة ودائعهم والعمل على تتبع ما يتلقونه من تحويلات مالية "إلكترونية" بمبالغ كبيرة تدخل لحساباتهم المصرفية.
وفي أحاديث منفصلة لـ"الأيام" مع عدد من ممثلي مؤسسات القطاع الخاص ممن شاركوا في تلك اللقاءات، وصف رئيس جمعية رجال الأعمال في قطاع غزة أحمد أبو عيدة أزمة شح السيولة ومواصلة حكومة الاحتلال رفض إدخال "الكاش" إلى غزة بقضية شائكة شكلت جزءاً من سياسة حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة على غزة.
وكشف أبو عيدة النقاب عن أن مجموعة من التجار لا يتجاوز عدد أفرادها خمسين تاجراً من قطاع غزة يقفون وراء تدهور الوضع المالي في القطاع، وارتفاع أسعار السلع وزيادة حدة تفاقم أزمة السيولة النقدية.
وأوضح أن ممثلي القطاع الخاص التقوا غير مرة مع عدد من ممثلي المؤسسات الدولية والمصرفية، وسبق ذلك لقاءات عقدت مع سلطة النقد ومؤسسات ووزارات السلطة ذات العلاقة، استهدفت جميعها بحث سبل معالجة الأزمة المذكورة.
وبين أبو عيدة أنه تمت خلال تلك اللقاءات مطالبة سلطة النقد ومؤسسات السلطة ذات العلاقة بالتدخل والعمل على محاسبة مستغلي الأوضاع في غزة، عبر تشكيل لجنة متخصصة لمراقبة ومتابعة السلوك المالي لهؤلاء ومعاملاتهم المالية والمصرفية المحفوفة بالشبهات واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم.
ولفت إلى أن عددا من التجار يرفضون البيع من خلال خدمة التطبيق البنكي وعمدوا إلى البيع بالكاش لتجار آخرين لديهم السيولة النقدية اللازمة، والذين يقومون ببيع ما يشترونه لتجار التجزئة عبر خدمة التطبيق البنكي مع رفع أسعار السلع وتقاضي قيمة أعلى من قيمتها السوقية، ما يعني انه لو كانت قيمة البضاعة المباعة في ظل الوضع الطبيعي بمئة ألف شيكل يتم بيعها بواسطة التطبيق البنكي بنحو 120 ألف شيكل، ومن ثم التاجر الموزع يقوم برفع تلك النسبة ويحملها إلى صغار التجار وأصحاب البسطات الذين يدفعون له بواسطة التطبيق البنكي.

