رفح - "الأيام": شهد مركز توزيع المساعدات الذي افتتحه جيش الاحتلال بإدارة شركة أميركية خاصة، في رفح، حالة من الفوضى الكبيرة، أضطر جيش الاحتلال على إثرها لاستدعاء مروحيات هجومية، أطلقت النار في محاولة لتفريق جموع الجائعين، وحماية الجنود والموظفين الأميركيين، وقد سقط عشرات الضحايا من الجائعين، بين شهيد وجرح.
ووفقا لمصادر محلية وشهود عيان، فإنه وبعد وقت قصير من الإعلان عن بدء توزيع المساعدات في المركز الواقع جنوب شرقي محافظة رفح، ويقع ضمن "منطقة حمراء"، خاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، بدأ مواطنون بالتوجه للمركز للحصول على المواد الغذائية، ومع ساعات ما بعد الظهر، بدأ عشرات الآلاف بالتجمهر، حيث جرى زجهم في طرقات ضيقة محاطة بالسياج الشائك، وإدخالهم بطريقة مهينة ومذلة للحصول على المساعدة، حيث بدأ الناس بالصراخ، وتدريجياً تحول الأمر إلى فوضى كبيرة.
وقالت "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة أميركيا، إن العمليات عادت إلى طبيعتها بعد الحادث.
وقال شاهد عيان لـ"الأيام"، ورفض ذكر اسمه، "بعد ساعات من الانتظار تحت لهيب الشمس الحارقة، ضج الجميع، وبدأت الفوضى، وهاجم الناس السياج الذي كان يحيط بهم، واقتلعوه، واندفعوا باتجاه المساعدات التي ملأت الساحة، واستولوا عليها، فيما استولى آخرون على طاولات وكراسٍ كان يستخدمها الموظفون الأميركيون لتنظيم عملية التوزيع.
وأكد الشاهد أن الناس استولوا على كل شيء، حتى سجائر الموظفين كان البعض يلوح بها بعد أخذها من على الطاولات، بينما فر الموظفون الأميركيون والعرب بعيداً، باتجاه موقع عسكري إسرائيلي قريب من منطقة التوزيع.
وأطلق جنود أميركيون النار باتجاه المواطنين، كما أطلقت دبابات الاحتلال النار في المكان، غير أنها لم تستطع السيطرة على الحشود الكبيرة، ممن واصلوا نقل كل شيء داخل مركز التوزيع، واستولوا على "المشاتيح الخشبية"، التي يتم وضع كراتين المساعدات عليها.
ووفق مصادر متطابقة، فقد أصيب أكثر من 50 مواطنا، بينما سقط عدد غير محدد من الشهداء والجرحى، جراء إطلاق نار داخل وفي محيط مركز توزيع المساعدات بمدينة رفح، وما زال عدد من الضحايا في مكان الحدث لم يتم انتشالهم.
وبعد فقد السيطرة كلياً على المكان، استدعى جيش الاحتلال مروحيات هجومية، حلقت فوق مراكز التوزيع، وأطلقت النار بكثافة لإبعاد الناس، وطردهم شمالاً.
وفي وقت لاحق، قال الجيش الإسرائيلي في بيان، إن قواته أطلقت "طلقات تحذيرية في المنطقة خارج مقر التوزيع"، مؤكدا أنه "لم يطلق ... أي نيران جوية تجاه مركز توزيع المساعدات".
وأضاف البيان، "تمت السيطرة على الوضع ومن المتوقع أن تستمر عمليات توزيع الأغذية كما هو مخطط وسلامة عناصر الجيش لم تتعرض للخطر".
أما "مؤسسة غزة الإنسانية" فقالت في بيان، إنه في وقت ما "بلغ عدد الأشخاص في مركز التوزيع حدا دفع فريق المؤسسة إلى التراجع للسماح لعدد قليل من سكان غزة بتلقي المساعدات بأمان".
وأظهرت مشاهد صورتها وكالة فرانس برس حشودا تخرج من المكان حاملة مساعدات في صناديق تحمل شعار المؤسسة.
وألقت المؤسسة باللوم أيضا على "حواجز تقيمها (حماس)"، محملة إياها مسؤولية التأخر في عمليات التسليم في أحد مراكزها لعدة ساعات.
أما "حماس" فقد دان المكتب الإعلامي الحكومي التابع لها الحادثة مؤكدا أن "الاحتلال الإسرائيلي فشل فشلاً ذريعاً في مشروع توزيع المساعدات بمناطق العزل العنصرية".
وأشار إلى اندفاع "آلاف الجائعين، الذين حاصرهم الاحتلال وقطع عنهم الغذاء والدواء منذ حوالى 90 يوماً، نحو تلك المناطق في مشهد مأساوي ومؤلم، انتهى باقتحام مراكز التوزيع والاستيلاء على الطعام تحت وطأة الجوع القاتل".
ودان في بيان استخدام المساعدات "كسلاح حرب وأداة للابتزاز السياسي".
وفي بيانها، قالت "مؤسسة غزة الإنسانية"، إنها قامت بتوزيع حوالى "8 آلاف صندوق غذائي حتى الآن ... ما يعادل 462 ألف وجبة".
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، "لقد شاهدنا الفيديو الصادر من غزة حول إحدى نقاط التوزيع التي أنشأتها (مؤسسة غزة الإنسانية). وبصراحة، هذه الفيديوهات والصور مؤلمة جدا".
وأضاف، "كما أشار الأمين العام، الأسبوع الماضي، لدينا بالإضافة لشركائنا خطة مفصلة وعملية سليمة، تدعمها الدول الأعضاء لإيصال المساعدات إلى السكان المحتاجين".
0 تعليق