يُعد المطبخ التركي واحدا من أعرق مطابخ العالم وأكثرها تنوعا، إذ يجمع في نكهاته إرث آلاف السنين الممتد من المائدة الأناضولية إلى أبهة المطبخ العثماني. وبينما يشكل الطعام جزءا أصيلا من الهوية الثقافية للشعوب، يبرز المطبخ التركي كجسر حضاري يعكس مزيجا من التقاليد والابتكار.
وفي هذا السياق، ينظم معهد "يونس إمره" الثقافي برنامج "المدرسة الصيفية للمطبخ التركي" ليمنح طهاة من مختلف أنحاء العالم فرصة لاكتشاف هذا التراث عن قرب، وتبادل الخبرات حول أسرار النكهات وأصالة المائدة التركية.
وفي إطار برنامج "المدرسة الصيفية للمطبخ التركي"، أُتيحت الفرصة لـ13طاهيا قدموا من دول مختلفة لاكتشاف نكهات الأناضول عن قرب. وخلال العام الجاري استقبلت تركيا 735 طالبا من 69 دولة ضمن تلك المبادرة.
وأثناء البرنامج رافق طهاة وخبراء أتراك في فن الطهو المتدربين، لإطلاع نظرائهم على تقاليد المطابخ في مدن إسطنبول (شمال غرب) وقونيا (وسط) وغازي عنتاب وشانلي أورفا (جنوب).

في غازي عنتاب، عرضت أمام الطهاة الأجانب طرق إعداد طبقي "البيران" و"اليوارلاما"، كما أُتيح لهم التعرف إلى المطابخ المحلية في قونيا وأورفا، وتضمن البرنامج أيضا ندوات قدمت وصفات محلية وتقنيات إعداد الأطباق الأناضولية، قبل أن تُعرض الأطباق المحضرة لتذوقها من قبل الضيوف.
واستضيف الطهاة المشاركون في البرنامج على موائد عائلات تركية في المدن التي زاروها، حيث اختبروا ثقافة المائدة التركية عن قرب، إلى جانب زيارتهم لمواقع مرتبطة بتراث المطبخ التركي ومشاركتهم في دروس تطبيقية.
تاريخ المطبخ التركي ممتد لألفي عام
وشهدت جولة إسطنبول تعريف الطهاة بثقافة المطبخ العثماني وقصة القهوة التركية، كما قدم رئيس مجلس إدارة شركة "قره كوي غُللو أوغلو" وصانع البقلاوة الشهير نادر غللو عرضا عمليا لطريقة إعداد البقلاوة.
إعلان
أما سلجوق قره قليج منسق أعمال المدرسة الصيفية للمطبخ التركي في معهد "يونس إمره"، فقال إن البرنامج "تضمن ندوة خاصة تناولت تاريخ المطبخ التركي الممتد لألفي عام".
وأوضح أن المشاركين تجولوا في أماكن شهيرة مخصصة للتعريف بثقافة المطبخ التركي.
وأضاف "بعد ندوة عن المائدة العثمانية، اصطحبنا الضيوف إلى قسم المطابخ في قصر توب كابي في إسطنبول. كان هدفنا تعريفهم بتفاصيل المطبخ التركي، من ترتيب المائدة إلى تنوع الأطباق".

وأشار قره قليج إلى أن البرنامج "يهدف كذلك إلى تطوير الحوار وتبادل الخبرات بين الطهاة الأتراك ونظرائهم الأجانب".
ومضى قائلا "اطلعنا مع الضيوف عمليا على كيفية تحضير البقلاوة وطريقة تناولها، لما تمثله من عنصر مهم في الترويج لتركيا".
وذكر أن "الغاية الأساسية من المدرسة الصيفية هي إبراز النماذج العريقة من مطبخنا، وربط الضيوف، لا سيما الخبراء منهم، ببعضهم بعضا".
أما صانع البقلاوة نادر غللو، فأعرب عن "سعادته بتقديم ثقافة البقلاوة للضيوف"، مؤكدا أن "مطبخ أي بلد هو جزء من ثقافته".
وتابع نادر غللو "أنا فنان وحِرَفي، وعندما أنقل هذه الثقافة العثمانية أشعر بمتعة كبيرة. يدرك الناس أصالة هذا الفن الذي ورثناه، كما يدركون أن البقلاوة فنٌ قائم بذاته".
نقل ثقافة المطبخ التركي
بدوره، قال الشيف الكندي أفي هولو، الذي يُدرس منذ 18 عاما في مدرسة فنون الطهو في بلاده، "عندما أعود إلى كندا، أود أن أعرّف طلابي بهذا المطبخ الغني".
وأضاف "لقد تعلمت الكثير عن أصالة المطبخ العثماني، واكتسبت خبرات مهمة من الطهاة المحترفين في تركيا".

من جانبها، أعربت الشيف الأذربيجانية آينور أحمدوفا القادمة من المملكة المتحدة عن "حبها الكبير للمطبخ التركي".
وقالت "أكثر ما يعجبني في هذا المطبخ هو الاعتماد الواسع على المكونات المحلية".
وختمت أحمدوفا "سأحمل ما تعلمته هنا إلى بريطانيا، ويجب على الجميع أن يتعرفوا على المطبخ التركي، ويتذوقوا أطعمته، وأن يطّلعوا على مخزونه الغني وأصالته".
0 تعليق