النقد أصبح سلعة
وأشار أبو عيدة إلى أن هؤلاء التجار بمجرد تعاملهم بواسطة خدمة التطبيق البنكي تضاعفت أرباحهم وحساباتهم المصرفية، مؤكداً أن العملة النقدية أصبحت تباع ويتم تداولها كأي سلعة وهناك من التجار من يستثمر أرباحه بشراء الذهب أو تحويل أمواله إلى ودائع عبر خدمات مصرفية تسمح بذلك.
وقال، "هناك البعض من التجار كانوا متعثرين ماليا وآخرون لم يسبق لهم التعامل بالنشاط التجاري، وبالتالي عندما يصبح هذا الشخص بشكل فجائي من أصحاب رؤوس الأموال وحسابه المصرفي يتضاعف شهرياً فإن هذا الأمر يوجب التوقف والتدخل المباشر سواء من قبل سلطة النقد أو البنك نفسه الذي منحه حسابا مصرفيا".
وبين أن قيمة الودائع لدى احد البنوك في غزة تضاعفت خلال الحرب بنسبة 200%، في حين انه من الطبيعي في ظل الحرب أن لم تنخفض قيمة الودائع، أن تبقى على ما هي عليه على الأقل، إلا أن البنك، بحسب أبو عيدة، يغمض عينيه عن هذا الأمر انطلاقاً من أن مصلحته تكمن في ازدياد قيمة الودائع لديه.
من جهته، اعتبر فيصل الشوا، نائب رئيس مجلس إدارة مركز التجارة الفلسطيني "بال تريد"، الذي يشغل أمانة سر المجلس التنسيقي للقطاع الخاص، أن أزمة السيولة تعد مشكلة قائمة منذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومنع الاحتلال إدخال النقد إلى البنوك في القطاع.
ونوه إلى أن تعرض البنوك إلى الدمار والسرقات أدى أيضا إلى امتناعها عن استقبال النقد، لافتاً إلى انه قبل الإغلاق الأخير منذ نحو ٥٥ يوماً كان الوضع اقل شدة لأن الحركة التجارية حتى وأن كانت تقتصر على المساعدات الإغاثية والمواد التموينية ساعدت في توفر النقد بنسبة بيع حوالى ١٠ إلى ١٥%؜، وأيضا كانت البنوك تسمح بالإيداع للتجار بمبالغ محدودة.
وبين أنه منذ أن اصبح استخدام التطبيقات البنكية وباقي وسائل الدفع الإلكترونية كخيار متاح ولو أن هذا الخيار واجه صعوبات كبيرة منها عدم توفر الإنترنت وأيضا عدم قبوله لدى العديد من البائعين لأن البيع نقدا يشكل ضرورة لإتمام عملية الشراء من المورد، وبالتالي اصبح النقد سلعة تباع بنسبة بلغت اكثر من٣٠%؜ ما أدى لمزيد من معاناة المواطنين.
وقال الشوا، إن "المجلس التنسيقي عقد سلسلة اجتماعات وورش عمل حول هذا الموضوع منها لقاءات مع البنوك ومحافظ سلطة النقد ورئيس الوزراء ووزير الاقتصاد، تمت خلالها المطالبة بمحاسبة كل من يتاجر بالنقد ومتابعة الحسابات البنكية بصورة أدق كما يتوجب على المجتمع الدولي الضغط علي الاحتلال للسماح للقطاع الخاص بالاستيراد لأن وفرة المنتج ستعمل على خفض الأسعار".
ونوه إلى أن قضية الاحتكار وبيع التنسيقات وعدم وجود دور لوزارة الاقتصاد وقيام المؤسسات الدولية بالتنسيق مباشرة مع الجانب الإسرائيلي أدت إلى ارتفاع الأسعار بأضعاف ما كانت عليه في السابق.
وشدد على ضرورة توفر الشفافية عند إعادة فتح المعابر وأن توضح جميع المؤسسات المواد التي دخلت عن طريقها وتنسق مع السلطة الوطنية والقطاع الخاص لإدخال ما يحتاج إليه القطاع، وليس فقط ما تسمح به إسرائيل، مطالباً وزارة الاقتصاد بضرورة محاسبة كل من يثبت اضطلاعه برفع الأسعار والمتاجرة بالنقد، والعمل بكل جدية على تقييم أداء المؤسسات ذات العلاقة، والتنسيق مع الوزارة لإدخال ما يحتاجه القطاع والتعميم لدى البنوك بضرورة أن يتم تحويل قيمة المواد من حساب المستورد نفسه وهذا سيسهل عمليه القبول بالدفع الإلكتروني أو التطبيق البنكي.
وطالب الشوا سلطة النقد بالإعلان الفوري بقبول التعامل بالنقد المهترئ وفئة ١٠ شواكل ومتابعة افضل لحركة الحسابات بالبنوك.
وقالت الغرفة التجارية في قطاع غزة، امس، إن أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفعت بنسبة 527% جراء منع دخول السلع والمساعدات.

أزمة نقص السيولة
بدوره، قال أسامة النعسان، نائب رئيس الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، إن أزمة السيولة والعملة المهترئة في قطاع غزة هي جزء من التحديات الاقتصادية الحادة التي يعاني منها القطاع منذ سنوات، ناهيك عن تعمق هذه الأزمة بسبب الحرب على قطاع غزة المستمرة منذ نحو عام ونصف العام، حيث تأثر القطاع الاقتصادي بشكل كبير وخاصة القطاع المالي باعتباره اهم أعمدة الاقتصاد حيث توقف العديد من البنوك عن العمل ما أدى إلى تعميق الأزمة لتصل إلى حد عدم تداول العملة (الورقية، المعدنية) بذريعة أنها قديمة أو مهترئة.
وأكد النعسان أن رفض الجانب الإسرائيلي استلام العملات المهترئة واستبدالها منذ ما قبل بدء الحرب، وتوقف عمل عدد من البنوك وتدمير البنية التحتية الاقتصادية والمصرفية، أدت إلى نشوء أزمة ثقة فضلاً عن الأزمة التجارية والاقتصادية من قبل التجار، إضافة إلى أن انخفاض الإنتاج بالقطاع الصناعي والتجاري أدى لغياب الاستقرار الاقتصادي وخاصة النقدي، لا سيما في ظل القيود المفروضة على التحويلات المالية والمساعدات الدولية بسبب الحصار الإسرائيلي، ما جعل تدفق الأموال إلى داخل القطاع محدوداً.
وتعمقت الأزمة عقب تحويل أموال من الداخل إلى الخارج بعد مغادرة ما يقارب من 200 ألف فلسطيني للقطاع، حيث أدى ذلك مجتمعاً إلى نقص كبير بالسيولة المحلية في الأسواق بالإضافة إلى أن هناك إشكاليات يواجهها السكان بقطاع غزة جراء التحويلات من الخارج للأهالي بحيث يتم اقتطاع نسبة كبيرة من قيمتها في حال استلام الحوالات بعملة الدولار.

