شمال غزة: التكافل الاجتماعي السبيل الوحيد لإنقاذ المواطنين من الموت جوعاً - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

كتب عيسى سعد الله:

لم يخجل المواطن محمود رجب وهو اسم مستعار من طرق أبواب مواطنين يظَن انهم مقتدرون لطلب الخبز لإنقاذ أرواح أسرته من الموت جوعاً.
ويتكئ رجب المصاب على ابنه الصغير رائد، ابن الثماني سنوات في رحلة بحثه اليومية على الخبز أو أي شيء يسد رمق الأسرة التي نزحت من أقصى شمال غزة إلى احد المخيمات الضخمة المقاومة وسط حي الدرج بمدينة غزة.
وأضاف رجب، انه لم يعد يخجل من الطلب المتكرر والملح لمن يراهم مقدرين ولديهم ما يكفيهم من الطعام لإطعام أبنائه الذين يتضورون جوعاً.
ويرفض رجب في الخمسين من عمره تلقي الأموال وإنما مواد غذائية كالخبز وأصناف أخرى من المواد الغذائية.
ويعكس هذا الأسلوب الذي يتبعه المئات بل آلاف النازحين والمحتاجين قسوة الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي يعيشها هؤلاء.
وأوضح رجب انه لا يستطيع حتى شراء كلغم واحد من الطحين لإعداد الخبز بسبب ارتفاع سعره إلى اكثر من خمسين شيكلاً.
وأضاف رجب لـ"الأيام"، انه لا يمتلك شيكلا واحدا واصبح منذ نزوحه يعتمد على ما كانت تقدمه المؤسسات والمطابخ الخيرية والتكيات من طعام ومساعدات عينية ونقدية توقفت منذ شهر تقريباً.
ولم تختلف حال المواطنة سهام في الأربعينيات من عمرها والتي لا تمل من البحث الدائم في المناطق التي لم يطالها دمار كبير للحصول على طعام أفرد أسرتها.
وقلما تفشل سهام وهو اسم مستعار في الحصول على عدة كيلوغرامات من المواد الغذائية والمعلبات بعد رحلة بحث تمتد من ساعات الصباح الأولى وحتى المساء.
وعكس جلوس سهام لبعض الوقت على حافة رصيف احد الشوارع في حي الشيخ رضوان لأخذ قسط من الراحة، رحلة البحث الطويلة والشاقة عن الطعام، معربة عن رضاها من تصرف الكثير من المواطنين والذين يتقاسمون أحياناً لقمة العيش معها.
وأضافت، إنها في كثير من الأحيان تجد تعاطفاً كبيراً من مواطنين رغم عدم امتلاكهم ما يكفي لإطعام أبنائهم إلا انهم يمنحونها أرغفة من الخبز وبعض الأطعمة الأخرى.
واعتبرت سهام أن هذه الطريقة هي الوحيدة لإنقاذ أفراد أسرتها من الجوع.
وقالت لـ"الأيام"، إنها المرة الأولى التي تمتهن هذه المهنة في حياتها، مؤكدة أن عجز زوجها عن العمل بسبب إصابته الصعبة اجبرها على ذلك، معربة عن أملها في أن تنتهي هذه المعاناة قريباً.
ولا يقتصر هذا التصرف والعمل على الكبار وإنما أيضاً، على الصغار الذين يطرقون ويتسللون إلى داخل المنازل بعفوية طلباً للخبز، كما هو الحال مع الطفلين سامي وإبراهيم اللذين يخرجان يومياً من مخيم للنازحين باتجاه مناطق متفرقة من وسط مدينة غزة بحثاً عن طعام لعائلتهما.
وعادة ما يعود الطفلان في أواخر العقد الأول من عمريهما إلى عائلتهما بعدة أرغفة ومواد غذائية أخرى.
ورغم انزعاج بعض المواطنين من دخولهما المنازل دون استئذان في بعض الأحيان إلا انهم يلقيان التعاطف الكبير لا سيما في ظل نحافة جسديهما وشحوب وجههما وعفويتهما في طلب المساعدة.
وقال الطفلان لـ"الأيام"، في كثير من الأيام نحظى بتناول الطعام داخل البيوت بناءً على رغبة أصحابها، وفي المقابل نحظى بمعاملة اكثر قسوة من البعض ظناً منهم أننا متسولان وغير محتاجين للطعام.
وأوضحا، لم نكن نرغب في هذا العمل الذي يستنزف قوانا ولكن بعد توقف المطابخ والتكيات عن منح أسرتهما الطعام اللازم طلب الوالد الذي يبيع الحطب أمام بوابة المخيم منا التكفل بالحصول على الطعام للمساعدة في تلبية الحد الأدنى من احتياجات الأسرة.
وبينما تشهد بعض محال بيع البوظة اكتظاظاً من المشترين يقف عشرات الأطفال المنحدرين من اسر مشردة ونازحة وفقيرة بينهم طلباً للطعام.
ورغم تذمر الكثير من أصحاب المحال والمواطنين من ارتفاع أعداد الطالبين والمتسولين إلا انهم يؤكدون على أهمية التكافل الاجتماعي في التغلب على أزمة المجاعة المميتة التي تضرب قطاع غزة منذ ثلاثة شهور عقب فرض الاحتلال لحصار مطبق.
وتتعمق المجاعة على وقع استمرار فرض الحصار ورفض الاحتلال الاستجابة لكافة المناشدات الدولية والإنسانية بفتح المعابر وإدخال الطعام والدواء.
واستشهد عشرات المواطنين جوعاً وبسبب الأمراض المرتبطة بسوء التغذية والتي حذرت منظمات أممية من وفاة عشرات آلاف الأطفال بسببها إذا ما استمر الاحتلال بفرض حصاره.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق