ندوة في متحف درويش تستذكر الكاتب أحمد حرب.. "ابن الكلمة" - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

 

كتب يوسف الشايب:

 

احتضنت قاعة الجليل في متحف محمود درويش بمدينة رام الله، مساء أمس، ندوة خاصة لإحياء ذكرى المبدع الراحل الأكاديمي والكاتب والحقوقي د. أحمد حرب، بحضور نخبة من المبدعين والأكاديميين والساسة، قادمين من كامل الجغرافيا الفلسطينية.

 

ابن البلد
وفي كلمته أشار رئيس مجلس أمناء مؤسسة محمود درويش د. زياد أبو عمرو، إلى أن حرب سيبقى حاضراً في عقل ووجدان كل من عرفه، مطالباً بالمبادرة من قبل كل من عرفه وعاصره وعايشه إلى منح إرثه الإبداعي في كافة المجالات ما يستحقه.
وقال أبو عمرو: أحمد حرب الذي عرفته، هو المثقف الفلسطيني، والكاتب المبدع، والإنسان الهادئ المتواضع، ابن البلد، الذي أحبّ الجميع فأحبّه الجميع.. كنتُ محظوظاً بصداقته ورفقته سنوات طوالاً في جامعة بيرزيت وخارجها، كان صديقاً للجميع، ولم يكن منشغلاً في الأدب فحسب، بل أخذت هموم الوطن مساحة كبيرة من اهتماماته وتفكيره، عمل وأبدع بانتماء صادق، وكان وسيبقى مثالاً للمثقف الفلسطيني الأصيل.
وفي تقديمه للندوة الاستذكارية تحدث مدير عام مؤسسة محمود درويش فتحي البس، عن عديد الحكايات عن حرب الإنسان، والمثقف، والمبدع، والحقوقي، والأكاديمي، والسياسي، كما عرّف بسيرته الذاتية وإبداعاته، التي احتوت على جوانب من التاريخ السياسي الاجتماعي والاقتصادي الفلسطيني قبل هزيمة العام 1967 وما بعدها، وخاصة في تلك المنطقة الجغرافية ما بين الخليل وبئر السبع، عبر روايات تنسحب في مضمونها على باقي قرى ومدن ومخيّمات فلسطين، مشدداً على أنه كان "مثالاً للالتزام وشجاعة الموقف".

 

كتاباتي مثل أحزاني
بدورها استعادت أستاذة اللغة الإنكليزية في جامعة بيرزيت بيان حداد قصصاً حول حرب، عبارات صادرة عنه، وجدت فيها رثاء لنفسه سبق رحيله، "ففي زيارة لكلية الآداب" تقول "شاركنا رحلته العظيمة مع جامعة بيرزيت، وختمها بقصة لا تُنسى عن الشهيدين صائب دهب وجواد أبو سلمية، الذي كان دمه الحار على يدَي حرب وبذلته، بينما كان يحاول إنقاذه وإسعافه ناقلاً إيّاه إلى المستشفى، وهو يردد بينه وبينه كلمات الشاعر الراحل عز الدين المناصرة: يا دمه النازف إن كنت عذاباً يوميّاً لا تصفّر"، ناقلة عنه في موضع آخر قوله: أشعر أن كتاباتي مثل أحزاني على شهيد الخبز وشهيد الماء".
ووصفته حداد، وهي تحبس دموعها قسراً بأنه "ابن الكلمة"، بحيث "آمن بها، وكتب عن تداخل الأزمنة من واقع حاضره، وقال لنا: حكايتي هي وقفة لحظية أمام الضياع، وقفة لمقاومة الزمن تشدني إلى الخلف لأمسك بخيوط المستقبل، في عالم تمدد وانقضى، وكاد يطمس جذور الحكاية".