العملة المهترئة
وبين انه بسبب الاعتماد المستمر على العملة الإسرائيلية المتداولة في القطاع وعدم قدرة السكان على استبدال الأوراق التالفة بشكل مستمر، أصبحت العملة المتداولة في غزة مهترئة بشكل كبير، سواء الورقية أو المعدنية، وأن نقص السيولة وزيادة الطلب على العملات السليمة أديا إلى زيادة في الأسعار بشكل غير مباشر، وان احتكار العملات الجديدة والاتجار بها مقابل نسب مرتفعة والصعوبات التي تواجه الأعمال التجارية بشكل عام أفضت إلى تعميق أزمة السيولة في القطاع.
ونوه النعسان إلى أن العديد من الموظفين في القطاعين العام والخاص يواجهون مشاكل في تلقي رواتبهم، وفي بعض الأحيان يكون هناك تأخير في عملية دفع الرواتب، ما يؤدي إلى نقص السيولة المتاحة للاستخدام الشخصي حيث اصبح هناك بيع وشراء على التطبيقات بمعنى (يتم شراء بضائع مقابل 1800 شيكل تدفع بالتطبيق 2000 شيكل، ثم يقوم التاجر ببيع البضاعة مقابل تطبيق بمبلغ 2200، ما يعمق شح السيولة وانتشار البيع بالفائدة.
ووصلت قيمة الفائدة في بعض الأحيان إلى 40% كعمولة للحصول على النقد (الكاش)

توصيات للخروج من الأزمة
ودعا النعسان سلطة النقد لإصدار تعميم بأن العملات التي يتم التعامل بها وخاصة المهترئة هي عملات صالحة للتداول والبيع والشراء، وسيتم تبديلها في حال أتاحت الظروف، سواء المعدنية أو الورقية، وان تقوم سلطة النقد بالتعاون مع البنوك من خلال تنظيم حملات مركزة لوقف الاستغلال من قبل بعض مستخدمي خدمات الدفع الإلكتروني.
وأوصى بالانتقال بشكل تدريجي إلى التعاملات الإلكترونية وتشجيع نقاط البيع من خلال البنوك العاملة وزبائنها لتحسين السيولة المالية الإلكترونية، مطالباً البنوك بالعودة لفتح أبوابها لمساعدة المواطنين وتعزيز السيولة النقدية والتحويلات الإلكترونية ونشر ثقافة استخدام الدفع الإلكتروني سواء للمستهلك أو للتاجر، بحيث يكون هناك بعض المحفزات والتسهيلات وأن يقوم التجار بحمالات تستهدف جلب اكبر عدد من المتعاملين في الدفع الإلكتروني عبر إعطاء مزايا ومحفزات كمنح وجوائز وخصومات.
وشدد النعسان على أهمية تفعيل وتطوير دور المجتمع الدولي في تقديم المساعدات بحيث يتم توزيع مساعدات نقدية مباشرة للأسر عبر برامج المؤسسات الإغاثية العاملة وفقاً لما كانت تقوم به بعض المؤسسات والبرامج الدولية ومنها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي نفذ مشروع "النقد مقابل العمل" وبرنامج الغذاء العالمي الذي نفذ مشروع القسائم الرقمية ووكالة "الأونروا" التي نفذت مشروع الدعم النقدي الطارئ.

أخبار متعلقة :