الكويت الاخباري

إيران وإسرائيل.. هل تكون الجولة النووية الخامسة شرارة الحرب؟ - الكويت الاخباري

فيما تتسارع عقارب الساعة نحو الجولة الخامسة من المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، تتحول المنطقة إلى برميل بارود على وشك الانفجار، مع تزايد المؤشرات على أن إسرائيل لا تنتظر طويلاً قبل أن تنفذ تهديداتها بضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وبينما تؤكد طهران جهوزيتها، يلوّح الحرس الثوري بـ"رد مدمر"، وتغوص التصريحات في نبرة التحدي والاستعداد.

تصعيد عسكري يسبق المفاوضات: إسرائيل تقرأ انهيار الاتفاق

كشف موقع "أكسيوس" الأميركي أن تل أبيب تُعد خططاً ميدانية متقدمة لضرب منشآت إيران النووية إذا ما فشلت الجولة المقبلة من المحادثات في روما، وهو ما أكده أيضاً تقرير لشبكة "سي إن إن" نقلاً عن مصادر استخباراتية.

التحول في موقف الاستخبارات الإسرائيلية، من قناعة بقرب الاتفاق إلى توقّع انهياره، يعكس عمق الخيبة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ويؤكد أن المسار الدبلوماسي بات هشاً إلى درجة أنه لا يُعوَّل عليه.

التدريبات العسكرية التي يجريها الجيش الإسرائيلي هذه الأيام تحمل دلالة واضحة: إسرائيل تريد أن تكون جاهزة لعملية قد تمتد أسبوعاً كاملاً، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الضربات الاستباقية الإسرائيلية.

وفي المقابل، تتعامل إيران مع هذه التحضيرات كجزء من الحرب النفسية، لكنها –وفقاً لقادتها العسكريين– لم تعد ترى في التهديدات مجرد مناورات، بل سيناريوهات قابلة للتنفيذ.

طهران ترد: كل إسرائيل تحت مرمى الصواريخ

في رد مباشر على التحضيرات الإسرائيلية، أطلق الحرس الثوري الإيراني تحذيرات شديدة اللهجة، أكد خلالها أن "كل إسرائيل تحت أنظار المقاتلين"، ملوحاً برد سيكون "مدمراً وحاسماً" إذا ما أقدمت تل أبيب على توجيه ضربة عسكرية.

وبدوره، تفقد رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري وحدات الجيش والحرس الثوري في الشرق الإيراني، مؤكدًا أن القوات المسلحة "في أعلى درجات الجهوزية".

هذا الاستعراض العسكري في سيستان وبلوشستان ليس فقط عرضًا للقوة، بل رسالة موجهة للخصوم بأن طهران تتعامل مع أي احتمال عدواني كأمر واقع. وفي قلب هذه الرسائل، تبرز المقاربة الإيرانية القائمة على أن الحرب، إن فرضت، ستكون شاملة ولن تبقى محصورة في الحدود الإيرانية، بل قد تمتد إلى ساحات متعددة، كما حصل في اليمن ولبنان وغزة.

بين رفض الدبلوماسية وتثبيت معادلة الردع

في حديثه لبرنامج "التاسعة" على قناة سكاي نيوز عربية، قدّم محمد غروي، مدير مركز الجيل الجديد للإعلام، تحليلاً يعكس عمق الرفض الشعبي والسياسي في إيران لاستمرار التفاوض مع إدارة ترامب، التي يعتبرها غير جديرة بالثقة.

غروي، المقرب من التيارات الأصولية، أكد أن "كثيرين في إيران يعتبرون هذه المفاوضات مضيعة للوقت"، لافتًا إلى أن إيران تعلم من التجربة أن واشنطن، حتى إن وقّعت اتفاقًا، لن تلتزم به.

أكثر من ذلك، يرى غروي أن العودة إلى المفاوضات جاءت بسبب الردع الذي فرضته طهران في "عملية الوعد الصادق" الأولى والثانية، في إشارة إلى هجمات إيرانية مباشرة أو بالوكالة. هذا التحليل يشي بأن إيران لا تعوّل على الاتفاق النووي بقدر ما تعوّل على تثبيت معادلة الردع، وأن الرد العسكري ليس خيارًا طارئا بل ضمن عقيدتها الاستراتيجية.

