إسرائيل تستعد لأسوأ هجوم من إيران - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

بعد مضي أكثر من شهرين على الحرب المباشرة بين طهران وإسرائيل، كثف المسؤولون الإسرائيليون من تهديداتهم لإيران بشن هجوم عسكري جديد، ودعوا قوات الجيش إلى حالة استنفار؛ استعدادا لأي سيناريو محتمل.

يوم الاثنين 11 أغسطس/آب، وجه يسرائيل كاتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، في رده على صور نُشرت حول "قائمة مزعومة" لمسؤولين إسرائيليين، خطابا مباشرا إلى سماحة القائد الأعلى في إيران، مهددا إياه بالاغتيال!

وفي الوقت نفسه، كتب تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد "كوينسي"، في مقال له أن إسرائيل، خلال هجومها على إيران، لم تكن تستهدف فقط ضرب البرنامج النووي الإيراني، بل سعت أيضا إلى جر الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة مع إيران، تمهيدا لإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية، وتحويل إيران إلى بلد شبيه بسوريا، ولبنان، بحيث تستطيع أن تقصفه متى شاءت باستخدام أدواتها العسكرية!

وفي السياق ذاته، لم يستبعد الرئيس السابق للمجلس الوطني الإيراني- الأميركي، وهو شخصية مقربة من التيار المعتدل في الداخل الإيراني، احتمال اندلاع مواجهة جديدة بين إيران وإسرائيل خلال الأسابيع المقبلة، واصفا إياها بأنها ستكون حربا أكثر دموية.

كما كتب مركز الأبحاث "المجلس الأطلسي" في تقرير له: "قد تسعى إسرائيل إلى شن هجمات جديدة بهدف القضاء الحاسم على التهديد النووي الإيراني، خصوصا إذا فشلت الدبلوماسية". وإلى جانب هذه المواقف والتحليلات، ثمة أسباب أخرى تعزز سيناريو الموجة الثانية من الهجوم الأميركي- الإسرائيلي على إيران.

إقرار "احتلال غزة" والحاجة إلى صرف الأنظار

إن تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل بوساطة قطر، والولايات المتحدة، أوجد حالة من الجمود بشأن مستقبل الحرب ومصير غزة.

وفي ظل هذه الأوضاع، قرر بنيامين نتنياهو، ومن بعده المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي، المضي في خطة احتلال غزة، بهدف إنهاء سيطرة حماس ووجودها في القطاع.

إعلان

وبحسب صحيفة "يسرائيل هيوم" اليمينية، فإن الخطة قبل المصادقة عليها من جانب إسرائيل، خضعت لتعديلات وإصلاحات من الولايات المتحدة، ثم حصلت على موافقتها النهائية.

وتشير المعطيات المنشورة في الإعلام العبري إلى أن الخطة تقضي، بعد نقل كامل سكان غزة إلى جنوب القطاع وفرض حصار شامل عليه، بتنفيذ عملية تطهير على نحو "حيٍ بحي" ولمدة خمسة أشهر، بقصد تدمير البنى التحتية السلطوية لحماس والسيطرة على إدارة القطاع.

غير أن هذه الخطة قوبلت بانتقادات داخلية وخارجية ضد نتنياهو. فقد رأى أعضاء في الكنيست أن احتلال غزة سيُلزم إسرائيل بتخصيص ما بين 35 إلى 52.5 مليار دولار لإدارة شؤون غزة، وفقا للقوانين الدولية.

أما الدول الأوروبية، مثل فرنسا، فقد قررت، ردا على سياسة نتنياهو العدوانية، الاعتراف رسميا بـ"دولة فلسطين" في شهر سبتمبر/أيلول. وفي هذه الأجواء، قد يلجأ نتنياهو، كما فعل في جولات سابقة من "تصدير الأزمات إلى الشرق الأوسط"، إلى مغامرة عسكرية جديدة في لبنان أو إيران. خطوة كهذه ستمكنه من صرف أنظار المجتمع الدولي وتوحيد الجبهة الداخلية الإسرائيلية في الوقت نفسه.

