من قوسايا والناعمة إلى صيدا .. لبنان والسلاح الفلسطيني بعد حرب الإسناد - الكويت الاخباري

0 تعليق ارسل طباعة

سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان شرعته اتفاقية القاهرة للعام 1969(الجزيرة)

سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان شرعته اتفاقية القاهرة للعام 1969(الجزيرة)

محمد داود العلي

15/5/2025

"تأتي هذه المهمات ضمن إطار حفظ الأمن، والاستقرار، وبسط سلطة الدولة، في مختلف المناطق #الجيش_اللبناني #LebaneseArmy".. تكررت هذه العبارة في ختام 3 تغريدات متتالية نشرها موقع الجيش اللبناني على منصة إكس في 21 و22 و23 ديسمبر/كانون الأول 2024، بعد سرد وقائع وضع وحداته العسكرية يدها على معسكرات ومقرات وأنفاق، احتفظ بها فصيلان فلسطينيان هما الجبهة الشعبية-القيادة العامة، وفتح الانتفاضة، لأكثر من 40 عاما، في مناطق ومنحدرات: السلطان يعقوب في البقاع الغربي، وحشمش بين بلدتَي قوسايا ودير الغزال في البقاع الأوسط، وحلوة في قضاء وراشيا، والناعم في قضاء الشوف.

رغم رتابة هذه اللازمة اللغوية، فإنها وثّقت أجرأ إجراء ميداني يقوم به الجيش لإغلاق ملف الوجود العسكري للفصائل الفلسطينية خارج نطاق مخيمات اللاجئين، ومنحته بكل وضوح، بُعدا سياديا، رغم الوضع الإقليمي الملتبس والمتداخل مع الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي شن حزب الله وحلفاؤه الفلسطينيون واللبنانيون في سياقها، هجمات على شمال إسرائيل، إسنادا لمقاومة القطاع الفلسطيني المحاصر.

داخلية فقط - حساب الجيش اللبناني على X -
تغريدة قيادة الجيش اللبناني عن تسلم أنفاق الناعمة( حساب الجيش اللبناني على X)

كان إقدام الجيش اللبناني على هذه الخطوة لافتا لجهة توقيتها، ومقاربتها ملفا طالما اتسم بالحساسية. فالوجود الفلسطيني المسلح كان مشرعا من الدولة اللبنانية منذ عام 1969 بموجب اتفاق القاهرة الموقع  بينها وبين منظمة التحرير الفلسطينية برعاية مصرية، علما بأن هذا الاتفاق -الذي سبق أن ألغاه المشرّعون اللبنانيون عام 1987 خلال حكم الرئيس أمين الجميل- حدد انتشار السلاح في منطقة العرقوب المحاذية للحدود الشمالية لإسرائيل، وفي مخيمات اللجوء المنتشرة في جنوب لبنان ووسطه وشماله.

أفضليات الانتشار

غير أن الاجتياحات والغارات الإسرائيلية المتكررة، التي استهدفت الفدائيين وحواضنهم الفلسطينية واللبنانية، وانتشار الجيش السوري في عدد من مناطق لبنان بعد العام 1976، أتاحا لبعض الفصائل المتحالفة مع دمشق، أفضليات في الانتشار العسكري، خصوصا في سهل البقاع الملاصق لحدود سوريا، والذي شهد جزؤه الجنوبي معارك طاحنة خلال الغزو الإسرائيلي في يونيو/حزيران 1982.

لكن حرب إسناد غزة التي انطلقت من مزارع شبعا، وطالت في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 شمال إسرائيل ووسطها، أعادت رسم المشهد الذي بقي ثابتا تقريبا، منذ انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في مايو/أيار 2000 بفعل مقاومة حزب الله، فنتائجها لم تطابق توقعات الفصائل الفلسطينية واللبنانية، التي جمعها ما كان يعرف باسم "محور المقاومة". فقد تعرض "محور المحور" حسب تعبير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أي حزب الله، إلى ضربات عسكرية واستخبارية أفقدته صفه القيادي الأول والثاني (ملصقات حزب الله نشرت صور 45 قائدا بين شهدائه)، إلى جانب سقوط أكثر من 4000 قتيل ونحو 17 ألف جريح، ونزوح نحو 1.4 مليون شخص، بعد اتساع رقعة الحرب لتشمل كل أرجاء لبنان. ولم تتوقف المعارك الطاحنة بين حزب الله وإسرائيل إلا في 27 نوفمبر/تشرين الأول 2024 بفضل هدنة مدتها 60 يوما، فاوض عليها رئيس البرلمان وحليف حزب الله، نبيه بري، ورعتها الولايات المتحدة وفرنسا.

