11 يونيو 2025, 3:16 مساءً
أكد المهندس خلفان النعيمي، رئيس مركز الفلك الدولي، مشاركة مرصد الختم الفلكي الواقع في صحراء أبوظبي، في رصد وتأكيد اكتشاف عدة كواكب خارجية (Exoplanets)، وهي عبارة عن كواكب تدور حول نجوم أخرى غير شمسنا. ونظرًا للبعد السحيق لهذه النجوم، فإنه لا يمكن رؤية هذه الكواكب بشكل مباشر، بل يتم اكتشاف معظمها من خلال قياس تغير سطوع النجم الذي يدور حوله الكوكب.
وقال النعيمي في بيان أورده المركز لـ"سبق" إن هذه الاكتشافات جاءت متابعةً لأرصاد التلسكوب الفضائي "Transiting Exoplanet Survey Satellite" (TESS)، وهو قمر صناعي أطلقته وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) عام 2018 بهدف اكتشاف كواكب خارج المجموعة الشمسية تدور حول نجوم قريبة من الأرض. ويعتمد "TESS" في عمله على طريقة العبور؛ حيث يرصد انخفاضًا طفيفًا في سطوع النجم عند مرور كوكب أمامه، مما يشير إلى وجود كوكب خارجي. ويقوم التلسكوب بمسح السماء بأكملها بشكل منهجي، قطاعًا بعد قطاع، ما يتيح للعلماء اكتشاف كواكب جديدة قد تكون صالحة للحياة أو مناسبة للدراسة باستخدام تلسكوبات أخرى مثل "جيمس ويب".
من جانبه، أوضح المهندس محمد شوكت عودة، مدير مركز الفلك الدولي، أن انخراط مرصد الختم الفلكي في هذا البرنامج بدأ في يوليو 2024م، بتقديم طلب رسمي للانضمام إلى برنامج الرصد التتبعي لمهمة التلسكوب الفضائي "TESS"، والمعروف اختصارًا بـ"TFOP"، وهو مبادرة عالمية تهدف إلى تأكيد أو رفض الكواكب التي يرشحها "TESS". يدير البرنامج مركز هارفارد-سميثسونيان للفيزياء الفلكية بالتعاون مع معهد "MIT"، ويهدف إلى تأكيد الكواكب المرشحة أو استبعادها كإشارات كاذبة، وكذلك تحسين توقيت العبور والخصائص المدارية للكواكب، إضافةً إلى المساعدة في قياس كتلتها.
وأشار عودة إلى أن المراصد الراغبة في الانضمام إلى الفريق العلمي تشترك أولًا في برنامج تأهيلي بإشراف علماء متخصصين، لتعلم كيفية إجراء الأرصاد الفلكية بشكل احترافي ودقيق. وبعد اجتياز البرنامج بنجاح، يُطلب من المرصد إجراء رصد اختباري لأحد الكواكب الخارجية، وفي حال اجتياز الاختبار وتحليل الأرصاد بدقة، يتم رفع طلب الانضمام إلى الفريق العلمي. وقد اجتاز مرصد الختم هذا البرنامج بنجاح، وتم قبول طلبه بتاريخ 23 يونيو 2024م.
وأضاف عودة أنه فور انضمام المرصد للشبكة العالمية، بدأ برصد بعض النجوم المرشحة لوجود كواكب حولها. وعادةً ما تستغرق عملية الرصد بين أربع إلى سبع ساعات في الليلة الواحدة، ويشترط أن تكون السماء صافية وخالية من السحب أو الاضطرابات. وبلغ عدد النجوم التي تم رصدها بنجاح 12 نجمًا، بعضها رُصد في ليالٍ متعددة. وباستخدام التلسكوب الرئيسي للمرصد بقطر 14 بوصة، تمكن المرصد من تحويل حالة عشرة نجوم من "كوكب مرشح" إلى "كوكب موثق". ويُعلن ذلك عبر إشعار رسمي من إدارة المشروع بعد التأكد من الأرصاد.
وشرح عودة الصور المرفقة، حيث تُظهر الصورة الأولى نموذجًا من إشعار رسمي يذكر اسم مرصد الختم ونتيجة الرصد، وتوضح الصورة الثانية نموذجًا للمنحنى الضوئي لأحد النجوم، الذي جرى رصده يوم 22 نوفمبر 2024م واستمر لخمس ساعات و12 دقيقة، التُقطت خلالها 157 صورة مدة كل منها دقيقتان. وأوضح أن الانخفاض في سطوع النجم كان طفيفًا واستمر لساعة وخمسين دقيقة، وهو ما يدل على عبور الكوكب أمام النجم. وبلغت نسبة الانخفاض 0.013 قدر فقط، ما يجعل الرصد الدقيق لهذا النوع من الأحداث بحاجة إلى أجهزة عالية الدقة وسماء صافية.
وبيّن أن الصورة الثالثة توضح النجم المستهدف بالرصد داخل الدائرة الخضراء، في حين استخدمت النجوم داخل الدوائر الحمراء لمقارنة سطوع النجم المستهدف. أما الصورة الرابعة فتُظهر أحد النجوم التي شكلت تحديًا أثناء الرصد بسبب وجود نجم ملاصق له، مما يجعل الفصل بينهما باستخدام التلسكوبات العادية أمرًا صعبًا، وهذا ما يتضح من شكل النجم غير الكروي داخل الدائرة الخضراء، وهو ما يتطلب تلسكوبًا ضخمًا أو رصدًا فضائيًا.
وأكد عودة أهمية هذه الأرصاد في تعزيز فهمنا للكون واكتشاف العوالم الأخرى التي قد تكون صالحة للحياة أو تُثري معرفتنا بنشأة الكواكب وتطورها. كما أوضح أن انضمام مرصد الختم إلى برنامج تأكيد الكواكب الخارجية يُعد إنجازًا علميًا لدولة الإمارات، ويضع اسمها على خريطة الأبحاث الفلكية العالمية، مؤكّدًا الدور الفاعل للإمارات في المشهد العلمي الدولي عبر مساهمات دقيقة تخدم البشرية.
0 تعليق