15 مايو 2025, 3:05 مساءً
في تحول لافت بالمشهد السياسي المعقد بين واشنطن وطهران، أطلق الرئيس دونالد ترامب اليوم (الخميس) تصريحات من قلب العاصمة القطرية الدوحة، حملت مؤشرًا على إمكانية تجاوز عقبات جمة في طريق التوصل إلى اتفاق نووي جديد، وتحدث ترامب بثقة، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة وإيران "شبه متفقتين" على شروط هذا الاتفاق المرتقب.
مفاوضات جدية
وخلال حديثه في مائدة مستديرة مع رجال أعمال في الدوحة، وصف ترامب المحادثات الجارية بين المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأنها تسير نحو التقدم، وعلى الرغم من هذا التفاؤل الحذر، لم يغفل ترامب عن التذكير بالخيار العسكري، مؤكدًا، كما فعل مرارًا خلال جولته الخليجية هذا الأسبوع، أنه يظل احتمالاً واردًا إذا ما وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود وفشلت الجهود الدبلوماسية في تحقيق أهدافها، وهذا التوازن بين التلويح بالدبلوماسية والتهديد بالقوة يعكس مدى حساسية الملف النووي الإيراني والضغوط المتزايدة المحيطة به، وفقًا لـ"أسوشيتد برس".
وبلهجة جمعت بين الجدية والتبسيط، قال ترامب في الفعاليّة التجارية : "إيران شبه وافقت على الشروط: لن يصنعوا، كما أسميه، بطريقة ودية، غبارًا نوويًا. لن نصنع أي غبار نووي في إيران"، هذه العبارة، "الغبار النووي"، هي توصيف مجازي للأسلحة النووية أو المواد الانشطارية التي يمكن استخدامها في صنعها، وتؤكد بوضوح الهدف الأمريكي المعلن من المفاوضات وهو منع إيران من امتلاك قدرة نووية عسكرية، وترامب أشار، دون الدخول في تفاصيل، إلى وجود توافق متزايد مع الشروط التي طرحتها إدارته منذ بداية مسار التفاوض الحالي.
تخفيف مقابل
في سياق متصل، وقبل يوم واحد من تصريحات ترامب، نقلت شبكة "إن بي سي" نيوز عن علي شمخاني مستشار المرشد الأعلى الإيراني ، قوله : "إن طهران مستعدة لتقديم تنازلات مهمة مقابل رفع فوري للعقوبات الأمريكية. وهذه التنازلات تشمل التخلي عن مخزونات اليورانيوم المخصب لمستويات عالية، والموافقة على قصر التخصيب على المستويات المنخفضة المطلوبة للاستخدامات المدنية السلمية، والسماح للمفتشين الدوليين بمراقبة البرنامج النووي الإيراني"، ويعد هذا التصريح من مسؤول إيراني رفيع المستوى مؤشرًا على مرونة محتملة في الموقف الإيراني، وإن كان مشروطًا بالاستجابة الأمريكية لمطلب رفع العقوبات.
وأعقبت تصريحات ترامب، اختتام الجولة الرابعة من المحادثات غير المباشرة بين المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في سلطنة عُمان الأحد الماضي، ووصفت إيران هذه الجولة بأنها "صعبة ولكنها مفيدة"، بينما عبّر مسؤول أمريكي عن شعوره بـ"التشجيع" إزاء ما تم التوصل إليه، واتفق الطرفان على مواصلة العمل على التفاصيل الفنية، مما يشير إلى أن المسار التفاوضي لا يزال مفتوحًا، وإن كان يواجه تعقيدات كبيرة تتطلب جهدًا مكثفًا لتجاوزها.
نقاط خلافية
وعلى الرغم من المؤشرات الإيجابية التي لوحت بها تصريحات ترامب وتصريحات المسؤول الإيراني، لا تزال نقاط الخلاف الأساسية قائمة وتتطلب حلاً، ومن أبرز هذه النقاط إصرار إيران على حقها في مواصلة تخصيب اليورانيوم ولو لمستويات منخفضة للاستخدامات المدنية، وهو ما يتعارض مع المطلب الأمريكي المعلن بوقف كامل للتخصيب.
وتؤكد هذه التباينات الجوهرية أن الطريق إلى اتفاق نهائي لا يزال محفوفًا بالتحديات، وأن كلمة "شبه" التي استخدمها ترامب تحمل في طياتها حقيقة أن التفاصيل النهائية، وهي غالبًا ما تكون الأصعب، لم يتم حسمها بعد، فهل ستنجح الدبلوماسية المدعومة بالضغوط في ردم الهوة وتحويل التوافق "شبه" الكامل إلى اتفاق حقيقي يجنب المنطقة والعالم شبح المواجهة النووية؟
0 تعليق