Lebanon's Hezbollah leader Sheikh Naim Qassem delivers a speech from an unknown location, November 20, 2024 in this still image from video. REUTERS TV/Al Manar TV via REUTERS THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY
أمين عام حزب الله نعيم قاسم متحدثا وخلفه صورة تجمع سلفيه حسن نصر الله وهشام صفي الدين (رويترز)

بعد أيام من دخول هدنة لبنان وإسرائيل الجديدة حيز التنفيذ، تبخّر على غير توقع في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 أحد أركان "محور المقاومة". حصل ذلك جراء الانهيار السريع لنظام الرئيس بشار الأسد، الذي كان يمثل عمقا إقليميا للمحور، وممرا لإيصال الإمدادات والدعم اللوجستي القادم من حليفته الرئيسية إيران. وشجعت هذه التغييرات إسرائيل على التمادي في اعتداءاتها على سوريا ولبنان معا، بتدمير ما تبقى من قوة عسكرية وبنية تحتية نظامية للأولى، ومواظبة خرق الهدنة مع الثانية، بغارات جوية انتقائية، ورفض الانسحاب من خمسة مواقع سيطر جيشها عليها خلال القتال مع حزب الله في الجنوب بين شهري سبتمبر/أيلول ونوفمبر/ تشرين الثاني 2024.

نزع الغطاء

تزامنت هذه التطورات مع تغييرات في قمة الهرم السياسي اللبناني، حيث انتخب البرلمان قائد الجيش جوزيف عون رئيسا للبلاد في 9 يناير/كانون الثاني 2025، وكلف الأخير القاضي نواف سلام بتشكيل حكومة لا غلبة فيها لحزب الله وحلفائه، كما كان الحال في الحكومات المتعاقبة منذ عام 2008. وصادق البرلمان في 25 فبراير/شباط الماضي على بيان وزاري لحكومة سلام لا مكان فيه لشعار "الجيش والشعب والمقاومة" الذي كان يؤمن غطاء سياسيا لسلاح الحزب وحلفائه اللبنانيين والفلسطينيين، وبينهم حركتا حماس والجهاد الإسلامي، اللتان شاركتا في هجمات من جنوب لبنان على شمال إسرائيل، خلال حرب الإسناد.

وعن دلالات توقيت سيطرة الجيش اللبناني على مواقع الجبهة الشعبية-القيادة العامة، وهل له علاقة بالتزامات الدولة اللبنانية في سياق الهدنة، أو بانهيار النظام في دمشق المعروف برعايته للفصيلين الفلسطينيين، تحدث الخبير العسكري والاستراتيجي منير شحادة للجزيرة نت وقال إن هذين الفصيلين المنتشرين في عدة مواقع وسراديب ودهاليز في السلسلة الشرقية وفي البقاع الغربي وفي النعمة، كانا "مواليين للنظام السوري، فبعد سقوط النظام لم يعد هناك مبرر لبقائها في تلك المناطق".

D جندي لبناني أمام مدخل مقر الجبهة الشعبية - القيادة العامة في قوسايا - البقاع - حساب الجيش اللبناني على X -
جندي لبناني أمام مدخل مقر الجبهة الشعبية - القيادة العامة في قوسايا - البقاع( حساب الجيش اللبناني على X )

وكشف شحادة أن رفع الغطاء عن هذين الفصيلين تم "بالتنسيق مع الدولة السورية الجديدة، أو النظام السوري الجديد (...) كونهما كانا رديفين للجيش السوري ويعملان بتوجيهاته، وشكّلا على عهد نظامي بشار وحافظ الأسد حامية للخاصرة السورية". وقال "في الحقيقة لم تكن تلك المواقع مجرد مراكز، بل قواعد عسكرية أنشئت منذ عام 1982، إذ كانت في السابق بأيدي الأكراد (حزب العمال الكردستاني)، ثم استلمتها الجبهة الشعبية-القيادة العامة وفتح الانتفاضة."