وفي قراءة أعمق، يؤكد غروي أن "الإسرائيلي لا يمكن أن يجرب إيران مرة أخرى"، مشيرًا إلى أن ما تم تحضيره من مفاجآت "كبير جدًا"، وأن لدى طهران القدرة على مفاجأة خصومها.

هو بذلك لا يقدم مجرد رأي إعلامي، بل يترجم موقفًا عامًا داخل النظام الإيراني يرى أن المواجهة، إن وقعت، ستكون لحظة كشف الأحجام والقدرات، وليس فقط لحظة اختبار النوايا.

المفاوضات.. فرصة أخيرة أم مرحلة تهيئة لما بعد الفشل؟

في هذا السياق، تكتسب الجولة الخامسة من المحادثات النووية في روما أهمية بالغة، بوصفها "الفرصة الأخيرة قبل العاصفة"، كما وصفتها وسائل إعلام غربية نقلاً عن مصادر دبلوماسية أوروبية.

ولكن، في المقابل، بدا لافتًا إعلان المرشد علي خامنئي عبر صحيفة "كيهان" المحسوبة عليه أن المفاوضات "بلغت نقطة اللا جدوى"، مطالبًا باعتماد "سياسة المقاومة النشطة" بدلًا من مواصلة الحديث "مع الذئب الذي يشحذ مخالبه".

هذا التحول في الخطاب السياسي الإيراني من محاولة الإنقاذ إلى تبنّي نبرة ما بعد الفشل، يثير تساؤلات بشأن مدى جدية الطرفين في التوصل إلى تسوية.

فهل المفاوضات مجرد مرحلة عبور لتبرير التصعيد؟ وهل تسعى واشنطن بالفعل لحل، أم لشراء الوقت؟ أما تل أبيب، فترى أن انهيار الاتفاق فرصة لا تتكرر، وقد تشعر بأنها مجبرة على التصرف قبل أن يُفرض عليها واقع نووي جديد.

ترامب ونتنياهو.. تباين تكتيكي لا استراتيجي؟

من اللافت ما أشار إليه غروي بشأن وجود تباين بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن توجيه ضربة عسكرية لإيران.

فترامب، برأي غروي، لا يريد الحرب، بل يسعى للحصول على "توافق مع الإيرانيين" ولو اقتضى الأمر تنازلات في ملف التخصيب.

لكن، حتى مع هذا التباين الظاهري، فإن التنسيق الأمني والاستخباراتي بين الطرفين يبقى عاليًا، خصوصًا في ظل زيارات متكررة لوفود أمنية إسرائيلية إلى واشنطن، وتصريحات أميركية تفيد بأن الجيش الأميركي "يرى ويفهم أن إسرائيل تجهز"، بحسب "سي إن إن". ما يفتح الباب أمام سيناريو مفاده أن واشنطن لن تشارك في الضربة، لكنها لن تمنعها أيضًا.

على حافة الانفجار.. ومنطقة في عين العاصفة

بين حسابات الردع ووعود الدبلوماسية، تقف المنطقة على شفا مواجهة قد تتجاوز كونها ضربة محدودة إلى حرب إقليمية كبرى.

التصريحات المتبادلة، تدريبات الجيش الإسرائيلي، تهديدات الحرس الثوري، وتحليلات غروي جميعها تقود إلى نتيجة واحدة: إذا فشلت المفاوضات، فإن المنطقة قد لا تعود كما كانت.

ما يجري الآن ليس مجرد شدّ حبال سياسي، بل سباق مع الزمن لإعادة رسم قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط.

فهل تنجح الجولة الخامسة في إعادة طرفي النزاع إلى المسار الدبلوماسي؟ أم أننا أمام لحظة التحول الكبرى التي سيذكرها التاريخ كنقطة البداية لحرب ما بعد الاتفاق النووي؟ العد التنازلي لا يزال مستمرًا، والكل ينتظر ما ستقرره الساعات القليلة المقبلة.

أخبار متعلقة :