أطلقت منظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع خبراء في مجالي المناخ والصحة العامة، تحذيرات شديدة بشأن تصاعد المخاطر الصحية المرتبطة بموجات الحر الطويلة، مؤكدة أنها لم تعد مجرد ظاهرة مناخية مزعجة، بل باتت تهديداً مباشراً للحياة.
موجات الحر الطويلة خطر قاتل يزداد تفاقم
وأكدت المنظمة أن الخطر لا يقتصر على التأثيرات الحادة كضربات الشمس أو الجفاف الشديد، بل يمتد ليشمل مضاعفات صحية خطيرة، لا سيما بين من يعانون أمراضاً مزمنة في القلب أو الجهاز التنفسي، والتي قد تتفاقم بعد أيام من بداية الموجة الحارة.
كما صرحت وزيرة الصحة الفرنسية، كاثرين فوتران، قائلة: "تأثير الحرارة على الجسم لا يظهر بالضرورة فوراً، لذا علينا البقاء في حالة تأهب لعدة أيام لاحقة."
أبحاث جديدة تكشف آثاراً ممتدة للحرارة على الصحة العامة
رغم وجود تباين علمي حول مدى التأثير التراكمي لموجات الحر، فقد كشفت دراسات حديثة عن أبعاد جديدة للمشكلة. ففي حين رصدت دراسة منشورة عام 2011 في مجلة Epidemiology تأثيراً إضافياً طفيفاً بعد اليوم الرابع من موجة الحر، قللت دراسة أخرى عام 2018 من أهمية مدة الموجة نفسها.
لكن تقارير حديثة صادرة في 2024 عن The Lancet Countdown وSleep Medicine أظهرت أن ارتفاع درجات الحرارة بات يشكل "تهديداً عالمياً للنوم"، الأمر الذي يعيق عملية تعافي الجسم، ويزيد من عبء الإجهاد الحراري، خصوصاً في المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية.
وتعيد هذه التحذيرات إلى الأذهان صيف عام 2003، حين أودت موجة حر استثنائية في أوروبا بحياة أكثر من 70 ألف شخص، ما يعزز ضرورة التعاطي الجدي مع تداعيات التغير المناخي على الصحة العامة.
ذروة الموجة الحارة تضرب البلا
ومحليا سجلت البلاد خلال الأيام الماضية ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة، حيث تراوحت العظمى في القاهرة بين 40 و42 درجة مئوية، بينما وصلت صباحاً في جنوب الصعيد إلى 49 درجة. وفي هذا السياق، حذّرت الهيئة العامة للأرصاد الجوية من ذروة الموجة شديدة الحرارة التي بلغت ذروتها اليوم.
وأوضحت منار غانم، عضو المركز الإعلامي بهيئة الأرصاد الجوية، أن درجة الحرارة المحسوسة في القاهرة بلغت 44 درجة، وفي الإسكندرية 39 درجة، مشيرة إلى أن هذه الأجواء الحارة نتجت عن ظاهرة "القبة الحرارية" بالإضافة إلى كتل هوائية ساخنة قادمة من الصحراء.
ما هي القبة الحرارية؟
تُعرف القبة الحرارية بأنها مرتفع جوي يمتد في طبقات الجو العليا، يؤدي إلى احتباس الهواء الساخن تحت ضغط عالٍ، ويمنعه من التبدد أو الصعود. هذا الوضع الجوي يتسبب في زيادة كبيرة في درجات الحرارة، و طول فترة سطوع الشمس، وتكرار موجات الحر الشديدة.
وتتوقع الهيئة العامة للأرصاد الجوية انكسار الموجة الحارة اعتباراً من السبت المقبل، نتيجة تغير في مصادر الكتل الهوائية وتبدّل التوزيعات الضغطية، ما يؤدي إلى انخفاض تدريجي في درجات الحرارة.
ووفق التوقعات، تسجل العظمى في القاهرة والوجه البحري بين 35 و36 درجة مئوية، بينما تنخفض إلى ما بين 30 و32 درجة على السواحل الشمالية، وتصل إلى 46 درجة فقط في جنوب الصعيد، مقارنة بـ49 درجة خلال الذروة.
0 تعليق