نفق للجبهة الشعبية القيادة العامة في منطقة الناعمة - بمحافظة الشوف( حساب الجيش اللبناني على X)

نفق للجبهة الشعبية القيادة العامة في منطقة الناعمة - بمحافظة الشوف( حساب الجيش اللبناني على X)

مؤشر للمخيمات

ومضى شحادة قائلا إن "هذه الأنفاق والمراكز في السلسلة الشرقية تحولت إلى مسارات تهريب عبر فتحات تؤدي إلى الأراضي السورية، فكانت تستخدم في تهريب الأسلحة والسلع والبضائع، إلى أن سقط نظام بشار الأسد، فلم يعد هناك أي مبرر لبقاء تلك الفصائل الموالية له، وكان يجب تسليم هذه المراكز، وهذا ما حصل".

وخلص شحادة إلى أن "لبنان استغل الفرصة ليظهر للعالم أنه جاد في فرض سيطرة الدولة على كافة الأراضي اللبنانية، بدءا من هذه المراكز"، مشددا على أن "هذه الخطوة تعد مؤشرا موجها إلى المخيمات الفلسطينية بأن الدولة عندما تبدأ بحصر السلاح بيدها (...) فإن المخيمات المنتشرة من الجنوب إلى بيروت، وإلى البقاع والشمال، ستخضع أيضا لسلطة الدولة، وسينحصر السلاح بيد الدولة بمجرد اتخاذ قرار جدي بذلك".

B دورية للجيش اللبناني خلال عملية مداهمة في البداوي - طرابلس
دورية للجيش اللبناني خلال عملية مداهمة في البداوي - طرابلس( حساب الجيش اللبناني على منصة X )

بعد مرور 4 أشهر على وضع الجيش اللبناني يده على مواقع الجبهة الشعبية-القيادة العامة وفتح الانتفاضة في سهل البقاع، أعيد فتح ملف السلاح الفلسطيني، لكن في ظروف وملابسات مختلفة. ففي 22 مارس/آذار و28 من الشهر ذاته، أطلقت تباعا بضعة صواريخ من خراج بلدتَي كفرتبنيت وأرنون-النبطية، ومنطقة قعقعية الجسر-النبطية باتجاه المستوطنات الإسرائيلية الواقعة شمال فلسطين المحتلة. لكن لم تتبن أي جهة هاتين العمليتين، مما دفع صحيفة "النهار" إلى وصف الصواريخ المطلقة "باللقيطة".

بعد هاتين العمليتين تحرك الجيش في إطار ما وصفه الخبير منير شحادة "بعدم إعطاء إسرائيل أي ذريعة لاستكمال أو استئناف اعتداءاتها على لبنان". فأصدرت مديرية التوجيه فيه بيانا قالت فيه "صعّد العدو الإسرائيلي اعتداءاته على لبنان متذرعًا بإطلاق صاروخين من الأراضي اللبنانية نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة، فاستهدف مناطق مختلفة في الجنوب وصولًا إلى بيروت". وأضاف البيان أن الجيش "تمكن من تحديد موقع انطلاق الصواريخ في منطقة قعقعية الجسر-النبطية شمال نهر الليطاني، وباشر التحقيق لتحديد هوية مطلقيها".

مداهمات صيدا

أما التحرك الثاني فاتخذ طابعا ميدانيا، حيث قال بيان لقيادة الجيش في 16 أبريل/نيسان الماضي "نتيجة الرصد والمتابعة من قبل مديرية المخابرات في الجيش، والتحقيقات التي أجرتها المديرية والشرطة العسكرية، وبالتعاون مع المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام بشأن عمليتَي إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة (...) نُفذت عمليات دهم في عدة مناطق، وأوقف بنتيجتها عدد من أفراد المجموعة، وضبطت الآلية والأعتدة التي استُخدمت في العمليتين". وفي 17 أبريل/نيسان صدر بيان آخر جاء فيه "دهمت دورية من مديرية المخابرات منزل الفلسطيني (م.ذ.) في مدينة صيدا، حيث أوقفته وضبطت في حوزته كمية من الأسلحة والذخائر الحربية، بالإضافة إلى أعتدة عسكرية". ولم يذكر البيان الجهة التي ينتمي إليها الموقوفون.

