كتب عيسى سعد الله:
بعد توقف المخابز الأتوماتيكية في جميع أنحاء قطاع غزة عن العمل، منذ أسبوعين بسبب نفاد الطحين، أصبح الحصول على رغيف خبز يحتاج إلى جهد شاق وطويل، وساعات كثيرة من الانتظار، ما حدا بمئات المواطنين العاطلين عن العمل استثمار الحالة والتوجه لصناعة أفران من الطين والطوب الإسمنتي، وتقديم خدمة صناعة الخبز لتلبية الاحتياجات المتزايدة من المواطنين، وفتح مصدر رزق مهم.
ونظراً لتدمير الاحتلال، خلال عدوانه المتواصل على القطاع منذ عام ونصف العام، الغالبية العظمى من المنازل، وامتلاء الساحات بخيام النازحين والركام، يبني هؤلاء الأفران في الطرقات وكل مكان، لدرجة أنها أصبحت تنافس أعمدة الكهرباء القائمة من حيث العدد.
ورغم الزيادة الهائلة في أعداد الأفران، إلا أن المواطن يحتاج إلى الانتظار خمس ساعات على الأقل حتى يأتيه الدور لإعداد خبزه.
وتشهد الأفران التي تعمل على الحطب والخشب والبلاستيك، تزاحماً شديداً بين المواطنين، يبدأ منذ الساعة السادسة فجراً وحتى ساعات ما بعد غروب الشمس.
وتوقف أكثر من خمسين مخبزاً في قطاع غزة عن العمل منذ أسبوعين بعد نفاد الطحين، الذي كانت تزود به مجاناً من قبل برنامج الأغذية العالمي، وذلك بسبب إغلاق الاحتلال للمعابر، ومنعه إدخال المساعدات للقطاع منذ الأول من آذار الماضي، ومنذ ذلك الحين يواجه المواطنون صعوبات هائلة في الحصول على الخبز.
ويقف شح المحروقات والحطب وارتفاع أسعار ما توفر منها، عائقاً كبيراً أمام المواطنين لصناعة الخبز في منازلهم.
وقال المواطن إبراهيم غبن، إنه يضطر للانتظار ساعات طويلة من أجل إعداد خبزه في أحد أفران الطين المبنية على رصيف في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة.
وأوضح غبن أن توقف المخابز الحديثة عن العمل أجبره على شراء الطحين بسعر مرتفع وعجنه في المنزل، وخبزه في الأفران المنتشرة بشكل عشوائي في الطرقات والأرصفة وكل مكان.
وأشار إلى أن صناعة الخبز أصبحت مكلفة جداً بسبب ارتفاع الطحين وأجرة الخبيز، مبيناً أنه ينفق على إعداد الخبز يومياً أكثر من عشرين شيكلاً، مقارنة بأقل من أربعة شواكل ثمن شرائه من المخابز الحديثة قبل نفاد الطحين.
وفي مقابل تعطل آلاف العاملين في المخابز عن العمل بعد توقفها، خلقت الأفران الطينية آلاف فرص العمل الأخرى للنساء والرجال والفتية على حد سواء.
أما المواطن يوسف البنا فأجبره انعدام البدائل على غض النظر عن استخدام صاحب أحد الأفران مواد بلاستيكية سامة في تشغيل فرنه، مؤكداً أن صعوبة الحصول على بديل يجعله يغض النظر عن طبيعة المحروقات المستخدمة في تشغيل الفرن رغم خطورتها.
وقال البنا، إن الأولوية الآن لتوفير الخبز بعد أن أصبح الحصول عليه صعباً جداً ويحتاج إلى جهد كبير.
ويبرر أصحاب هذه الأفران استخدام مواد غير آمنة وسامة في تشغيل الأفران إلى شح الحطب وارتفاع سعره بشكل كبير، وعدم جدواه الاقتصادية.
وذكر محمد بشير أنه يضطر في كثير من الأحيان إلى استخدام الأقمشة والبلاستيك لتشغيل الفرن، لعدم توفر الحطب الآمن كحطب الحمضيات والزيتون والكينياء.
ولفت بشير إلى أن الطلب المتزايد على الأفران الطينية وصل ذروته خلال الأيام الأخيرة، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الحطب والخشب كخشب "المشاتيح".
وأكد أنه يضطر إلى وقف استقبال الزبائن في وقت مبكر من النهار بسبب الطلب الكبير، وامتلاء غرفة مجاورة للفرن بوجبات الخبز.
وقدّر بأن الأيام القادمة ستشهد إقبالاً كبيراً لعدم قدرة أفران أخرى على توفير الحطب بعد أن شهد طلباً متزايداً من أصحاب المطابخ و"التكايا" على شرائه وتخزينه، في ظل نفاد غاز الطهي بشكل كامل من الأسواق.
0 تعليق