 

نصير للحق والمهمّشين
وفي كلمته الارتجالية، تحدث مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان د.عمار دويك، عن حكايات عدّة حول حرب وعمله في الهيئة، هو الذي وازن بما يكنه له الجميع من احترام، وبقدرته الفائقة على الحوار الهادئ، والكاريزما التي يتمتع بها، على أن يكون مقبولاً من الجميع، بمن فيهم الفرقاء في فلسطين، خاصة ما بعد الانقسام.
وأشار دويك إلى أن حرب يجمع بين الثقافة الواسعة والتواضع، وبين كلمة الحق والدبلوماسية، لكن دون أن تكون على حساب المبادئ، منتصراً للمهمّشين في واقع الحياة الفلسطينية كما في إبداعاته الأدبية.

 

مثقف بالمعنى الشامل
وتحدث أستاذ الأدب العربي في جامعة بيرزيت، د. إبراهيم أبو هشهش، عن صداقته وقربه من الراحل حرب، وحكايات كثيرة جمعتهما سوياً، لم تخل من التأثر والتأثير، هو الذي كان يُمني النفس لو كانت الندوة هذه مخصصة لنقاش الجزء الثاني من السيرية السردية لحرب "مواقد الذكرى"، بحيث يكون إلى جانبه، كما كان عليه الحال عند إطلاق تلك السردية قبل أقل من عامين في مقر مؤسسة عبد المحسن القطان بمدينة رام الله، لافتاً إلى أنهما، ومنذ لقائهما الأول في العام 2010، على ما يذكر، شعرا بأن ثمة سيكولوجية مشتركة ما تجمعهما.
وأفرد أبو هشهش، مساحة لحديث مهم عن إبداعات أحمد حرب الأدبية، مشيراً إلى أنه يمثل المثقف بالمعنى الشامل للكلمة، وليس مجرد منتج الإبداع أو المشتغل في الأدب والثقافة، بمعنى أنه كان ذلك الشخص الذي يمتلك الوعي الكافي لفهم الواقع، كما يمتلك الأدوات الكافية لتحليله، علاوة على امتلاكه للموقف المعرفي والأخلاقي.
وأشار أبو هشهش إلى أن حرب كتب روايته الأولى "حكاية عائد" كرد على رواية "النمل" للإسرائيلي يتسحاق أورباز" وشبّه فيها الفلسطينيين بالنمل، متطرقاً للكيفية التي كان فيها البطل يحارب النمل الذي يتسلل من كل مكان في منزل زوجين إسرائيليّين، فكانت روايته عن الفدائي الفلسطيني، المحاصر بالأفاعي والمزيد منها.
ورأى أبو هشهش أن رواية "إسماعيل" ما هي إلا صدى لشخصية الشهيد "حسن" التي نقلت حكايته له والدته، مصدر ذاكرته السردية، وهي شخصية الفدائي التي صاغت وجدان أحمد حرب دون أن يعاينها بنفسه، مصوراً فيها الأوضاع الفلسطينية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ما قبل الانتفاضة، ليستكمل السردية الفلسطينية برواية "أرض المعاد"، ومن ثم يلحقها برواية "بقايا" التي تتحدث عن مرحلة "ما بعد أوسلو".
واعتبر أبو هشهش رواية "الصعود إلى المئذنة"، من بين أهم السرديّات في تاريخ الأدب الفلسطيني، رغم صغر حجمها، لافتاً إلى أن حرب في أعماله الروائية جميعاً تميز بكونه استطاع تأصيل المكان، وأن يخلق أساطيره الخاصة بمدلولاته وتأويلاته المتعددة، بكل ما تحمل من رموز سيكولوجية وأسطورية وغيرها.

 

كلمات إلى الأب
وقدمت الكاتبة والفنانة منار حرب، كلمة العائلة في شكل نصّ موجه إلى والدها، جاء في مطلعه "شعرٌ، أم رثاءٌ، أم ذكرى قيد الاشتعال.. سمّها ما شئت، فأنت يا أبي تقطن في كل المحتويات، الحرف والحرفية وجميع الكلمات".
وعرضت العائلة فيلماً قصيراً عن الراحل أحمد حرب، عرض موقفاً له من حرب الإبادة في محادثة من مكتبه العام الماضي، وآخر من العدوان الإسرائيلي على غزة يعود إلى العام 2014، قبل أن يختتم بعزفه المليء بالأمل والحياة على "الشبابة"، ومن داخل أحد أركان منزله.

 

أخبار ذات صلة

0 تعليق