المناورة المفاجئة "فجر الصباح"

وكانت المناورة الجوية الكبرى "فجر الصباح" خطوة أخرى لافتة أقدمت عليها قوات الجيش الإسرائيلي في الأيام الماضية. فقد تحدثت وسائل الإعلام العبرية عن مناورات عسكرية نفذها الجيش؛ استعدادا لهجوم محتمل ومباغت من إيران.

وكتبت صحيفة "معاريف" أن الجيش الإسرائيلي أجرى، ضمن مناورة مفاجئة، محاكاة لـ"أسوأ هجوم مباغت قد تشنه إيران"، وتمكن خلالها من رصد نقاط ضعف الحدود الشرقية مع الأردن.

ووفقا للتقرير، جرت المناورة بقيادة رئيس أركان الجيش، إيال زامير، وتضمنت محاكاة لهجمات متزامنة من عدة جبهات، بينها إطلاق صواريخ من اليمن، ولبنان، وتسلل مسلح عبر الحدود الأردنية.

والهدف من هذه المناورة توجيه رسالة واضحة إلى الجمهورية الإسلامية، وإلى حزب الله في لبنان، مفادها أن إسرائيل "تنام وعيونها مفتوحة".

رسالة الترويكا الأوروبية إلى مجلس الأمن

في الثامن من أغسطس/آب، بعثت الترويكا الأوروبية، أي ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، برسالة مشتركة إلى مجلس الأمن، جاء فيها أنه مع اقتراب انتهاء مفعول الاتفاق النووي لعام 2015 بتاريخ 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025 (بموجب القرار 2231 لمجلس الأمن)، فإنها تؤكد: "سنظل ملتزمين تماما بالحل الدبلوماسي للأزمة الناجمة عن البرنامج النووي الإيراني، وسنسعى إلى التوصل إلى اتفاق متفاوض عليه، وفي الوقت نفسه نحتفظ بالجاهزية والأساس القانوني الواضح لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات تلقائيا (سناب باك)، إذا لم يتم التوصل إلى حل مُرضٍ بحلول نهاية أغسطس/آب 2025".

ويرى بعض الخبراء أنه إذا لم تتوفر فرصة جديدة لاستئناف المفاوضات النووية المباشرة، أو غير المباشرة بين إيران، والولايات المتحدة، وتم تفعيل "سناب باك"، فإن الهجوم الإسرائيلي الجديد على إيران سيحظى بشرعية دولية، ودعم غربي أقوى.

وفي حال فشل المفاوضات النووية، وتفعيل آلية إعادة العقوبات التلقائية على إيران من قبل الترويكا الأوروبية، فإن نتنياهو سيجد الفرصة سانحة لبدء الموجة الثانية من الهجوم على إيران.

إعادة فتح ملف "جيفري إبستين وترامب"

يرى بعض المحللين أن من بين العوامل المؤثرة في قرار ترامب بمنح الضوء الأخضر لإسرائيل لمهاجمة إيران، بل والسماح لطائرات "بي-2″ الإستراتيجية بقصف المنشآت النووية الإيرانية، الضغط المتزايد وغير المباشر من جانب الموساد و"اللوبي الإسرائيلي" على البيت الأبيض عبر الملف المعروف لـ"جيفري إبستين".

إعلان

ومع مرور ما يقارب الشهرين على "حرب الـ12 يوما"، تحول موضوع فضيحة "إبستين" منذ الرابع من أغسطس إلى العنوان الأول في وسائل الإعلام الأميركية الكبرى.

وبلغت هذه الموجة الإعلامية المريبة ذروتها في الثامن عشر من أغسطس/آب، مع ما وصفته صحيفة "وول ستريت جورنال" بالفضيحة التاريخية لترامب فيما يتصل بعلاقته بقضية إبستين، وقد رد عليها ترامب بدعوى قضائية بمليارات الدولارات ضد مالك الصحيفة روبرت مردوخ.

وتتنامى التكهنات اليوم حول إمكانية نجاح كبار الشخصيات الصديقة لإسرائيل من داعمي ترامب أمثال مارك لوين، وإيزاك بيرلماتر، ونلسون بليتس، بمساعدة شركائهم الإعلاميين مثل "مردوخ"، بجرّ ترامب مجددا إلى أتون الحرب مع إيران، أو أن الرئيس الأميركي هذه المرة قد يختار الصمود في وجه ابتزاز دعاة الحرب.

