منذ عقود ومصر هي حجر الزاوية في معادلة الشرق الأوسط ليس فقط بحكم موقعها الجغرافي ولكن أيضًا بثقلها السياسي والعسكري والثقافي.
ومن هذا السياق مصر تقف لدولة الاحتلال علي مر التاريخ لكى تحافظ على حقوق الشعب الفلسطيني لذلك وقفت كحائط صد للكيان الصهيوني على مر الزمن و مصر هي الوسيط بين جميع الأطراف في اى تفاوضات بدافع ووعى أيضًا أن أمنها القومي يبدأ من أمن جوارها وأن أي انفجار في الأراضي الفلسطينية سرعان ما ينعكس على الأمن الإقليمي.
وذلك حتي شاهدنا في الأسابيع الأخيرة تصعيد إعلام دولة الاحتلال من نبرة خطاباته مستخدمًا لغة الاستعلاء والتهديد في محاولة لتبرير الاعتداءات على الشعب الفلسطيني وتصويرها على أنها “إجراءات دفاعية”هذه اللغة التي تتجاهل الحقائق التاريخية والقانونية ليست جديدة لكنها تأتي اليوم في ظل حرب مدمرة على غزة وحصار خانق، وتصعيد في الضفة الغربية، ما يجعلها أداة لتضليل الرأي العام العالمي، وكسب المزيد من الدعم الغربي، وعلى رأسه الدعم الأمريكي الذي يرى ولا يعلق.
وأرى لا يمكن الحديث عن الصراع العربي – ودولة الاحتلال دون الإشارة إلى الدور الأمريكي الذي يظل العامل الأكثر تأثيرًا في مسار الأحداث فالولايات المتحدة، الحليف الاستراتيجي لدولة الاحتلال تبني سياستها في المنطقة على مزيج من الاعتبارات الأمنية والمصالح الاقتصادية، والتنافس الجيوسياسي لان واشنطن ترى في أمن الاحتلال جزءًا من أمنها القومي وتبرر دعمه عسكريًا وسياسيًا تحت شعار “الاستقرار الإقليمي” رغم أن الواقع يثبت أن هذا الدعم كثيرًا ما يغذي الصراع بدلًا من التوصل للحل العادل والشامل للجميع.
وكذلك الشرق الأوسط يجب ان يأخذ في الاعتبار مخطط التقسيم أمام اعينة لأن كما نشهد يعيش اليوم واحدة من أكثر فتراته اضطرابًا منذ عقود حيث تتشابك الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية في مشهد معقد تتداخل فيه الأدوار الإقليمية والدولية وفي قلب هذه المعادلة تقف مصر كقوة إقليمية مركزية ، تتحمل مسؤولية الحفاظ على استقرار المنطقة بأكملها والدفاع عن ثوابتها التاريخية وعلى رأسها القضية الفلسطينية .
وهنا يجب أتحاد الموقف العربي للحفاظ على وحدة وسلامة الشرق الأوسط دون النظر إلي اى حسابات ومصالح شخصية لبعض الدول .
لأن في نفس الوقت لا يمكن تجاهل أن الولايات المتحدة تمتلك أدوات تأثير هائلة في الشرق الأوسط: من المساعدات الاقتصادية والعسكرية إلى النفوذ الدبلوماسي داخل المؤسسات الدولية أدي إلي ضعف الموقف العربي للمصالح الخاصة وذلك مخطط له منذ زمن بعيد .
أما بالنسبة للموقف المصري فالأمر يختلف لإن العلاقة مع واشنطن قائمة على إدراك واقعي لموازين القوى الدولية، مع السعي لاستخدام قنوات التعاون للدفاع عن المصالح الوطنية وشرح أن الاستقرار الحقيقي للمنطقة لن يتحقق إلا عبر حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية .
لذلك أرى مصر الدولة الوحيدة التي تدرك حتي اليوم أن الشرق الأوسط يمر بمنعطف تاريخي: فالتوترات في غزة، وتصاعد الصراع في الضفة، والملفات الساخنة في اليمن ولبنان وسوريا، جميعها تعيد تشكيل خريطة التحالفات والتهديدات وفي ظل هذه البيئة، يتطلب الموقف المصري الجمع بين الصلابة في الدفاع عن الحقوق العربية، والمرونة في إدارة العلاقات الدولية منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسى خاصة مع الولايات المتحدة بما يضمن عدم السماح بفرض حلول منقوصة أو تسويات قسرية .
0 تعليق