دردشة مع الشاعرة نعمة حسن: الأدب في الحرب وشاية! - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

 

حاورها زياد خداش:

 

كيف سأقدم نعمة: كشاعرة، كأمّ، كامرأة، كإنسانة، أم كغزّة؟.. نعمة كل هؤلاء، هي الشِّعر الذي قرر أن يقاتل ويقول الحقيقة، الحقيقة التي لن يتفهمها سوى من كوت عظمه نيران الجوع والهوان، ما زالت نعمة تكتب الشِّعر وهذا إنجاز كبير، لكنّه حزين ولا يُطعم أطفالها خبزاً، مع أنه، على الأقل، يُطعمها معنى للوجود.
هذه دردشة قصيرة الإجابات، وكيف لا تكون كذلك وصاحبة الإجابات لا وقت لديها للحكي، فهي مشغولة بإطعام أولادها، وبالركض هنا وهناك هرباً من صاروخ، أو استجلاباً لكيس طحين.. في المسافة بين الطحين والصاروخ تنفجر قصائد نعمة، وهذه دردشة معها:

* ما آخر حُلم حلمتِه يا نعمة؟
- الأحلام للمترفين يا زياد، ونحن صعدنا للسماء عدّة مرات لنشيّع موتنا، فأصبحت الأحلام شقاءً لا نستطيعه.

* حين تنظرين لطفلتكِ، وهم نيام في الخيمة بينما أنتِ عاجزة عن النوم، ما الذي تفكرين به؟
- حاولت كثيراً أن أستبقيها جانبي.. أحياناً أخاف الظلال التي تهتز على جدار الخيمة عند كل قصف يحدث (هذا سر بيننا)، ولكنها تتركني معتذرة وتدور كراقصة باليه تلوّح للصغار في الممرات الضيقة بين الخيام، لتصنع قصة تؤنس خوفهم.

* قرأت لكِ كثيراً من القصائد أثناء هذه المجزرة المستمرة.. بالطبع ثمّة تحوّل كبير في لغتكِ وإيقاع عبارتكِ.. ماذا لو سألتك اللغة الجديدة ذات السياق الجديد: ما الذي حدث لي يا شاعرتي؟ بماذا تجيبينها؟
- سأخرج ما ادخرته من مال، وأشتري لها كأساً باردة من الماء، ثم أمسك يدها الدافئة، ونتفقد البيوت المقصوفة، والشوارع التي باتت قبوراً، والخيام التي تتصبب عرقاً.. سأرشدها لأماكن الأطراف التي فُقدِت، وأتنصّتُ معها لنحيب الأمهات، وذاكرة الآباء الموجوعة، ثم نُدخّن معاً ورق شجر جافاً (لا أملك ثمن السيجارة).. لن تحتاج إجابتي بعدها.

* الشِّعر والحرب نقيضان، إلا في غزّة.. ثمة زواج مجنون بينهما.. متى سيحدث الطلاق الأخير؟!
- هي علاقة أبدية، كما الموت والحياة.. الشِّعر يبيت في خيمة الحرب كل ليلة، يعد أنفاسها، يتحسس ندوبها، يكشف عورتها، ثم يرسمها على رصيف مقصوف كمتسول يبيع حزنه للطريق.

* قصائدك تقطر غضباً.. لم أنتِ غاضبة يا نعمة؟
- رائحة القبور يا زياد تحرق جوفي، ولا عناق في المدينة الرمادية يطفئ شهوتي للبكاء.

* ما الذي يمنحكِ إياه الشِّعر، أنت الشاعرة التي ُتشوى في خيمة على مهل؟ّ!
- تساءلت كثيراً ما الذي يُجبِر القصيدة أن تبقى معي في خيمتي.. تتصببُ عرقاً، وتشتهي شربة ماء باردة، وتستمع لدوي رأسي المليء بالزنّانات والصواريخ والخوف من الأفاعي التي تنتظر تحت فراشي.. وجدتُ أنها الأحجية التي تجعلني أحرق تلك الغابة في رأسي، وأبتسم.

* برأيك هل سيقدر الأدب على تصوير ما حدث؟
- الأدب في الحرب وشاية، إما أن تصدق عبثية المشهد، أو تأخذ اللقطة من كل جوانبها، فتقتلك حقيقة الصورة.

 

أخبار ذات صلة

0 تعليق