الاستراتيجيات الأردني يحذر: مديونية قطاع الكهرباء كرة ثلج متدحرجة.. ويوصي بتحفيز الاستهلاك - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة
منتدى الاستراتيجيات الأردني يحذر أن مديونية "الكهرباء الوطنية" مرشحة للتفاقم إذا استمر الوضع الحالي

دق منتدى الاستراتيجيات الأردني ناقوس الخطر بشأن أزمة قطاع الكهرباء في المملكة، واصفًا المديونية المتراكمة على شركة الكهرباء الوطنية بأنها "كرة ثلج متدحرجة" باتت تشكل أحد أبرز التحديات أمام الاستقرار الاقتصادي. وفي ورقة سياسات جديدة، طرح المنتدى رؤية استباقية لمعالجة الأزمة، داعيًا إلى التخلي عن الحلول التقليدية المتمثلة برفع الأسعار، وتبني نهج مبتكر يرتكز على تحفيز الاستهلاك وإعادة هيكلة التعرفة.


وأكد المنتدى أن مديونية شركة الكهرباء الوطنية، التي وصلت إلى 6.3 مليار دينار في عام 2024 (ما يعادل 14.5% من إجمالي الدين العام)، مرشحة للتفاقم لتصل إلى 8.3 مليار دينار بحلول عام 2028 إذا استمر الوضع الحالي، مما يتطلب تدخلًا استراتيجيًا عاجلًا.

جذور الأزمة.. من انقطاع الغاز إلى العقود المكلفة

استعرضت الورقة الأسباب التاريخية التي فاقمت الأزمة، والتي بدأت مع انقطاع إمدادات الغاز المصري الرخيص بعد عام 2011، مما أجبر الأردن على التحول إلى الوقود الثقيل والديزل عالي الكلفة لتوليد الكهرباء. ورغم عودة الغاز المستورد لاحقًا، استمر العجز بالتراكم بسبب الالتزام بعقود طاقة متجددة وصخر زيتي من نوع "خذ أو ادفع"، والتي أصبحت مرتفعة الكلفة نسبيًا، خاصة مع تباطؤ نمو الطلب على الكهرباء في السنوات الأخيرة.

دوامة التعرفة المرتفعة.. كيف أدت الحلول التقليدية لنتائج عكسية؟

انتقد المنتدى السياسات السابقة التي ركزت على رفع تعرفة الكهرباء (التي تم تعديلها سبع مرات خلال 15 عامًا)، معتبرًا أنها أدت إلى نتائج عكسية. وأوضحت الورقة أن رفع الأسعار دفع كبار المستهلكين، خاصة في القطاعين الصناعي والخدمي، إلى الخروج من الشبكة والاعتماد على حلول الطاقة المتجددة الخاصة بهم، مما أدى إلى:

انخفاض إيرادات شركة الكهرباء: مع خروج الشرائح الأعلى استهلاكًا، انخفض متوسط التعرفة المحصّلة.

زيادة عبء الفائض: بقيت الشركة ملزمة بدفع "رسوم القدرة" (Capacity Charge) لكميات كبيرة من الطاقة المتعاقد عليها دون أن تجد من يستهلكها.

وأكدت الورقة أن هذه التعرفة المرتفعة تؤثر سلبًا على تنافسية القطاعات الإنتاجية في الأردن مقارنة بدول الجوار.

الحل المبتكر: تحفيز الاستهلاك وسياسة المركبات الكهربائية

طرح المنتدى حلولًا مبتكرة ترتكز على تحفيز الطلب بدلًا من كبحه، ومن أبرز توصياته:

تعرفة محفزة للاستهلاك: تطبيق تخفيضات مدروسة في التعرفة على كميات الاستهلاك "الإضافية" التي تتجاوز استهلاك المشترك في فترة سابقة. هذا الإجراء يشجع جميع القطاعات (المنزلية، الصناعية، التجارية) على زيادة استهلاكها، مما يساعد على الاستفادة من الفائض الإنتاجي المتعاقد عليه وتقليل كلفته.

مراجعة سياسة المركبات الكهربائية: انتقد المنتدى بشدة قرار رفع الرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية، معتبرًا أنه "أغفل جوانب أكثر أهمية" من مجرد تعويض خسائر ضريبة المحروقات. وأوضحت الدراسة بالأرقام أن تشجيع التحول للمركبات الكهربائية لا يحل فقط مشكلة فائض الكهرباء، بل إن إجمالي الإيرادات الحكومية الإضافية الناتجة عنه (من استهلاك الكهرباء وضريبة المبيعات على إنفاق المواطنين) قد يتجاوز الإيرادات المفقودة من ضريبة البنزين.

