في مشهد إنساني صعب، ترابط الأم البالغة من العمر 30 عاما أمام أحد المستشفيات الحكومية في ما ديوغوري عاصمة ولاية بورنو في الشمالي الشرقي بدولة نيجيريا.
حاملة طفلتها الرضيعة، تجلس الأم الثلاثينية لمراجعة طبية بحثا عن العلاج من المرض الذي أصاب الطفلة الصغيرة وتسبب لها في الوهن وتقصف في الشعر، ليكتشف الأطباء أنه بسبب سوء التغذية.
وتقول الأم إن صحة ابنتها في تعثر، إذ كلما تحسنت مرة تسوء مرات أخرى، الأمر الذي دفعها إلى معاودة زيارة الأطباء من جديد.
ولكن حالة الطفلة أمينة ليست سوى حالة واحدة من 5 ملايين طفل يعانون سوء التغذية في شمال شرقي نيجيريا وشمال غربيها، في ما يعتبره خبراء أسوأ أزمة غذائية منذ سنوات.
نقص التمويل
وفي نيجيريا، تفاقمت الأزمات الإنسانية هذا العام بسبب التخفيضات الهائلة في التمويل الأميركي للمساعدات، إذ قلّصت واشنطن منذ فبراير/شباط الماضي إسهاماتها في البرامج الإنسانية عالميا بنسبة 75%، الأمر الذي انعكس بشكل كبير على عمل منظمات الإغاثة العالمية التي كانت تقدم مساعدات غذائية لقرابة 2.5 مليون نازح في تلك المناطق.
وفي تصريح للجزيرة، قال إيمانويل بيجينيمانا المسؤول في وكالة الأمم المتحدة للمساعدات الغذائية إن المنظمات الأممية أغلقت منذ نهاية العام الماضي أكثر من نصف عياداتها العلاجية في شمال شرقي نيجيريا، مما حرم 300 ألف طفل من المكملات الغذائية الضرورية.
وقال بيجينيمانا إن برنامج الغذاء العالمي وزّع آخر مخزونه من الحبوب في يوليو/تموز الماضي على العائلات النازحة، قبل نقل الشحنات المتبقية إلى تشاد المجاورة التي تواجه أزمات مشابهة، مضيفا أن نيجيريا أصبحت في عجز غذائي ولا يوجد مزيد من الطعام.
انعدام الأمن ينعكس على الغذاء
ورغم أن شمال شرقي نيجيريا يعتبر مخزون غذاء للبلاد بفعل الأراضي الخصبة والصالحة لزراعة الكثير من أنواع المحاصيل، فإن النزاع مع بوكو حرام والمناخ المتطرف دمّرا الإنتاج الزراعي.
إعلان
فمنذ 2019 تمركز الجيش داخل بلدات محصنة خوفا من الخسائر، تاركا الأراضي الزراعية بين الخنادق ونقاط التفتيش والحواجز الأمنية.
أما في المناطق الخارجة عن سيطرة الجيش، فتعمل بوكو حرام كسلطة أمر واقع، وتفرض ضرائب باهظة على المزارعين، بل تقتل من تشتبه بتعاونه مع الحكومة، وقامت في يناير/كانون الثاني الماضي بإعدام 40 مزارعا في تلك المناطق.
وتنشط بوكو حرام في المناطق الشمالية منذ عام 2011، ونفذت الكثير من عمليات القتل والاختطاف، لا سيما في المناطق الحدودية مع النيجر وتشاد والكاميرون.
وبالإضافة إلى بوكو حرام، تفاقمت الأزمات الأمنية بسبب نشاط أحد الفصائل القتالية المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية
وتسببت هذه الهجمات في السنوات الأخيرة في مقتل 35 ألف شخص، ونزوح أكثر من مليونين من المناطق الشمالية.
الأطفال يدفعون الثمن
ومع دخول موسم الأمطار، تتفاقم معاناة الأطفال، إذ قالت منظمة أطباء بلا حدود إن أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية ارتفع بمايدوغوري منذ بداية أغسطس/آب الجاري.
وقال محمد بشير عبد الله، المسؤول في المنظمة، إنهم كانوا يستقبلون 200 طفل أسبوعيا، لكن في الأسبوع الماضي استقبلوا 400، مضيفا أنه منذ يناير/كانون الثاني الماضي عولج أكثر من 6 آلاف طفل، وحذر من ارتفاع الأرقام في الأسابيع القادمة.
0 تعليق