President Joseph Aoun (R) chairs the first meeting of Lebanon's new government, along with Premier Nawaf Salam, at the Baabda presidential palace, east of Beirut, on February 11, 2025. The new government was formed on February 8, ending more than two years under a caretaker cabinet. Salam said his newly-formed cabinet will strive to be a
الرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام شاركا في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع (الفرنسية)

أما الاتجاه الثالث فاتخذ صورة اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع في 2 مايو/أيار 2025 برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس الوزراء نواف سلام ووزراء المالية ياسين جابر، والدفاع الوطني ميشال منسي، والاقتصاد والتجارة عامر البساط، والخارجية يوسف رجي، والعدل عادل نصار، والداخلية العميد أحمد الحجار، إضافة إلى قادة الأجهزة الأمنية والقضائية. وشدد الرئيس عون في ختام الاجتماع "على عدم التهاون تجاه تحويل لبنان إلى منصة لزعزعة الاستقرار، مع الأخذ في الحسبان أهمية القضية الفلسطينية، وعدم توريط لبنان بحروب هو في غنى عنها، وعدم تعريضه للخطر".

وأشار رئيس الوزراء من جهته إلى ضرورة "تسليم السلاح غير الشرعي، تطبيقاً لوثيقة الوفاق الوطني، وللبيان الوزاري للحكومة، وعدم السماح لحركة حماس أو غيرها من الفصائل، بزعزعة الاستقرار الأمني والقومي". وأوصى المجلس "بتحذير حركة حماس من استخدام الأراضي اللبنانية للقيام بأي أعمال تمس الأمن القومي اللبناني". وقال البيان الصادر عن الاجتماع إن المجلس الأعلى للدفاع أخذ "علماً بمباشرة الملاحقات القضائية، مطلع الأسبوع المقبل، بحق كل الموقوفين على ذمة التحقيق، في قضية إطلاق الصواريخ (...) وبملاحقة كل مَن يثبت تورطه في هذه القضية".

تسليم للمخابرات

ردُّ حركة حماس على مخرجات اجتماع المجلس الأعلى للدفاع لم يتأخر، فقد أفاد بيان للجيش في 4 مايو/أيار أن مديرية مخابراته تسلمت "من حركة حماس، الفلسطيني (م.غ) عند مدخل مخيم عين الحلوة/صيدا، وهو مشتبه بتورطه في عمليتي إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة بتاريخي 22 و28 مارس/آذار 2025". ثم أعلن في بيانات لاحقة تسلمه 3 آخرين كانوا متوارين داخل مخيمات اللاجئين.

أما ممثل حماس في لبنان أحمد عبد الهادي، فذكر في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية في 8 مايو/أيار أنّ "الحركة ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بصورة كاملة، وبقوانين البلاد وسيادتها وأمنها واستقرارها"، موضحاً أنّها "أبلغت كلّ الجهات الرسمية اللبنانية بذلك". وتحدث عن "لقاء بناء وإيجابي" جمعه بكل من مدير الأمن العام اللواء حسن شقير، ومدير المخابرات العميد الركن طوني قهوجي، وأشار إلى تبلّغ الحركة بقرار المجلس الأعلى. كما وصف عبد الهادي إطلاق الصواريخ بأنه "عمل فردي قام به عدد من الشباب، كردة فعل على حرب الإبادة والمجازر الإسرائيلية في غزة، بعد نقضه اتفاق وقف إطلاق النار". كما أكد أنّ حماس "لم تعلم مسبقاً بذلك، ولم تقرّر هذا الفعل".