الرسالة المباشرة من نتنياهو إلى الشعب الإيراني

كان أحد الأهداف الثلاثة التي سعى إليها نتنياهو خلال "حرب الـ 12 يوما" مع إيران، تهيئة الظروف اللازمة لتغيير النظام السياسي في طهران.

ولتنفيذ هذا السيناريو، كان يعول على أن تخرج، بعد ضرب المنشآت النووية والعسكرية والبنى التحتية للطاقة في إيران، شرائح من الشعب الإيراني إلى الشوارع مدفوعة بالدعاية الإعلامية الممولة أميركيا وإسرائيليا، لتضع نهاية للجمهورية الإسلامية.

واليوم، ومع تفاقم أزمات الاختلال في الداخل الإيراني، أطل بنيامين نتنياهو، في رسالة مصورة موجهة مباشرة إلى الشعب الإيراني، داعيا إياه للنزول إلى الشوارع!

وفي السياق ذاته، كرر منشه أمير، أحد أقدم موظفي "إذاعة إسرائيل بالفارسية"، الطرح نفسه من خلال صفحة ناطقة بالفارسية يُنسب تشغيلها لإسرائيل، ودعا الإيرانيين إلى التمرد الداخلي.

ويبدو أن تل أبيب تسعى، في جولة جديدة من الصراع مع إيران، إلى استخدام كل وسيلة ممكنة لدفع الشعب إلى الشوارع، وتهيئة الأرضية المناسبة لاندلاع حرب أهلية داخل الأراضي الإيرانية.

تصاعد الضغوط لنزع سلاح حزب الله

في خريف العام الماضي، وخلال الحرب بين إسرائيل وحزب الله، شبه جاريد كوشنر، صهر ترامب، المقاومة الإسلامية في لبنان بـ"البندقية المحشوة"، وزعم أن الحرب الثالثة في لبنان، وما أعقبها من إضعاف أكبر حليف لطهران، قد أوجدت أفضل فرصة لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية!

واليوم، وبعد مرور تسعة أشهر على حرب لبنان، اتخذت حكومة جوزيف عون ونواف سلام، وبعد مشاورات مع توم باراك المبعوث الأميركي الخاص، قرارا يقضي بنزع سلاح كل الفصائل المسلحة غير الحكومية في لبنان (حزب الله والفصائل الفلسطينية)، بحلول نهاية 2025.

وبُعيد إعلان هذا القرار رسميا، توجه علي لاريجاني، الأمين الجديد للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إلى بيروت للتباحث بشأن مخاطر تنفيذ خطة نزع سلاح حزب الله.

ويرى خبراء أن مقاومة حزب الله لهذا القرار قد ترفع بشكل خطير احتمالات تفجر صراع داخلي في هذا البلد العربي، بل إن ثمة احتمالا قائما أن تبادر إسرائيل إلى شن هجوم واسع على حزب الله في جنوب لبنان، قبل إطلاق الموجة الثانية من هجومها على إيران.

إيران في سعيها إلى كبح إسرائيل

في مواجهة تهديد هجوم إسرائيلي- أميركي جديد على إيران، تتحرك طهران على مسارات عسكرية ودبلوماسية متوازية. فقد نقلت شخصيات إعلامية مقربة من فريق التفاوض الإيراني في الأيام الأخيرة، أن طهران، إلى جانب استمرار محادثاتها مع الترويكا الأوروبية، تدرس أيضا احتمال الدخول في حوار مباشر مع الجانب الأميركي في مدينة أوسلو بالنرويج.

وفي الوقت ذاته، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تقريرا زعمت فيه أن الصين تساعد إيران في إعادة بناء قدراتها الدفاعية الجوية، وتتعاون معها أيضا في مجال تعزيز مخزونها الصاروخي.

وتدل هذه الإجراءات، إلى جانب التغييرات البنيوية والشخصية داخل إيران، على وجود إرادة جادة لدى طهران لتقليص احتمالات الحرب عبر خيار "الدبلوماسية الأقل كلفة"، وفي الوقت نفسه الاستعداد لأسوأ سيناريو يتمثل في الموجة الثانية من الحرب مع إسرائيل.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق