غزة - "الأيام": منذ بزوغ الشمس، يبدأ عشرات الشبان في غزة عملهم في درء خطر النفايات الصلبة عن خيام عائلاتهم وعائلات أقربائهم بجهود ذاتية، في إطار مبادرات مجتمعية وشبابية أطلقها شبان نازحون في تجمعات الخيام.
ارتأى هؤلاء المتطوعون أن لا أحد سيدافع عنهم من خطر هذه القمامة التي تسللت إلى خيامهم سوى سواعدهم، فيما تتواصل حملات شعبية توعوية للتخفيف من زيادة أكوام النفايات، والتقليل من أثر تراكمها في كل مكان بمخيمات النزوح.
وقال الشاب رائد الدمياطي (26 عاماً)، إن خطر هذه النفايات في تصاعد مستمر طالما بقيت أكوامها مترامية على جانبي الزقاق المؤدي إلى الخيام.
وأشار إلى أنه ومجموعة أخرى من جيرانه بادروا بحملة تهدف إلى تقليل تراكم النفايات الصلبة عبر شقين: الأول توعية النازحين بعدم رمي نفاياتهم بشكل عشوائي، والثاني قيامهم كشبان متطوعين بإزاحة وإبعاد النفايات المتراكمة أمام مداخل الخيام، وفي الأزقة المؤدية إليها.
وأوضح الدمياطي، الذي ينزح في تجمع خيام اليرموك: "تخيل أنني حاولت الدخول إلى خيمتنا ذات مرة ولم أستطع بسبب قيام أحدهم برمي النفايات أمام مدخلها، فيما تبعه آخرون وجرى ذلك في جنح الظلام".
ويعاني هؤلاء النازحون من مشكلة كبيرة تؤرق حياتهم فوق قسوتها، هي تراكم النفايات في أماكن ملاصقة لخيامهم وساحات جلوسهم، فضلاً عن التجمع الكبير لآلاف الأطنان القريب من الخيام في شارع اليرموك وسط مدينة غزة.
وتتسبب هذه الأكوام بانتشار روائح كريهة ومسببة لجلب الحشرات والقوارض والبعوض، ما يؤدي إلى انتشار الكثير من الأمراض المعدية.
وكانت جهات طبية أعلنت عن انتشار أمراض ناجمة عن التلوث البيئي بين الأطفال، خاصة المقيمين في مخيمات النزوح ومراكز الإيواء التي تلفها أكوام النفايات، وتحاصرها تجمعات المياه العادمة.
ولم يقلل هؤلاء الشبان من أهمية عمل بلدية غزة في معالجة هذه النفايات وترحيلها، بل يقومون بالتنسيق مع طواقم البلدية في إنجاح مبادرتهم، لكن ظروف العدوان الإسرائيلي مست إلى حد كبير بعملهم ونجاحهم في التخلص من هذه النفايات بشكل نهائي.
وذكر المتحدث باسم بلدية غزة، حسني مهنا، في بيان أصدرته البلدية، أول من أمس، أن حجم النفايات المتراكمة في مناطق نفوذ المدينة وصل إلى 260 ألف طن، نتيجة عدم استطاعتها ترحيلها إلى المكب الواقع عند الحدود الشرقية للمدينة. وتتركز هذه الأطنان في تجمعين كبيرين بشارع اليرموك وسوق فراس.
"تتراكم النفايات الصلبة بشكل كبير جداً بين الخيام وأمام مداخل تجمعاتها، ويقوم المبادرون والمتطوعون بنقلها للتسهيل على طواقم البلدية نقلها إلى مكان تجميعها في شارع اليرموك"، هذا ما ذكره الشاب محمد عدوان أحد المبادرين والإداري في مركز نزوح وسط مدينة غزة.
وأوضح عدوان أن الجهود تنصب حالياً على مبادرات شبابية، بين وقت وآخر ولعدة ساعات يومياً، في التقليل من تراكم النفايات على مقربة من الخيام، وتوسيع المساحة التي تفصل بينها وبين أكوام القمامة.
ورأى عدوان وهو ناشط مجتمعي، أن "تراكم النفايات في تجمعي سوق فراس وشارع اليرموك لا يعني الموافقة على تراكمها قبالة خيامنا"، مؤكداً أن جهود المتطوعين ستستمر طالما بقوا يعيشون في هذه الخيام.
0 تعليق