C منصات صواريخ بدائية صادرها الجيش اللبناني في الجنوب - حساب الجيش اللبناني على X -
منصات صواريخ بدائية صادرها الجيش اللبناني في الجنوب ( حساب الجيش اللبناني على X )

اغتيال القادة

بموازاة ذلك، لم تتوقف إسرائيل عن استهداف قادة حماس الموجودين على أراضي لبنان، بغارات بالطائرات المسيرة، في تكرار لخروقها لوقف إطلاق النار التي بلغت -حسب إحصاء لوكالة الأناضول- 2774 خرقا منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 وحتى 5 مايو/أيار الماضي. ففي فجر 7 مايو/أيار 2025 اغتال صاروخ أطلقته مسيرة إسرائيلية خالد أحمد الأحمد، الملقب "فاروق"، الذي قال بيان لحركة حماس أعادت نشره وكالة الأناضول أنه يشغل منصب "مسؤول العمليات في القطاع الغربي بلبنان". وكانت إسرائيل قد اغتالت بطائرة مسيّرة، القيادي في كتائب القسام محمد شاهين، في 17 فبراير/شباط 2025 عند مدخل صيدا الشمالي، ثم القيادي القسامي حسن فرحات داخل شقته في حي الزهور المكتظ بالسكان في صيدا يوم 4 أبريل/نيسان، مما أدى إلى مقتله مع ولده وابنته.

حول الاعتبارات التي أملت تنصل قيادة حماس في لبنان من صواريخ كفرتبنيت وقعقعية في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يقول المحلل أحمد الحيلة للجزيرة نت "هناك ملاحظتان تتعلقان بسلوك حركة حماس في لبنان على وجه الخصوص: الأولى أن الحركة تعتمد في سياساتها عدم التدخل في شؤون الدول، وعدم استخدام أراضي الدول العربية في قصف إسرائيل المحتلة أو منطلقاً لعملياتها العسكرية، أي حصر ميدان المقاومة الخشنة داخل فلسطين".

حماس للجزيرة نت: بعد اغتيال شاهين المقاومة جاهزة لكل السيناريوهات
حطام السيارة التي قتل فيها القيادي في حماس محمد شاهين (الجزيرة)

ويضيف "الملاحظة الثانية أن استخدامها للأراضي اللبنانية بشكل يبدو مخالفاً لما سبق، ارتبط بموقف لبناني تمثّل في إسناد حزب الله والجماعة الإسلامية لغزة بالقوة العسكرية، بمعنى أنها تماهت مع موقف لبناني وانخرطت معه في الدفاع عن القطاع، واستهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي انطلاقاً من لبنان".

أما وقد توقفت الأطراف اللبنانية عن الإسناد العسكري -يتابع الحيلة- لأسباب داخلية وخارجية، فهذا يعني أن حماس في لبنان عادت للالتزام بسياساتها التي أشرت إليها في الملاحظة الأولى، وهي حصر المواجهة العسكرية المباشرة مع الاحتلال في فلسطين.

ويخلص المحلل أحمد الحيلة إلى القول إن "تفسير أسباب تسليم الحركة لبعض منتسبيها للدولة اللبنانية، ربّما يعود لمخالفة تلك العناصر لسياساتها المشار إليها آنفاً، والمرتبطة بتوقّف القصف من الأراضي اللبنانية بعد توقّف حزب الله والجماعة الإسلامية عن فعل ذلك، احتراماً للإرادة اللبنانية".

جدول محمود عباس

بعد نزول حماس عند إرادة الأجهزة الأمنية اللبنانية، وتسليمها عناصرها الأربعة المعنيين بواقعة الصواريخ، هل أقفل ملف السلاح الفلسطيني في لبنان؟ تقول تقديرات الخبير منير شحادة إن واقعة وضع اليد على مراكز الجبهة الشعبية-القيادة العامة "مؤشر" على سلاح مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما يؤكده موقع "ميدل إيست آي" ووكالة الصحافة الفرنسية، ويربطانه بجدول أعمال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس المرتقبة إلى لبنان في 21 مايو/أيار الجاري.

وفي تقرير نشرته في 6 مايو/أيار الماضي، نسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى مصدر حكومي لبناني قوله إن عباس سيزور البلاد ليبحث مع المسؤولين اللبنانيين "الانتقال إلى مرحلة عملانية لبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية ومن ضمنها المخيمات".

أما موقع "ميدل إيست آي" فقال في تقرير نشره يوم 4 مايو/أيار نقلا عن مصادر لبنانية وفلسطينية، إن عباس والحكومة اللبنانية سيعلنان خلال الزيارة "نزع سلاح فرع حركة فتح في لبنان، بالإضافة إلى فصائل فلسطينية أخرى متواجدة في مخيمات اللاجئين".

Palestinian Authority President Mahmoud Abbas speaks during the 32nd Palestinian Liberation Organization (PLO) Central Council session in Ramallah on April 23, 2025.
مصادر فلسطينية تؤكد موافقة عباس على نزع سلاح المخيمات (الفرنسية)

وأوضحت المصادر أن عباس وافق بالفعل على خطة لإزالة أسلحة فتح من المخيمات، كما سيدعو بشكل صريح الفصائل الفلسطينية الأخرى التي تحارب إسرائيل إلى إلقاء السلاح.

وفي حال رفض هذه المجموعات، ستُطلق عملية عسكرية تستهدف من يتحدى أوامر نزع السلاح الصادرة عن الدولة اللبنانية، وفقاً لما ذكرته المصادر.

وقال مصدر فلسطيني لموقع "ميدل إيست آي"، إن عباس يعتزم تشكيل لجنة أمنية مكلفة بالإشراف على عملية نزع السلاح ووضع جدول زمني واضح لتسليم الأسلحة. وفي حال عدم امتثال الفصائل لتوجيهات الدولة اللبنانية وقرارات عباس، ستفقد هذه الفصائل كل الدعم التنظيمي والسياسي، وستكون عرضة لنزع السلاح بالقوة.

التوقعات

في رده على سؤال عما إذا كان نزع السلاح الفلسطيني خارج مخيمات لبنان وداخلها يمكن أن يمنح الفلسطينيين -شعبا وحركات مقاومة- حصانة من الهجمات الإسرائيلية عليهم، يقول المحلل أحمد الحيلة للجزيرة نت إن "المتوقع أن يتم تسليم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وقد تم تسليم مواقع للدولة اللبنانية التابعة للجبهة الشعبية-القيادة العامة على سبيل المثال.

ويعزو الحيلة ذلك إلى عدة أسباب:

سقوط النظام السوري الذي كان يدعم بعض الفصائل الفلسطينية الصديقة له منذ زمن بعيد. تراجع حضور حزب الله السياسي والأمني داخل لبنان، نتيجةً لضربات الاحتلال الإسرائيلي لجسمه التنظيمي، واغتيال أعداد كبيرة من قياداته السياسية والعسكرية وفي مقدّمتهم الأمين العام للحزب حسن نصر الله. تفعيل الدولة اللبنانية لموقفها؛ بحصر قرار السلم والحرب بيدها، وسعيها لمعالجة كافة الظواهر العسكرية (المقاومة) وفقاً لهذه المعادلة.

داخلية فقط - حساب الجيش اللبناني على X -
تغريدة لقيادة الجيش اللبناني حول تسليم المشارك في إطلاق الصواريخ( حساب الجيش اللبناني على X )

ويضيف الحيلة "أما سلاح المخيمات الذي تحتفظ به بعض الفصائل دفاعاً عن المخيمات التي لطالما تعرّضت لاستهداف صهيوني مباشر عبر القصف أو الاغتيالات والعمليات الخاصّة، فإنه من الصعب على الفلسطيني إلقاء سلاحه فيها، لأنه يرى فيه أداة للدفاع عن النفس، في ظل رخاوة الوضع الأمني في لبنان، وخشية الفلسطينيين من مشاريع دولية لتصفية حقهم في العودة إلى ديارهم فلسطين التي هجّروا منها قسراً".

ويتوقع الحيلة إمكانية "إيجاد صيغة تفاهم مع الدولة اللبنانية، تتعلق بضبط السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، وفق نظرية الحماية الذاتية دون المساس بأمن الدولة اللبنانية واستقرارها".

فرصة للصحفيين الاستقصائيين

المصدر : الجزيرة

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق