شهدت سوق سندات الخزانة الأمريكية خلال الأسبوع الماضي فرار المستثمرين؛ في خطوة غير عادية أضافت المزيد من الاضطراب في السوق الناجم عن التعريفات الجمركية 'المتبادلة' التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما أجبره على تعليق بعضها.
ففي جلسات قليلة ارتفع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.592% يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى له منذ فبراير، وبالمثل سجل العائد على السندات لأجل 30 عاماً أعلى مستوى له منذ نوفمبر 2023 يوم الأربعاء الماضي. ورغم انخفاض العوائد منذ ذلك الحين إلا أنها لا تزال مرتفعة.
وارتفعت العوائد بنحو 50 نقطة أساس في 5 أيام حتى 11 إبريل، وفقاً لبيانات من بورصة لندن.
ومع تصاعد المخاوف من الركود واستمرار تقلب الأسواق كان البيع المكثف لسندات الخزانة الأمريكية أمراً غير معتاد، لأن المستثمرين يميلون عموماً خلال أوقات عدم اليقين إلى التوجه إلى ملاذ آمن في الديون الأمريكية.
ضرر للطرفين
تأتي الصين في مرتبة ثاني أكبر دائن أجنبي للولايات المتحدة بعد اليابان، إذ تمتلك حوالي 760 مليار دولار من سندات الخزانة الأمريكية، ويرى بعض المحللين بأنها تستغل حيازة سندات الخزانة الأمريكية كسلاح.
فالصين تقوم ببيع سندات الخزانة الأمريكية وتحويل العوائد إلى اليورو أو السندات الألمانية وهذا ما حدث تماماً خلال الأسبوعين الماضيين. وقد قاومت السندات الألمانية موجة بيع واسعة النطاق في سندات الخزانة طويلة الأجل الأسبوع الماضي، مع انخفاض عوائدها لـ 10 سنوات.
ومع ذلك يرى آخرون أن بيع سندات الخزانة الأمريكية سوف يضر الصين بنفس القدر الذي سيضر بالولايات المتحدة لأن عمليات البيع السريعة ربما تتسبب في انخفاض قيمة السندات المتبقية، وهو ما يعني أن الصين ستتكبد خسائر في استثماراتها الخاصة.
وبالإضافة لذلك سيتطلب بيع الصين لسندات الخزانة الأمريكية عودة رؤوس الأموال إلى بكين، ما سيُؤدي إلى ارتفاع قيمة اليوان الأمر الذي سيشكل مساراً معاكساً لما تسعى إليه بكين، خاصة في وقت تأمل فيه الحكومة في تحفيز الاقتصاد المحلي وتخفيف ضربة التعريفات الجمركية.
قرارات متذبذبة
أُثيرت تساؤلات حول دور اليابان، التي تعد أكبر حامل سندات أمريكية. وأفادت التقارير بأن كبير مسؤولي السياسات في الحزب الحاكم في البلاد، أكد على ضرورة عدم قيام اليابان ببيع متعمد لحيازاتها من تلك السندات بعد أن طرح نائب معارض فكرة استخدامها كأداة تفاوضية في مفاوضات التجارة الثنائية.
ورغم ذلك أشار أحد المحللين إلى أن اليابان ربما تكون في الواقع المتهم الأكبر في عمليات بيع سندات الخزانة الأمريكية، وليس الصين؛ فهي في الواقع المشكلة الأكبر، وتحديداً الشركات اليابانية للتأمين على الحياة.
ويرى البعض بأن عمليات البيع ربما تكون مدفوعة أيضاً بمزيج من حسابات التقاعد الأوروبية واليابانية التي تبيع سندات الخزانة طويلة الأجل لشراء الدخل الثابت الأوروبي.
صناديق التحوط
ومع تسارع وتيرة بيع السندات كان من الممكن أن تُجبر صناديق التحوط على تصفية صفقاتها القائمة على السندات، مما زاد بدوره من حدة البيع. فعندما يُصدر الوسطاء طلبات تغطية هامشية كان من الممكن أن تُجبر الصناديق على تصفية مراكزها من خلال بيع سندات الخزانة لجمع السيولة.
كما أن 'حراس السندات'، وهو لقب يطلق على المستثمرين الذين يراقبون السياسات النقدية أو المالية التي قد تؤدي إلى التضخم من خلال تجنب الديون الحكومية أو بيعها، يدخلون أيضاً في قائمة البائعين المشتبه بهم.
وإذا تراجعت ثقة السوق بشكل أكبر في ظل قرارات الإدارة الأمريكية فقد يكون هذا بمثابة المحفز لعمليات البيع التي ستنتقل إلى مرحلتها التالية.
0 تعليق