توصيات استراتيجية أخرى

بالإضافة إلى ما سبق، دعا المنتدى إلى ضرورة تفعيل صادرات الكهرباء إلى دول الجوار، خاصة سوريا، كمسار استراتيجي لتصريف الفائض الإنتاجي. كما أوصى بإعادة النظر في عقود الطاقة مرتفعة الكلفة عبر إجراء تسويات مالية عادلة مع الشركات المولدة.

واختتم المنتدى ورقته بالتأكيد على أن معالجة أزمة قطاع الكهرباء لم تعد ترفًا، بل أولوية وطنية تتطلب تدخلًا شاملًا يضمن استدامة القطاع ويدعم النمو الاقتصادي وتنافسية المملكة.

وتاليا نص التقرير كما أصدره منتدى الاستراتيجيات الأردني بعنوان ورقة سياسات "العبء الاقتصادي والمالي لقطاع الكهرباء: كرة الثلج المتدحرجة" تناولت أزمة قطاع الكهرباء في الأردن من منظور شمولي، مركّزة على التحديات المالية المتراكمة التي يواجها القطاع، وعلى رأسها مديونية شركة الكهرباء الوطنية، التي باتت تشكّل عبئًا ثقيلًا على المالية العامة والاقتصاد الوطني ككل.

تهدف الورقة إلى تحويل هذه الأزمة إلى فرصة استراتيجية تسهم في تعزيز منعة الاقتصاد الأردني، من خلال تبني نهج استباقي يتجاوز المعالجة التقليدية نحو مقاربات أكثر ديناميكية قائمة على المفهوم الجديد في أدبيات الاقتصاد، والمعروف بـ "مضاد للهشاشة " (Antifragility) ، حيث تم إعداد هذه الدراسة ضمن برنامج زمالة منتدى الاستراتيجيات الأردني، وبدعم من البنك الأهلي الأردني.

الجذور التاريخية للأزمة: انقطاع الغاز المصري والتداعيات المالية

وفي هذا الإطار، استعرض منتدى الاستراتيجيات الأردني عدداً من العوامل التي ساهمت في تفاقم العجز المالي في قطاع الكهرباء، مشيراً إلى أن الإشكالية بدأت بالتبلور منذ فترة الربيع العربي، عندما توقفت إمدادات الغاز المصري، التي كانت تغطي نحو 80% من احتياجات المملكة لتوليد الكهرباء، بسبب التفجيرات المتكررة التي تعرض لها الأنبوب الناقل بين عامي 2011 و2013. وقد دفع هذا الانقطاع المفاجئ الأردن إلى التحول نحو استخدام الوقود النفطي كبديل سريع، في وقت شهدت فيه أسعار النفط ارتفاعًا عالميًا بنسبة 35% مقارنة بعام 2010، ما أدى إلى قفزة كبيرة في كلفة التوليد. غير أن الحكومة في حينه قررت عدم عكس هذه الكلف الإضافية على أسعار البيع للمستهلكين، ما أدى إلى تحميل شركة الكهرباء الوطنية فروقات الأسعار وتراكم عجز مالي كبير تجاوز 4.2 مليار دينار في غضون أربعة أعوام فقط.

عقود الطاقة المتجددة والصخر الزيتي: تعاقدات مرتفعة الكلف وتباطؤ في الطلب

مع تحسن الوضع الإقليمي، بدأت الحكومة منذ عام 2016 بتوقيع اتفاقيات جديدة لاستيراد الغاز الطبيعي من مصادر بديلة، مما خفّض الكلف السنوية جزئيًا، ولكن دون أن يعالج العجز التراكمي السابق الذي استمر يثقل كاهل شركة الكهرباء. وفي سياق موازٍ، لجأت الحكومة إلى التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة والصخر الزيتي، إلا أن هذه الخطوة صاحبتها تحديات غير محسوبة، نظرا لانخفاض معدلات أسعار النفط العالمية، والالتزام بعقود من نوع "خذ أو ادفع " (Take or Pay)، وتراجع كلف تكنولوجيا الطاقة خصوصا الكهرو-شمسية، والتي انعكست على ارتفاع نسبي في كلف التعاقد نتيجة إلزام شركة الكهرباء بشراء كميات محددة من الطاقة بغض النظر عن مستويات الطلب الفعلي.

وبيّنت الورقة أن مديونية شركة الكهرباء الوطنية أخذت بالتفاقم مجددًا خلال السنوات الخمس الماضية، حيث أضيف إلى رصيدها نحو 1.3 مليار دينار، لتصل إلى 6.3 مليار دينار في عام 2024، وهو ما يعادل 14.5% من إجمالي الدين العام ونحو 16.7% من الناتج المحلي الإجمالي. وتشير التقديرات إلى أن هذه المديونية مرشحة للزيادة لتصل إلى 8.3 مليار دينار بحلول عام 2028، نتيجة دخول مشاريع توليد إضافية مثل العطارات، في وقت يشهد فيه الطلب على الكهرباء تباطؤًا ملحوظًا. وقد ترتب على ذلك تزايد كلفة رسوم القدرة (Capacity Charge) للكميات المتعاقد عليها دون استهلاك فعلي، مما عمّق الأزمة وزاد من هشاشة القطاع.

تحولات سعر التعادل والتكلفة المرتفعة للكهرباء في الأردن

وأوضحت الورقة أن الحكومة تبنت سلسلة من الإجراءات لاحتواء جزء من العجز المزمن، إلا أن هذه التدابير كانت تقليدية ومحدودة الأثر، وتركزت على رفع التعرفة على كبار المستهلكين بما في ذلك القطاع المنزلي، مما شجع العديد منهم على الخروج من الشبكة أو تقليص استهلاكهم. وقد أدى هذا السلوك إلى تراجع متوسط التعرفة المحصّلة، ما حدّ من قدرة هذه الإجراءات على تقليص العجز المالي السنوي المتنامي. وقد ترتب على خروج أو تقلص استهلاك الشرائح الأعلى استهلاكاً للكهرباء المولدة من الشركة انخفاضا في متوسط التعرفة التي يتم تحصيلها من المشتركين.

حيث أشارت الورقة إلى قضية التعرفة الكهربائية التي تم تعديلها سبع مرات خلال السنوات الخمس عشرة الماضية. إذ كشفت عن تقلبات كبيرة في "سعر التعادل"، وهو المستوى الذي تتساوى فيه كلفة التوليد مع سعر البيع. ففي عام 2011، ارتفع هذا السعر إلى 1500 كيلو واط ساعة (ك.و.س) نتيجة الاعتماد على الوقود البديل، قبل أن ينخفض تدريجيًا بعد العودة إلى الغاز المستورد، ثم يعاود الارتفاع مؤخرًا إلى 800 ك.و.س بسبب التكاليف العالية للطاقة من مشاريع الصخر الزيتي والطاقة المتجددة. وبحسب المؤشرات، فإن أعباء الكهرباء في الأردن تعد من الأعلى عربيًا، حيث تبلغ كلفة استهلاك 500 ك.و.س شهريًا نحو 35 دينارًا، بينما تصل كلفة استهلاك 1000 ك.و.س إلى ما يقارب 120 دينارًا، وهي أرقام تتجاوز ما هو معتمد في غالبية الدول العربية وحتى في بعض الدول الصناعية المنافسة.

كلف الطاقة الكهربائية وتنافسية القطاعات الإنتاجية والخدمية

أما على مستوى القطاعات الاقتصادية، فقد أكدت الورقة أن الكلف المرتفعة للكهرباء تؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للصناعة الأردنية، التي تواجه منافسة من منتجات قادمة من دول ذات تعرفة كهرباء أقل بكثير، مثل السعودية، الإمارات، البحرين، الصين والهند. كما يشمل التأثير القطاع الخدمي، ما يُقيّد من إمكانيات النمو ويضعف فرص جذب الاستثمارات.

تقييم السياسات الحكومية: إجراءات محدودة التأثير ونتائج عكسية

ورغم إقرار الحكومة لعدد من الإجراءات، مثل تعديل التعرفة على بعض الشرائح، فإن هذه التدابير ظلت تقليدية وقصيرة الأجل، ولم تُعالج الخلل الهيكلي القائم. وبدلًا من أن تُفضي هذه التعديلات إلى رفع الإيرادات، فإنها أدت إلى نتائج عكسية، حيث دفعت الكثير من كبار المستهلكين إلى الخروج من الشبكة أو تقليص استهلاكهم، مما خفّض متوسط التعرفة المحصلة وزاد من عبء الكميات غير المستهلكة المتعاقد عليها.

نحو حلول مبتكرة: تحفيز الاستهلاك وإعادة هيكلة التعرفة

واستعرض المنتدى في ورقته مجموعة من التدابير والسياسات لمعالجة اختلالات قطاع الكهرباء وتقليل أثرها على الاقتصاد والمالية العامة، حيث أوصى بتبني تعرفة محفزة للاستهلاك. بخلاف التعديلات السابقة التي ركزت على زيادة الإيرادات برفع الأسعار على كبار المستهلكين. حيث اقترح المنتدى تخفيضات مدروسة في التعرفة لتحفيز جميع الفئات على زيادة استهلاكهم، وذلك استنادًا إلى فرضية "مرونة الطلب على الكهرباء"، بحيث تؤدي زيادة الاستهلاك إلى تعويض جزء من كلف الكميات المتعاقد عليها وغير المستهلكة حاليًا عبر رسوم القدرة (Capacity Charge).

