إغاثي سوري أسهم في تأسيس منظمة "الخوذ البيضاء" (الدفاع المدني السوري) وقادها منذ تأسيسها عام 2013 وحتى تعيينه في منصب وزير لإدارة الطوارئ والكوارث في الحكومة السورية أواخر مارس/آذار 2025.
تلقى الصالح تدريبات متقدمة في البحث والإنقاذ وإدارة الكوارث، وبدأ مسيرته في العمل الإنساني على الحدود السورية التركية، إذ أسهم في إدارة المخيمات وإدخال الجرحى للعلاج.
المولد والنشأة
ولد رائد الصالح في جسر الشغور بمحافظة إدلب عام 1984.
الدراسة والتكوين العلمي
حصل على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة ماردين آرتوكلو في تركيا عام 2023، وشهادة سابقة في التخصص نفسه من الأكاديمية العربية بالدانمارك عام 2017.

التجربة التطوعية
عمل صالح بداية مشواره المهني بتجارة الأدوات الكهربائية، قبل أن ينتقل إلى تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات السلمية في مسقط رأسه جسر الشغور مع اندلاع الثورة السورية عام 2011. ومع دخول قوات نظام المخلوع بشار الأسد المنطقة في يونيو/حزيران من ذلك العام، اضطر الصالح للهجرة نحو تركيا.
ومع تمكن المعارضة السورية من السيطرة على مناطق في إدلب نهاية 2012، انخرط الصالح في العمل الإنساني على الحدود مع تركيا، وتولى إدارة شؤون المخيمات في تركيا بالتعاون مع الهلال الأحمر التركي، لا سيما في ما يتعلق بتوزيع المواد الغذائية والخيام على اللاجئين والنازحين.
كما شارك في تنسيق عمليات إجلاء الجرحى من المناطق الحدودية داخل سوريا، ونقلهم عبر سيارات الإسعاف إلى المستشفيات التركية لتلقي العلاج.
ومع اتساع رقعة سيطرة المعارضة السورية مطلع عام 2013، وانسحاب النظام المخلوع من مناطق واسعة في الشمال، تصاعدت وتيرة القصف الجوي واستهداف المدنيين، مما دفع عددا من المتطوعين إلى إطلاق مبادرات فردية لإغاثة الضحايا والمنكوبين وتشكيل فرق بحث وإنقاذ باستخدام أدوات بدائية.
وفي تلك المرحلة، بدأت الفرق التطوعية بتلقي تدريبات متخصصة، وكان من بينها تدريب شارك فيه الصالح بين 23 يونيو/حزيران والأول من يوليو/تموز 2013، واصفا إياه بأنه تجربة "مفصلية في حياته" إذ غيّرت مساره بالكامل، ليبدأ بعدها العمل رسميا في مجال البحث والإنقاذ.

وشارك في تأسيس "الخوذ البيضاء" في يونيو/حزيران 2013، وقاد تدريب أول الفرق في إسطنبول، ومن ثم نشرها في الشمال السوري، وبدأت الفرق التطوعية التوسع بكامل سوريا وشارك الصالح في تدريبها وتأهيلها للعمل الإغاثي في ظل ظروف أمنية وإنسانية صعبة، بما في ذلك فترة القصف بالبراميل المتفجرة في حلب.
وأشرف الصالح على إطلاق المؤتمر التأسيسي للمنظمة أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2014، بمشاركة قادة فرق الإنقاذ من مختلف المناطق السورية، وتم التوافق على توقيع "ميثاق مبادئ الدفاع المدني السوري" الذي نصّ على توحيد جميع فرق الإنقاذ في البلاد تحت مظلة مؤسسة واحدة.
إعلان
وفي المؤتمر، أُجريت انتخابات لتشكيل إدارة دفاع مدني تتولى الإشراف على عمل المنظمة في عموم سوريا، وأسفرت النتائج عن انتخاب الصالح مديرا للمؤسسة.
وقاد في تلك الفترة نحو 3 آلاف متطوع عملوا على إنقاذ المدنيين من تحت أنقاض الغارات الجوية الروسية والسورية، واستطاعوا خلال 10 سنين إنقاذ نحو 128 ألف شخص، بينما قتل منهم نحو 300 شخص.
وقال الصالح إن النظام السوري المخلوع والقوات الروسية كانت تستهدفهم "لإسكات صوت الحقيقة" كما رفض الاتهامات التي طالت منظمته بالعمالة لإسرائيل، وأكد أن مصادر تمويلها معروفة للجميع، وأوضح أن لها تمويلين: الأول دولي عبر مؤسسات وسيطة مثل وكالة التنمية الأميركية، والثاني تمويل من دول مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا وقطر.
ومثّل الصالح الدفاع المدني السوري في محافل دولية، منها اجتماعات مجلس الأمن الدولي (عامي 2015 و2024) والجمعية العامة للأمم المتحدة (عامي 2016 و2017).
وشارك أيضا في الاجتماعات والمؤتمرات الدولية الخاصة بسوريا التي عقدت في لندن وبروكسل، و"مؤتمر الدفاع المدني في الدوحة" إلى جانب حضوره اجتماعات "غرفة المجتمع المدني".
وألقى الصالح كلمة أمام "مجلس الأمن الدولي" في إحدى جلساته المخصصة لمناقشة الوضع في سوريا، وأسهم في إيصال صوت السوريين في ملفات الإغاثة والطوارئ.

