كتب خليل الشيخ:
"كأن الموت يسكن في كل مكان شرق مدينة غزة والمناطق المجاورة له"، عبارة يرددها مواطنو قطاع غزة، من كثرة الأخبار عن سقوط شهداء ومصابين، وانهيار المباني وتدمير المنازل في كل مرة تنفذ طائرات الاحتلال الحربية غارات جوية، وتطلق المدفعية عشرات القذائف.
ويردد آخرون أن هذا الموت لا يتوقف طالما استمرت الأحزمة النارية في أحياء الشجاعية والتفاح والشعف، التي تحلّق فيها طائرات مروحية ومسيّرات استطلاعية، مشيرين إلى أن هذه الطائرات تنشر أيضاً الموت في كافة الأحياء الشرقية لمدينة غزة.
وأطلق المواطنون في قطاع غزة ووسائل إعلام محلية على الغارات الجوية القوية والمتلاحقة التي تستهدف مناطق متقاربة ومتراصة، بأنها تجيء على هيئة أحزمة نارية، بحيث تنفذ الطائرات أكثر من غارة في نصف دقيقة وعلى مدار ساعة أو أقل بشكل متقطع.
وقال أحمد أبو الفول الذي يعمل مسعفاً في جمعية الهلال الأحمر، إن الموت بات يسكن شرق مدينة غزة، مشيراً إلى أنه نقل عشرات الجثامين، فيما عجز ورفاقه عن نقل العشرات بسبب وجودها تحت الركام.
وأشار إلى أنه لا تمرّ ساعة أو أقل حتى يكون بمكان مختلف في تلك المناطق أو المجاورة لها، ويتوجه فور سماع أصوات القصف أو تلبية لاستغاثة ما، دون أن يعلم إن كان يستطيع إخلاء مصابين أو شهداء، رغم علمه الأكيد بوجودهم تحت الأنقاض، مبيناً أن استمرار القصف في مكان قريب من تواجد سيارة الإسعاف أو تحليق أكثر من طائرة "كواد كابتر" يجبر المسعفين على المغادرة واتخاذ الحيطة.
"من يوقف القصف والموت والذعر هنا"، بهذه الكلمات بدأت المواطن إسلام حديثه عن واقع الحال في حي الشجاعية المستمر منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، موضحاً أن نصف السكان غادروا منازلهم تحت وقع الأحزمة النارية المنفذة والقصف المدفعي.
وقال: "تخيّل أن تقصف الطائرات بصاروخين مبنى مكوناً من خمسة طوابق مكتظاً بالسكان، وأن المسعفين عند وصولهم للمكان لا يستطيعون إخلاء سوى عدد قليل منهم، وهم الذين تطايروا وسقطوا بجوار المبنى المقصوف، والبقية يكونون تحت الركام.
وأضاف إسلام، الذي رفض النزوح من منطقة الشعف: "غاليية السكان امتنعوا عن النزوح وبقوا في منازلهم، وآخرون عادوا إليها بعد أن تقطعت بهم السبل" لكن طائرات الاحتلال لا ترحم أحداً.
يشار إلى أن قوات الاحتلال تواصل عدوانها على المدنيين في تلك المناطق، وإن لم يكن هذا العدوان برياً بل بغطاء ناري من الجو.
يذكر أن آليات الاحتلال لم تعمق توغلها البري في تلك الأحياء، لكنها تتمركز عند مسافة عشرات الأمتار من أجزائها الشرقية.
من جهتها، قالت المواطنة سلمى (30 عاماً) التي أخلت منزل أسرتها بعد تعرضه للقصف المدفعي في شارع النزاز بحي الشجاعية قبل عدة أيام: "القصف الجوي مخيف لكن القصف المدفعي مرعب أكثر وأكثر"، مشيرة إلى أن الذعر والخوف لم يمس الأطفال والنساء فقط بل لامس قلوب الكبار والرجال من شدة توقعهم بأن يكونوا هدفاً لهذه الغارات.
وأوضحت أن غالبية المواطنين يغادرون منازلهم بسبب سقوط وانفجار القذائف المدفعية عليها أو بالقرب منها، وهو ما تسبب باستشهاد وإصابة الكثيرين.
واعتبر مواطنون آخرون تحدثوا لـ"الأيام" أن خطر إطلاق النار من قبل المروحيات وطائرات "كواد كابتر" والاستطلاع لا يقل خطورة عن مخاطر القصف الجوي والمدفعي، مشيرين إلى أن الموت ينتشر في كل مكان حتى الأماكن الأقل خطراً.
0 تعليق