ولتجاوز احتمالية عدم تجاوب الطلب مع خفض السعر، اقترحت الورقة الإبقاء على هيكل التعرفة الحالي، وتطبيق التخفيض فقط على كميات الاستهلاك الإضافية التي تتجاوز الحد الأعلى الذي بلغه المشترك خلال سنة سابقة، بحيث كلما زاد الاستهلاك عن الذروة التاريخية، ارتفعت نسبة التخفيض. وقد أوضح المنتدى أن هذا المبدأ يمكن تطبيقه على فئات الاشتراك (المنزلي)، وقطاعات الاشتراك الأخرى كالصناعي، والتجاري، والخدمي، مشيراً إلى قابليته للتطبيق حيث تتوفر لدى شركة الكهرباء كامل المعلومات حول مستويات الاستهلاك التاريخي للمشتركين.

كما أشارت الورقة إلى أن القرار الحكومي برفع الرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية، رغم تبني آلية متدرجة، أغفل تداعياته على قطاع الكهرباء. إذ ركّز القرار على تعويض خسائر ضريبة البنزين، دون الالتفات إلى أثره السلبي في تعميق ضعف الطلب على الكهرباء، وفرص تعظيم الفائدة من التحول إلى المركبات الكهربائية.

وبيّنت الورقة أن إحلال المركبات الكهربائية محل التقليدية يولّد وفورات مالية للمواطنين تُعاد ضخّها في الاقتصاد، مما يسهم في زيادة الاستهلاك المحلي ويعزز الإيرادات الضريبية. فوفق مثال افتراضي وضعه المنتدى، فإن انخفاض استهلاك البنزين بمقدار 100 مليون لتر يترتب عليه خسارة ضريبية بــــ 37.5 مليون دينار، إلا أن المقابل من استهلاك الكهرباء (300 مليون كيلوواط/ساعة) يدرّ على شركة الكهرباء الوطنية إيرادات بنحو 36 مليون دينار، إضافة إلى 6.3 مليون دينار كعائد ضريبة مبيعات ناتج عن انفاق الفائض المالي المتحقق لمستخدمي المركبات الكهربائية على السلع والخدمات الاستهلاكية، وهو ما يعني أن اجمالي الايرادات الحكومية الاضافية المترتبة على احلال الكهرباء محل البنزين (في هذا المثال الافتراضي) ستصل الى نحو 42.3 مليون دينار، وهو ايراد يزيد بنحو 4.8 مليون دينار عن الايراد المتحقق من بيع 100 مليون لتر من البنزين، والأهم من كل ذلك، الفائض الاستهلاكي الكبير المتحقق للمستهلكين جراء التحول الى المركبات الكهربائية وما له من تأثيرات ملموسة على مستواهم المعيشي وعلى حركة الانشطة الانتاجية والخدمية في المملكة.

وعليه، فقد دعت الورقة إلى مراجعة قرار رفع الرسوم الجمركية على المركبات الكهربائية، لما لهذا القرار من أثر سلبي على استهلاك الكهرباء وحرمان قطاع التوزيع من فرص تعزيز الإيرادات، مشيرة إلى أن إحلال السيارات الكهربائية محل التقليدية يولد وفورات مالية للمواطنين تنعكس إيجابًا على الاقتصاد المحلي.

كما أوصت الورقة بإعادة النظر في عقود الطاقة المتجددة والتي أصبحت مرتفعة الكلفة نسبيًا، من خلال إجراء تسويات مالية عادلة مع الشركات المنتجة تتيح للحكومة تحسين الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع. كما شددت على ضرورة تفعيل صادرات الكهرباء إلى دول الجوار في ظل الفائض الإنتاجي القائم، ولا سيما سوريا، كمسار استراتيجي لتصريف الفائض الإنتاجي والاستفادة من الطاقة غير المستغلة.

واختتم منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقته بالتأكيد على أن معالجة أزمة قطاع الكهرباء لم تعد ترفًا أو خيارًا مؤجلًا، بل أولوية وطنية تتطلب تدخلًا استراتيجيًا عاجلًا وشاملًا. وأكد أن تنفيذ التوصيات الواردة في الورقة، ولا سيما تلك المتعلقة بسياسة تحفيز الاستهلاك وإعادة تسعير الكهرباء ضمن نهج استباقي، سيسهم في إعادة ضبط توازنات القطاع وضمان استدامته، بما يدعم النمو الاقتصادي ويُعزز من تنافسية الأردن في الأسواق الإقليمية والدولية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق