الخميس 15 مايو 2025 | 06:33 مساءً

إبراهيم الألمعي يوثق "القَط العسيري" لأكثر من ثلاثة عقود

على مدى أكثر من 33 عامًا، خاض الفنان التشكيلي السعودي إبراهيم الألمعي رحلة فنية شغوفة، وثّق خلالها فن 'القَط العسيري'، وهو أحد أبرز أشكال الفن الشعبي النسائي في منطقة عسير، حيث استلهمت النساء العسيريات هذا الفن من البيئة المحلية وزينَّ به جدران البيوت منذ أكثر من سبعة عقود.
أكثر من 1200 نمط فني تم توثيقه
وفي تصريح خاص لوكالة الأنباء السعودية 'واس'، أكد الألمعي أن برنامجه الأسبوعي طيلة ثلاثة عقود لم يخلُ من زيارة قرية من قرى منطقة عسير؛ سواء في شرقها أو غربها أو شمالها أو وسطها، للبحث عن بقايا رسومات أصيلة داخل منازل أثرية، الكثير منها تضرر أو تهدم بفعل العوامل الجوية.
وأسفرت هذه الجولات الميدانية عن توثيق أكثر من 1200 نوع مختلف من الألوان والخطوط التي تشكل هذا الفن المتفرد، والذي يُعدُّ اليوم من رموز الهوية الثقافية البصرية في منطقة عسير.
"القَط" فن نسائي تقليدي بامتياز
ويُعرف فن 'القَط' بأسماء متعددة في بعض القرى مثل 'الكَتبة' أو 'الزَيان'، وهي كلها تسميات تشير إلى النقوش الزخرفية التي تتفنن بها النساء داخل البيوت القديمة. وقد حصل هذا الفن على اعتراف عالمي بعد إدراجه في عام 2017 ضمن القائمة التمثيلية للتراث غير المادي لدى اليونسكو، ما عزز مكانته بوصفه رمزًا ثقافيًا سعوديًا فريدًا.
تحديات ميدانية وسط القرى الأثرية
رحلة الألمعي في توثيق فن 'القَط' لم تكن خالية من التحديات، فقد واجه أثناء زياراته الميدانية انهيارات جزئية للمنازل القديمة، إلى جانب المخاطر الطبيعية مثل الثعابين والحشرات السامة التي تنتشر في بعض البيوت المهجورة.
ومع ذلك، واصل الألمعي مهمته بروح الفنان وعين الباحث، مُكرّسًا جهوده لإبقاء هذا الفن حيًا في الذاكرة الثقافية للمجتمع.
مكونات "القَط" العسيري وأساليبه الفنية
في شرحه لأساليب 'القَط'، أشار الألمعي إلى أن أبرز عناصره هي 'الشَبكة'، وهي عبارة عن خطوط متشابكة مرسومة بلون واحد، يليها 'الحِناش' وهي خطوط متموجة مستوحاة من شكل الثعابين، ثم 'الخَتمة' أو 'الأختام' التي تُستخدم لإغلاق الشكل الفني.
وأوضح أن كلمة 'القَط' تعني الخطوط العرضية المتعددة التي تُرسم عادة في أسفل اللوحة الأصلية المعروفة باسم 'الكتبة' أو 'النقش'، بينما يُطلق عليها في بعض القرى اسم 'الزَيان' أي الزينة أو التزيين، وهو المعنى الذي يختزل جوهر هذا الفن الشعبي العريق.
الحفاظ على التراث البصري السعودي
يسعى إبراهيم الألمعي من خلال هذا التوثيق الدؤوب إلى الحفاظ على التراث البصري لمنطقة عسير، ونقل جمالية هذا الفن إلى الأجيال الجديدة، مؤكدًا أن 'القَط' ليس مجرد رسومات على الجدران، بل هو امتداد لتاريخ وثقافة وهوية المجتمع العسيري.
0 تعليق