الكويت الاخباري

أهمية الثقافة للارتقاء بمهنة الإعلام الرياضي - الكويت الاخباري

يمثل الإعلام الرياضي أحد الأركان الرئيسية في المشهد الإعلامي المعاصر والمؤثر على مستوى المجتمع، وبالذات حين تكون الرياضة ضمن الركائز الأساسية ضمن برنامج «جودة الحياة»، أو على مستوى اقتصاديات الرؤية، لذلك لا يقتصر دوره على نقل النتائج والأحداث فحسب، بل يتعدى ليُسهم بفعالية في تشكيل وعي الجمهور الرياضي وتعزيز القيم المرتبطة بالمنافسة الشريفة والروح الرياضية حتى يكون قد قام بدور فاعل ومهم على المديين القريب والبعيد.

والإعلام الرياضي الذي تم استنساخه بصورة مشوهة من بعض الدول التي تستمتع بالضجيج ليس بالضرورة هو العمل الإعلامي الذي من الممكن الاعتماد عليه، لأن لكل مشروع هدفا ورسالة وأدوات واستثمارا، ولكل استثمار سواء على مستوى رأس المال «المادي» أو رأس المال «الاجتماعي» له خارطة مستقلة تتشكل من خلال موطنه، فبرنامج «البادية» مثلا الذي يعجبنا لا أعتقد أنه سيكون مفهوما أو مفضلا في دولة مثل الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.

أعتقد حتى يحقق الإعلامي الرياضي مستوى عاليًا من الأداء المهني، ينبغي عليه امتلاك مزيج متوازن من الثقافة الرياضية المتخصصة والثقافة العامة الشاملة، بما يضمن تقديم محتوى غني وموثوق ومربح، فالثقافة الرياضية المتخصصة يستند عليها الإعلامي في ممارساته المهنية، إذ تمنحه معرفة شاملة بقوانين الألعاب وأنظمة المسابقات وأبرز الأرقام القياسية والإنجازات، إلى جانب تتبع التطورات التاريخية للرياضة على الصعيدين المحلي والعالمي. هذه المعرفة الدقيقة تُمكنه من إجراء تحليلات موضوعية وصياغة تقارير مهنية دقيقة، فضلًا عن استخدام المصطلحات الفنية الصحيحة وإثراء التغطية بالمقارنات والقراءات الفنية التي تعمّق فهم الجمهور، لكن الثقافة العامة الشاملة تُعتبر المحور الرئيس الذي يقود الإعلامي الرياضي للجلوس على طاولة الحوار وتقديم الرؤى التي تتماشى والمشهد في حينه، إذ إنها توسّع آفاق الإعلامي وتمنحه القدرة على ربط الأحداث الرياضية بسياقاتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

فالرياضة بطبيعتها لا تنفصل عن محيطها الإنساني وتؤثر فيه تأثيرا بالغا ومباشرا خاصة في زمن ما بعد وسائل التواصل الاجتماعي والعالم المفتوح، وفهم هذا الترابط يمكّن صانع الإعلام أو المشرع أو الإعلامي من تقديم محتوى متكامل متزن هادف يجمع بين المعلومة والتحليل العميق.

إن الثقافة العامة تعزز من قدرة الإعلامي على توظيف اللغة ببلاغة ودقة، واستحضار المرجعيات الثقافية والأدبية التي تثري الحوار وتضفي على التغطية بُعدًا إنسانيًا وفكريًا وتمنح المشهد الرياضي العام قدرة فائقة على تقديم نقاشات ثرية، وطرح الأسئلة الجوهرية، وبناء تقارير وتحقيقات ذات جودة عالية. هذا التكامل يقودنا لتحقيق ثقة الجمهور ونيل مصداقيته، ويوسّع من دائرة التأثير ويخدم المشروع الرياضي يشقيه الأفقي والرأسي، ليصبح الإعلامي مصدرًا موثوقًا للمعلومة والتحليل، فالجمع بين الثقافة العامة والرياضية وبين الأدوات والمنصة تمنح المشهد مهنية عالية وذكية وفارقة وتعطي الإعلامي البعد الأوسع في التخصص والدقة وتزوده برؤية شاملة وقدرة تحليلية متقدمة.

لذا، فإن الجمع بينهما يُعد شرطًا أساسيًا لتحقيق إعلام رياضي رفيع المستوى، قادر على أداء رسالته باحترافية، والإسهام في رفع مستوى الوعي الرياضي في المجتمع شريطة أن نعرف أكثر ماذا نريد من الإعلام الرياضي في زمن العالم المفتوح، في زمن القدرة والإمكانات، في زمن بمقدورنا فيه أن نحول هذا القطاع لأغنى قطاعات النقل والتصوير والإنتاج، بل أغنى من الرياضة نفسها.

أخبار ذات صلة

 

أخبار متعلقة :