التجربة السياسية
ويوم 29 مارس/آذار 2025 عيّنه الرئيس السوري أحمد الشرع وزيرا لإدارة الطوارئ والكوارث بالحكومة الجديدة، التي تشكلت عقب سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024. وتعد الحقيبة الوزارية التي تولاها الصالح جديدة استحدثت ضمن هيكلة الحكومة الانتقالية.
وفي الأول من يونيو/حزيران، كشف الوزير للجزيرة نت عن ملامح خطة وطنية شاملة تهدف إلى وقف الموت المستمر في البلاد جراء الألغام ومخلفات الحرب، وذلك عبر إنشاء مركز وطني متخصص في إزالتها، إضافة إلى تدشين منظومة وطنية للاستجابة الطارئة وتوسيع قدرة الوصول إلى المناطق المنكوبة.
وأضاف أن الوزارة فعّلت غرفة عمليات مركزية بالتنسيق مع وزارات الخارجية والدفاع والداخلية والزراعة والدفاع المدني لمواجهة حرائق الغابات التي اندلعت في الساحل السوري، وتمكنت من احتوائها بعد عمل متواصل دام 7 أيام.
وأعلنت منظمة "الخوذ البيضاء" -في الشهر ذاته- اندماجها الكامل ضمن الحكومة السورية، ونقل برامج الاستجابة الطارئة إلى وزارة إدارة الطوارئ والكوارث، ونقل الملفات الأخرى التابعة للمنظمة -ومنها ملفات العدالة والمحاسبة والمناصرة- إلى الوزارات والهيئات المختصة، بحسب طبيعة كل ملف.
ومطلع يوليو/تموز 2025، اندلعت حرائق واسعة في اللاذقية أتت على نحو 10 آلاف هكتار من الغابات والأراضي الزراعية، وأدت إلى إصابة 8 عناصر من الدفاع المدني أثناء جهود الإطفاء. وتداول السوريون صورا توثّق مشاركة الوزير الصالح ميدانيا في عمليات الإطفاء والإنقاذ.

الجوائز والأوسمة
استجابت منظمة الخوذ البيضاء بفاعلية لزلزال فبراير/شباط 2023 تحت قيادته. نالت منظمته أكثر من 40 جائزة دولية، من بينها جائزة "رايت ليفيلهوود". رشحت منظمته لجائزة نوبل للسلام 3 مرات متتالية. منحه الدفاع المدني الفرنسي ميدالية تقديرا لجهوده، أثناء مشاركته في برنامج "رجال المستقبل" بالعاصمة الفرنسية. منحه رئيس جمعية الإطفاء الألمانية عام 2015 ميدالية تقديرا لتعاون منظمته مع إدارات الإطفاء الألمانية وجمعياتها. وحصل الصالح على جائزة "إنترآكشن" للقيادة والشجاعة من التحالف الدولي للمنظمات الإنسانية بواشنطن، لكن الولايات المتحدة منعته من دخول أراضيها لاستلام الجائزة رغم تأشيرته سارية المفعول. حصل على جائزة "أنيما" للسلام الدولية نيابة عن "الخوذ البيضاء" في برشلونة. عام 2016 تسلّم جائزة نوبل للسلام البديلة (جائزة "رايت لايفليهود") الخاصة بحقوق الإنسان نيابة عن منظمته في ستوكهولم. فاز الفيلم الوثائقي القصير "الخوذ البيضاء" -الذي تناول عمل المنظمة- بجائزة الأوسكار عام 2017. اختير الصالح ضمن قائمة "أكثر 100 شخصية تأثيرا في العالم" من مجلة تايم الأميركية في العام ذاته. حصل على جائزة "غيم تشينجر أوورد" عام 2018 نظيرا لـ"بطولته التي غيرت قواعد اللعبة وأنقذت حياة الكثيرين في أكثر الأماكن قسوة ويأسا في العالم".إعلان
0 تعليق