نشر جهاز الأمن الروسي، بمناسبة الذكرى الـ80 لسقوط الرايخ الألماني الثالث، معلومات جديدة عن واحدة من أكثر الحلقات التاريخية إثارة للجدل، مقدمة بذلك نسختها عن انتحار الزعيم الألماني أدولف هتلر.
وقالت صحيفة لوتان -في تقرير بقلم ألكسندر ليفي صوفيا- إن جهاز الأمن الفدرالي الروسي اختار، قبل أيام قليلة من احتفالات روسيا بالذكرى الـ80 للنصر على ألمانيا النازية، رفع السرية عن عناصر جديدة من الأجواء التي سادت في نهاية أبريل/نيسان 1945 في مخبأ الفوهرر، وكذلك عن انتحاره.
واستخرج عملاء جهاز الأمن الفدرالي الروسي يوم 30 أبريل/نيسان، بمناسبة وفاة الزعيم النازي، نحو 40 صفحة من أرشيفهم، تحمل ختم "سري للغاية" من قبل أسلافهم في جهاز الأمن السوفياتي، وقدموا تحت عنوان "الأيام الأخيرة للرايخ الثالث"، للمرة الأولى التحقيقات الأصلية مع اثنين من أقرب مساعدي هتلر، وهما كبير الخدم هاينز لينج ومساعده أوتو غونش.
ومع أن شهادات هذين الرجلين، اللذين نقلا إلى موسكو مع مسؤولين آخرين بعد إلقاء القبض عليهما، ليست جديدة بالنسبة للمؤرخين -كما تقول الصحيفة- فإنها ألقت الضوء على بعض العناصر غير المعروفة، وأظهرت هوس الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين بمعرفة أدق التفاصيل عما حدث لهتلر الذي كان يحلم بالقبض عليه حيا.
إعلان
شهادة رئيسية
وكانت شهادة الضابط هاينز لينج، الذي رافق الفوهرر وزوجته إيفا براون عن كثب خلال أيامهما الأخيرة في مخبأ المستشارية في برلين، هي الأكثر أهمية -حسب الصحيفة- إذ كان شاهدا على وداع هتلر لحراسه المقربين وكتابة وصيته، وهو الذي طلب منه هتلر التأكد من حرق جثته وجثة زوجته، حتى لا يتعرضا لما تعرض له نظيره الإيطالي بينيتو موسوليني وعشيقته، اللذين أعدما ثم تم عرض جثتيهما معلقتين من الأقدام في ميلانو.
وكان لينج، الذي سأله المحققون السوفييت عن تفاصيل حياة هتلر الخاصة، وعن عدد عشيقاته وهل كان مثليا، هو أول من اكتشف الزوجين في المخبأ بعد ظهر يوم 30 أبريل/نيسان 1945، وهما يجلسان جنبا إلى جنب على أريكة، وقد فارقا الحياة، مع آثار دماء على الأرض والجدار، وكأن هتلر أطلق النار على رأسه، في حين كانت في فم رفيقته قارورة من السيانيد، كما يزعم لينج.
وأخرج محققو جهاز الأمن الفدرالي، الذين شككوا في هذه النقطة، شهادة أخرى جمعها زملاؤهم السوفييت في اليوم التالي لسقوط برلين، وهي شهادة الجنرال يوهان راتنهوبر من قوات الأمن الخاصة النازية، وهو الذي كان مسؤولا عن حراسة الزعيم، والرئيس المطلق للأمن في المخبأ.
وقد قدم راتنهوبر نسخة عن انتحار الفوهرر مختلفة عن نسخة لينج، وقال لمحققي جهاز الأمن السوفياتي في 11 مايو/أيار إن "لينج هو من أطلق النار على هتلر"، موضحا أنه تلقى هذه المعلومات من لينج نفسه، فقال "اتصل بي لينج وأكد لي خبر وفاة هتلر، مضيفا أنه نفذ أصعب أمر في حياته"، إذ طلب منه هتلر أن يطلق عليه النار بمسدسه بعد دقائق قليلة من تناوله السيانيد.
ويؤكد جهاز الأمن الروسي اليوم أن "لينج أطلق النار على رأس هيتلر لجعل موته بطوليا"، وأن لينج ظل طوال التحقيق حريصا على تقديم سيده السابق على هذا الأساس، ولكن لجنة خاصة من أفضل الأطباء الشرعيين في الجيش الأحمر خلصت، بعد أسبوع من اكتشاف رفات هتلر المتفحمة في حدائق المستشارية، إلى أنه تعرض للتسمم، واستنتجت أن الوفاة كانت نتيجة التسمم بمركبات السيانيد"، كما جاء في تقريرها.
إعلان
الاحتفاظ بالسر الأخير حول وفاة هتلر
ومع كشفه عن هذه الوثائق الأخيرة، أشار جهاز الأمن الفدرالي الروسي إلى أن الباحث الفرنسي فيليب شارلييه تمكن من فحص عظم الفك عام 2017، وتأكد من انتمائه لهتلر 100%، ومن التسمم بالسيانيد.
ووصف هذا الطبيب الشرعي وعالم الآثار -في حديث للصحيفة- عملاء جهاز الأمن الفدرالي الروسي بأنهم ودودون ومنفتحون، وقال إنهم منحوه الحرية الكاملة في استنتاجاته، وأضاف "عدت من موسكو وأنا على يقين من أن هذه الأجزاء من عظام الفك كانت بالفعل تعود لهتلر، وأنه توفي عام 1945".
وتؤكد تحليلات هذا الطبيب -حسب الصحيفة- استنتاجات خبراء الطب الشرعي العسكري السوفياتي، وهو يشير إلى أن أرشيفات الدولة الروسية تحتوي على جزء من قلنسوة منسوبة لهتلر، وأن هناك ثقبا في الصدغ الأيسر يدعم رواية راتنهوبر عن رصاصة أطلقت بعد الوفاة.
وختمت الصحيفة بقول الطبيب الفرنسي "لا أستطيع أن أؤكد أو أنفي أن هذه جمجمة هتلر"، ولكن الروس يمكنهم بسهولة وضع حد للتكهنات من خلال مقارنة الحمض النووي للقطعتين اللتين بحوزتهم، ولكن الغريب أنهم بطيئون في القيام بذلك، ربما لمواصلة الاحتفاظ بالسر الأخير حول وفاة هتلر.
0 تعليق