صالح سليم.. "المايسترو" الذي عزف ألحان المجد بين الملاعب والسينما - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

 

عندما يُذكر اسم صالح سليم، يتوقف الزمن قليلاً أمام سيرة رجل لم يكن مجرد لاعب كرة قدم، بل كان أيقونة متكاملة جمعت بين الموهبة الرياضية والهيبة الفنية.

هو اسم محفور في ذاكرة المصريين بكل فخر واعتزاز، ليس فقط كقائد للنادي الأهلي، بل كرمز للشخصية الوطنية التي لم تخضع يوماً للضوء، بل كان هو من يصنعه من حي الدقي انطلقت رحلته، ومن ملعب التتش بدأت قصة عشق جماهير لم تنتهِ حتى بعد رحيله.

النشأة والبدايات

وُلد صالح سليم في 11 سبتمبر عام 1930 وسط أسرة ميسورة الحال في حي الدقي بمحافظة الجيزة والده الدكتور محمد سليم كان من أبرز أطباء التخدير في مصر، بينما تنتمي والدته السيدة زينب الشرف إلى عائلة عريقة من أصول هاشمية.

في هذا المناخ المتوازن بين الثقافة والالتزام، بدأ صالح يكوّن شخصيته الفريدة التي تجمع بين الجدية والرقي.

منذ صغره، لفت الأنظار بموهبته الكروية، حيث التحق بمدرسة الأورمان ثم السعيدية الثانوية، وشارك في فرق المدارس إلى أن خطف أنظار النادي الأهلي، الذي انضم إليه ناشئًا عام 1944، وفي عمر السابعة عشرة فقط، صعد إلى الفريق الأول، ليفتتح مشوارًا كرويًا استثنائيًا.

الحياة العائلية

تزوج صالح سليم من السيدة زينب لطفي، التي كانت دائمًا داعمة له في كافة مراحل حياته. أنجب منها ولدين، لكلٍ منهما بصمة في مجاله: هشام سليم، الفنان الراحل الذي سلك طريق التمثيل، وشارك في عدد كبير من الأعمال السينمائية والتلفزيونية، وخالد سليم، رجل الأعمال المعروف المتزوج من النجمة الكبيرة يسرا.

رغم الأضواء المحيطة بالعائلة، إلا أن خصوصيتهم كانت دائمًا محفوظة، فصالح سليم ربّى أبناءه على التواضع والاحترام، وهي القيم التي انعكست على حياتهم الشخصية والمهنية، وقد ودّع الأبناء والدتهم السيدة زينب في أغسطس 2023، بعد سنوات من رحيل المايسترو.

من الملاعب إلى الشاشات

لم يكتفِي صالح سليم بالتألق في الملاعب، بل خاض تجربة فنية متميزة رغم قلتها، شارك في أفلامٍ عدّة في ستينيات القرن الماضي، أهمها فيلم "الشموع السوداء" إلى جانب المطربة نجاة الصغيرة، حيث قدّم شخصية معقدة باقتدار لافت.

كما ظهر في "الباب المفتوح" مع سيدة الشاشة فاتن حمامة، و"السبع بنات" مع نادية لطفي.

ورغم محدودية أعماله الفنية، إلا أن حضوره القوي أمام الكاميرا جعل منه ممثلًا يحظى بالاحترام، وترك بصمة واضحة أكدت أن الموهبة الحقيقية قادرة على التألق في أكثر من مجال.

أسطورة في الملاعب

على مدار سنواته داخل المستطيل الأخضر، سجل صالح سليم نفسه كأحد أعظم من ارتدوا قميص الأهلي، فقد حقق 11 لقبًا في بطولة الدوري الممتاز و8 ألقاب في كأس مصر، وسجل 101 هدف رسمي. 

ومن أشهر إنجازاته تسجيله سبعة أهداف كاملة في مباراة واحدة أمام نادي الإسماعيلي عام 1958، وهو رقم لم يتكرر حتى اليوم.

بعد اعتزاله اللعب في 1967، دخل المجال الإداري من أوسع أبوابه، وتولى رئاسة النادي الأهلي في فترتين متتاليتين، نجح خلالهما في تحويل النادي إلى مؤسسة رياضية نموذجية، تضع القيم قبل الألقاب، لكنها في الوقت نفسه لم تتوقف عن حصد البطولات.

الوداع الأخير

في السادس من مايو عام 2002، أسدل الستار على حياة المايسترو بعد صراع مرير مع مرض سرطان الكبد. 

توفي في العاصمة البريطانية لندن، لكن خبر وفاته خيّم على مصر كلها. فقد خسر الوطن رمزًا لم يتكرر، ومثالًا للقيادة والوفاء والكرامة.

لم يكن رحيل صالح سليم مجرد خبر حزين، بل كان لحظة تأمل في تاريخ رجل عاش نقيًا، ومات كبيرًا، ترك وراءه إرثًا من الإنجازات والاحترام، وأجيالًا من المحبين يروون قصته، جيلاً بعد جيل.
 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق