الكويت الاخباري

صحفي يحذر من أبعاد استراتيجية المعركة الأمريكية مع الحوثيين وتوجيه البوصلة نحو الصين وإيران - الكويت الاخباري

أثار الصحفي عبدالسلام محمد جدلًا واسعًا في أوساط المتابعين للشأن الدولي بعد نشره تحليلًا موسعًا على حسابه الرسمي بمنصة "إكس" (تويتر سابقاً)، حذر فيه من خطورة التوجه الأمريكي العسكري في اليمن، وما قد يترتب عليه من تداعيات إقليمية ودولية، خاصة في ظل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة ومليشيا الحوثي.

وأشار عبدالسلام إلى أن هناك تخوفات لدى بعض المراقبين تجاه الطبيعة الحقيقية للأهداف الأمريكية من هذه المواجهة، مؤكداً أن بعض الجهات الغربية أو المحلية قد تكون تنظر إليها كفرصة لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية خاصة بالولايات المتحدة، على حساب الاستقرار الإقليمي، دون تحقيق حلول شاملة للصراع الداخلي في اليمن.

وقال عبدالسلام في منشوره:
"من خلال مطالعتي للتطورات الجارية، هناك تخوفات لدى البعض بأن واشنطن قد تستفيد من الحرب مع مليشيا الحوثي لخدمة مصالحها الخاصة ومن ثم الانسحاب، دون اهتمام حقيقي بإيجاد حل سياسي مستدام للقضية اليمنية".

وأضاف:
"لكن ما لا يتم تسليط الضوء عليه هو العلاقة الجوهرية بين تحركات الولايات المتحدة العسكرية الكبيرة – مثل تحريك حاملات الطائرات وتركيز ترسانة عسكرية هائلة – وبين الأهداف الاستراتيجية الأوسع التي تتجاوز مجرد مواجهة جماعة صغيرة يمكن هزيمتها داخلياً".

وأكد أن أي تقدير خاطئ لنية الولايات المتحدة، واستمرار اعتبار هذه الحرب مجرد مواجهة مباشرة مع الحوثيين فقط، يعد نوعاً من "الاستغفال" السياسي عن الأهداف الحقيقية التي تقودها واشنطن تحت ستار مكافحة الإرهاب أو تأمين ممرات الشحن.

الهدف الحقيقي: إعادة تموضع في وجه النفوذ الصيني والإيراني

واستعرض عبدالسلام في تحليله رؤيته حول الاستراتيجية الأمريكية في اختيار أهداف الحروب، مشيراً إلى أن الهدف الرئيسي الذي أعلنته الولايات المتحدة من عملياتها ضد الحوثيين هو "تأمين ممرات الملاحة الدولية"، لكن هذا الهدف لا يُفهم إلا ضمن سياق استراتيجي أوسع، يرتبط بمحاولات واشنطن للتغلب على النفوذ المتزايد لكل من إيران والصين في المنطقة.

وأوضح أن استراتيجية واشنطن في وضع أي هدف لتدخلاتها العسكرية تقوم على ثمانية أسس رئيسية:

مرونة الهدف وقابليته للقياس والتقييم. إمكانية تجديده وتغذيته بدوافع جديدة إذا بدأ في التراجع. ارتباطه بمصالح أمريكية مباشرة في الأمن والاقتصاد. مساهمته في صياغة أهداف طويلة الأمد إقليمية ودولية. كسب الخبرات القتالية لأجيال جديدة من القوات الأمريكية. تجربة أسلحة وأساليب قتالية حديثة. تحقيق دخل إضافي للدولة عبر عقود التسليح والدعم اللوجستي. تعزيز السمعة العسكرية الأمريكية عالمياً.

الأطماع الأمريكية في منطقة غنية بالنفط والموقع الجيوسياسي

وأضاف الصحفي عبدالسلام أن معظم الحروب الأمريكية تركز على مناطق غنية بالموارد الطبيعية، وخاصة النفط والغاز، ولها أهمية جيوسياسية استراتيجية، مما يسمح لواشنطن باستنزاف الخصوم وفرض هيمنتها، فضلاً عن تحميل الدول المحلية جزءاً من تكاليف الحرب.

وأشار إلى التجارب السابقة في أفغانستان والعراق، حيث استخدمت الولايات المتحدة مبررات مثل "مكافحة الإرهاب" و"تفكيك أسلحة الدمار الشامل"، لكن الواقع أثبت أن هذه الأهداف كانت مجرد بوابة لفرض الهيمنة السياسية والاقتصادية على تلك المناطق، بل وتوظيفها في خدمة أهداف بعيدة المدى.

ففي أفغانستان، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي، لم يكن محاربة الإرهاب سوى ذريعة لإعادة ترتيب الخارطة الجيوسياسية في آسيا الوسطى، بينما في العراق، كان الغزو بداية لتغيير النظام ودعم صعود تيار سياسي جديد يسهل السيطرة عليه.

اليمن.. والحرب على الخطوط الصينية الإيرانية

وعاد عبدالسلام للحديث عن الوضع في اليمن، وقال إن الهدف الأمريكي من تأمين ممرات الملاحة الدولية ليس هو الغاية النهائية، بل هو وسيلة لتحقيق أهداف أوسع، منها:

احتواء النفوذ الإيراني في المنطقة. منع توسع مبادرة "الحزام والطريق" الصينية في البحر الأحمر. عسكرة البحر الأحمر لمواجهة التوسع الصيني-الإيراني. إضعاف مليشيا الحوثي كذراع إيرانية في المنطقة.

وأوضح أنه كلما ضعفت الحجة القانونية أو العسكرية الأولى للتدخل الأمريكي، يتم تغذية الهدف بعناصر جديدة، مثل:

الحديث عن تزويد روسيا صواريخ متطورة للمليشيا. اتهام الصين بتقديم دعم لوجستي عبر الأقمار الصناعية. التلميح إلى وجود أسلحة محظورة لدى الحوثيين.

وهذه الخطوة – بحسب عبدالسلام – تُعيد تنشيط الهدف العسكري أمام الداخل والخارج، وتساعد في تصعيد العمليات بشكل أكبر، مما قد يؤدي إلى امتداد التحرك الأمريكي ليشمل ضربات إسرائيلية تستهدف إيران، وفق سيناريوهات محتملة.

ختامًا: الحرب أوسع من مجرد الحوثيين

وختم الصحفي عبدالسلام منشوره بالقول:"إن الحرب ليست فقط ضد الحوثيين، بل هي جزء من استراتيجية أوسع تسعى لإعادة تشكيل الخارطة الجيوسياسية في المنطقة، ومواجهة النفوذ الصيني-الإيراني، وتأمين مواقع استراتيجية جديدة لواشنطن، حتى لو تطلب الأمر تدمير دول أو إعادة رسم حدودها".

وأضاف:"قبل أن يصل العالم إلى مرحلة اللاعودة، يجب أن يكون هناك وعي حقيقي بالطبيعة الحقيقية لهذه الحروب، وأن لا تتحول شعوبنا إلى أدوات لعبة كبرى تُدار خارج حدودها، لحسابات بعيدة كل البعد عن قضاياها الوطنية والحقوقية المشروعة".

أخبار متعلقة :